حينما جُن العالَم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حينما جُن العالَم

  نشر في 05 أبريل 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

   يقولون أنّ الساعي الدائم الى الحب والسلام هو شخص لا يفعل أي شيء سوى تعذيب نفسه باستمرار ، أدركت أن هذه حقيقة ، تلك التساؤلات التي لا تنتهي عن ماهية ما يحدث في العالم ، لماذا ؟! .. سؤال طفولي جدا تبدو أي إجابة عليه ضحلة غير موفية ، لا سبب ، الأدهى أنه لا يوجد هناك سبب حقيقي واحد لكل ما يحدث ، شعور العجز أصبح جزءا منا في تلك اللحظة التي عجزنا فيها عن إجابة سؤال لماذا ! لم يعد يكفي أبدا أن نتظاهر بتجاهل ما يحدث ، لم يعد يكفي أن نظهر التعاطف ولا أن ندمع أو تنقبض صدورنا ، لم يعد يكفي أن نندد بما يحدث أو نجمع توقيعات خائبة لا معنى لها ولن تفعل أي شيء ، الجنون لايعرف التوقيعات ، لا يهتم بالسلام ومحبينه ، المجانين لا يعنيهم العقل ، و القاتلون اللذين خرجوا من حدود الإنسانية ثم أصبحوا بعدها أقل من الحيوانات لا يعنيهم الله .

هم الآن في مكان أفضل .. جملة لم تعد تخفف من وطأة الإحساس بالعجز و الإحساس الخانق بأن القيامة تأخرت إلى حد بعيد ، هو يوم موقوت عند الله ولكني يخيل إلي أن القيامة قد تجزأت إلى أجزاء صغيرة في العالم ، ربما لهذا سيعفيهم الله برحمته من فزع ذلك اليوم .

لا أعتقد أننا على الأرض ، ربما نحن على كوكب آخر ينتشي بالتخريب ويشرب دماء الأطفال و يمضغ القلوب كالعلكة و يتمدد على جثث الضحايا ، أنا الآن في أرض يموت فيها الأطفال بالغازات السامة بينما على الطرف الآخر من نفس الأرض يبتكرون العطور ويعبئونها ، يموت الناس من الجوع وعلى الطرف الآخر تلقى بواقي الموائد بما عليها من خيرات في القمامة ، تُهدم البيوت ويعيش الاجئون في الشارع و في مكان قريب جدا جدا تبنى أبراج معلقة في السماء ! ألا إن السماء غاضبة عليكم ، سحقا لكم ولأبراجكم ! ألا لعنة الله على الظالمين !

أنا لا أعرف ماذا أقول ولا أعرف ماهو دوري في كل هذا البؤس الذي أغرق العالم ، أنا آسفة لأن هذا الكلام لا جدوى منه ولا معنى له ، لأنه لن يكبر ويصبح سلاحا يُصب على رؤوس هؤلاء القتلة الفجرة ، آسفة لأني أعيش و أضحك و أتنفس الهواء هنا بينما الغازات السامة الخبيثة تنزع أرواحهم البريئة هناك ، أنا آسفة لأني لا أستطيع تحمل النظر إلى صورٍ هي في النهاية لن تنقل لو ذرة صغيرة من عذاب مر بها أصحابها بينما هم يعايشون كل شيء في كوكب الوحشية والسعار و الجنون الذي يعيشون به هناك ، آسفة لأني سأنهي هذا المقال ثم أذهب لآكل وأضحك وأتنفس وأعيش ، آسفة لأن الدموع ليست قنابل حارقة على جسد كل خنزير قاتل ، لأنها لا تحرق إلا قلبي في النهاية .

أيها الطيبون سامحونا حتى لو كنا لا نستحق السماح ، ربما يصبح العجز شفيعا لنا حين تسألنا أعينكم : 

" أين كنتم حينما جُن العالَم ؟!" 


  • 32

  • آلاء عبد السلام
    يا قارئي لا ترج مني الهمس لا ترج الطرب .. هذا عذابي ، ضربة في الرمل طائشة وأخرى في السحب .. (محمود درويش)
   نشر في 05 أبريل 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

