يقولون أنّ الساعي الدائم الى الحب والسلام هو شخص لا يفعل أي شيء سوى تعذيب نفسه باستمرار ، أدركت أن هذه حقيقة ، تلك التساؤلات التي لا تنتهي عن ماهية ما يحدث في العالم ، لماذا ؟! .. سؤال طفولي جدا تبدو أي إجابة عليه ضحلة غير موفية ، لا سبب ، الأدهى أنه لا يوجد هناك سبب حقيقي واحد لكل ما يحدث ، شعور العجز أصبح جزءا منا في تلك اللحظة التي عجزنا فيها عن إجابة سؤال لماذا ! لم يعد يكفي أبدا أن نتظاهر بتجاهل ما يحدث ، لم يعد يكفي أن نظهر التعاطف ولا أن ندمع أو تنقبض صدورنا ، لم يعد يكفي أن نندد بما يحدث أو نجمع توقيعات خائبة لا معنى لها ولن تفعل أي شيء ، الجنون لايعرف التوقيعات ، لا يهتم بالسلام ومحبينه ، المجانين لا يعنيهم العقل ، و القاتلون اللذين خرجوا من حدود الإنسانية ثم أصبحوا بعدها أقل من الحيوانات لا يعنيهم الله .
هم الآن في مكان أفضل .. جملة لم تعد تخفف من وطأة الإحساس بالعجز و الإحساس الخانق بأن القيامة تأخرت إلى حد بعيد ، هو يوم موقوت عند الله ولكني يخيل إلي أن القيامة قد تجزأت إلى أجزاء صغيرة في العالم ، ربما لهذا سيعفيهم الله برحمته من فزع ذلك اليوم .
لا أعتقد أننا على الأرض ، ربما نحن على كوكب آخر ينتشي بالتخريب ويشرب دماء الأطفال و يمضغ القلوب كالعلكة و يتمدد على جثث الضحايا ، أنا الآن في أرض يموت فيها الأطفال بالغازات السامة بينما على الطرف الآخر من نفس الأرض يبتكرون العطور ويعبئونها ، يموت الناس من الجوع وعلى الطرف الآخر تلقى بواقي الموائد بما عليها من خيرات في القمامة ، تُهدم البيوت ويعيش الاجئون في الشارع و في مكان قريب جدا جدا تبنى أبراج معلقة في السماء ! ألا إن السماء غاضبة عليكم ، سحقا لكم ولأبراجكم ! ألا لعنة الله على الظالمين !
أنا لا أعرف ماذا أقول ولا أعرف ماهو دوري في كل هذا البؤس الذي أغرق العالم ، أنا آسفة لأن هذا الكلام لا جدوى منه ولا معنى له ، لأنه لن يكبر ويصبح سلاحا يُصب على رؤوس هؤلاء القتلة الفجرة ، آسفة لأني أعيش و أضحك و أتنفس الهواء هنا بينما الغازات السامة الخبيثة تنزع أرواحهم البريئة هناك ، أنا آسفة لأني لا أستطيع تحمل النظر إلى صورٍ هي في النهاية لن تنقل لو ذرة صغيرة من عذاب مر بها أصحابها بينما هم يعايشون كل شيء في كوكب الوحشية والسعار و الجنون الذي يعيشون به هناك ، آسفة لأني سأنهي هذا المقال ثم أذهب لآكل وأضحك وأتنفس وأعيش ، آسفة لأن الدموع ليست قنابل حارقة على جسد كل خنزير قاتل ، لأنها لا تحرق إلا قلبي في النهاية .
أيها الطيبون سامحونا حتى لو كنا لا نستحق السماح ، ربما يصبح العجز شفيعا لنا حين تسألنا أعينكم :
" أين كنتم حينما جُن العالَم ؟!"
-
آلاء عبد السلاميا قارئي لا ترج مني الهمس لا ترج الطرب .. هذا عذابي ، ضربة في الرمل طائشة وأخرى في السحب .. (محمود درويش)
التعليقات
تألقت ..و أبدعت
عجزنا الا ندافع عن الحق فاحبط الله اعمالنا
لعل الله يتوب علينا
مرضنا بسبب العجز الذي نعيشه ، وكرهنا حياتنا لانها آمنه بينما حياة اخوتنا الآخرين تشتعل جحيما، اعلم ان كل ذلك من صنع ايدي البشر ..ولكن الهي ارحمنا مما نحن فيه.
ابدعتي و اوجعتي و صدقت يا آلاء .
ليمنحنا الرب جميعاً السلام الداخلي و القوة للوقوف أمام مصائب هذا العالم الرهيب
سلم قلمك . احسنتي احسنتي احسنتي