غزالة منذ 5 سنة
واقع مؤلم جدا السكوت يجعلنا اسواء الكلام يخفف عنا حد المعانه اجدتي وابدعتي
1
ابدعت
1
احسنتِ واجدتِ كلامٌ راقي في الحقيقة اعلم شعور الطيب الذي يظلم و الشخص الطيب أحيانا يقود نفسه نحو الظلام لكن في الحقيقة لاضير في ذلك لان الله سبحانه لايجعل النور في دربه فحسب بل سيجعل ذلك الشخص شمساً لاتعرف معنى الغروب ... تحياتي وتقديري لكم
1
>>>> منذ 5 سنة
مقال جميل يلامس الواقع المعاش. دام قلمك.
1
لا اجد حقا كلمات تستطيع التعبير عن جمال كتاباتك ...ابدعت حقا في وصفك للاحداث ..... صرخة من الاعماق ..
تألقت ..و أبدعت
0
آلاء عبد السلام
الف شكر لذوقك
عجزنا الا ننصر الله فخذلنا
عجزنا الا ندافع عن الحق فاحبط الله اعمالنا
لعل الله يتوب علينا
2
" منذ 6 سنة
مبدعة يا آلاء،أين كنت من كتاباتك؟..لا تغيبي أختي،في انتظار جديدك
3
آلاء عبد السلام
حبيبتي ان شاء الله سأعود للكتابة ، الف الف شكر لتشجيعك
( تُهدم البيوت ويعيش الاجئون في الشارع و في مكان قريب جدا جدا تبنى أبراج معلقة في السماء ! ألا إن السماء غاضبة عليكم ، سحقا لكم ولأبراجكم ! ألا لعنة الله على الظالمين ! ) ,,, لقد وصلتهم رائحة الدخان و الغاز القاتل الى اْسرتهم حيث ينامون ,,, و من ارضهم و من فوقهم تنطلق و تمر الطائرات التي تحمل الموت للاطفال و النساء و الشيوخ ,,, ثم يذهبون للصلاة بالبيت العتيق و يحجون اليه ,,, انها حقا لماْساة اصبحنا عليها بسبب الملوك و السلاطين و الزعماء الخالدين ,,, لقد حالوا الامة الى خراب و دمار بفساد عقولهم ,,, ستصبح كلماتكي سيدتي يوما املا للمحرومين و بطاقة عفو منهم لنا نحن المقصرين ,,,
2
آلاء عبد السلام
حسبنا الله في كل حاكم ظالم متغافل متجاهل لأحوال الناس و لعنة الله على كل قاتل متجبر .. ونصر الله المستضعفين في كل مكان على الأرض ..
أتمنى لو استطاعت كلماتي إحياء أي أمل في قلب يائس مظلوم ولكنها زاد قليل وربما هذا أضعف الإيمان ..
شكرا لك ولتعليقك و تسعدني بمرورك دائما :)
karim banja منذ 7 سنة
العالم يعيش في ضلام
1
karim banja منذ 7 سنة
احسنتي
1
كل هذه تجعلني افكر في أمرين : في أن أكون واحده من هؤلاء و اموت ويرتاح ضميري هذا، او ان اصبح سفاح مثل لعبة الاساسن ويقتل كل فاسد و ظالم في الخفاء ولا يهمه مجد شخصي او غنيمة يكسبها ..
مرضنا بسبب العجز الذي نعيشه ، وكرهنا حياتنا لانها آمنه بينما حياة اخوتنا الآخرين تشتعل جحيما، اعلم ان كل ذلك من صنع ايدي البشر ..ولكن الهي ارحمنا مما نحن فيه.
ابدعتي و اوجعتي و صدقت يا آلاء .
ليمنحنا الرب جميعاً السلام الداخلي و القوة للوقوف أمام مصائب هذا العالم الرهيب
3
آلاء عبد السلام
وأبدعتِ و وجعتِ و صدقتِ أيضا هديل .. ربنا يرزقنا اليوم الذي نتحرر فيه من العجز ويعيننا أن نساعد إخوتنا المظلومين لو بأقل شيء ..
شكرا جزيلا لكِ :)
Heba_Alaqlany منذ 7 سنة
ماكل هذا الغضب ، ارى نار الالم تستعر بين حروفك
سلم قلمك . احسنتي احسنتي احسنتي
2
آلاء عبد السلام
كلنا بداخلنا هذا الغضب الذي لن يهدأ الا بالقضاء على هذا السعار واستعادة الأرض ..
شكرا لكِ هبة :)
كانكِ تتكلمين عن ماعجزت في التعبير .احسنتِ
2
NoRan Abd El SaLaM منذ 7 سنة
قمتِ بالتعبير عن المأساة العربية والعالمية الحالية بأسلوب رائع بديع وقد بدا لي كأنني أسمع الصراخ ينبعث من بين السطور .. وأدعو الله أن يغيثهم في مأساتهم وأنه يعيننا في عجزنا .. شكرا لكِ !
1
نور منذ 7 سنة
رااائع.
سلمت أناملك
2
جميل
1
الحقيقة انهم يعانون و لا معنى لاي شئ اخر..دمت
1
آلاء عبد السلام
لهم الله ✋
العربي
مقال محكم عرى انسانيتنا من الغريب ان يسمى الانسان انسانا ولا انسانية فيه نحن نبحث عن معنى للانسانية ونحن الانسان ...

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا