إيران والقضية الفلسطينية: ما بين الأيديولوجيا والمصلحة الوطنية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

إيران والقضية الفلسطينية: ما بين الأيديولوجيا والمصلحة الوطنية

  نشر في 22 أكتوبر 2022  وآخر تعديل بتاريخ 06 نونبر 2022 .

Name: Aisha Salah Mohammed

Supervisor: Dr. Muhammad Fawzi Ali

Faculty of Arts ASU

بسم الله الرحمن الرحيم 

المقدمة

ما بين ثوابت الثورة الأيديولوجية والمصلحة الوطنية الإيرانيتين، تقوم هذه الدراسة على فرضيتين أساسيتين: الأولى أن الدعم الإيراني للقضية الفلسطينية يأتي بما يتفق مع مصالحها القومية، وحين يحدث تعارض بين الأيديولوجيا والمصلحة، فإن الأولوية تُعطى للمصلحة الإيرانية. والثانية أن الدعم الإيراني يغلب عليه البعد الخطابي، ودعم حركات معينة داخل الساحات الفلسطينية ضمن اشتراطات سياسية.


الموقف الإيراني من قيام إسرائيل:

انطلق الموقف الإيراني من المسألة الإسرائيلية في عهد الشاه محمد رضا البهلوي، الذي حكم إيران بين عامي 1941- 1979، من متغيرين أساسيين: الأول؛ دخول النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية مرحلة جديدة عرفت باسم “الحرب الباردة”، حيث كان تَقبّل إسرائيل كجزء من الاستقطاب العالمي بين معسكرين غربي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، وشرقي شيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي. والثاني؛ تمثل في نظرية “الأطراف” التي صاغها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، ديفيد بن غوريون، والقائمة على تعزيز إسرائيل علاقاتها مع الدول المحيطة بالعالم العربي كإيران وتركيا. وعلى مستوى إيران، كان الدافع الرئيسي لتقارب النظام السياسي مع إسرائيل في ذلك الوقت هو التهديد السوفيتي-العراقي، المدعوم بأيديولوجيا القومية العربية ومركزها القاهرة آنذاك.

شكلت تلك العلاقة الثنائية تحالفا جديدا يقوم على مبدأ توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط بهدف تشتيت القوى العربية، لكن النكسة عام 1967 أدت إلى اختلال موازين القوى في المنطقة لصالح إسرائيل، الأمر الذي أعطاها قوة أكثر بكثير مما كانت عليه قبل الحرب، إذ كان الثقل الإسرائيلي قبل الهزيمة العربية يوازي ثقل إيران في المنطقة.

ولذلك ندد الشاه بالاحتلال الصهيوني للأراضي العربية، وهو موقف تبنته كثير من دول العالم ممن كانت تؤيد إسرائيل قبل الحرب، ربما حفز رجحان الكفة لصالح إسرائيل بشكل كبير في المنطقة وصعودها على حساب دول إقليمية أخرى، منها إيران، ردة الفعل الإيرانية هذه. إلا أن السياسات الإيرانية ظلت تتراوح بين التنديد بالاحتلال “الإسرائيلي”، مقابل استمرار تطبيع العلاقات الاقتصادية وتزويد الدول الغربية وإسرائيل بالنفط.

اتسمت هذه الفترة باستمرار وجود فجوة بين الموقفين الرسمي والشعبي في إيران، فالحكومة في طهران وعلى الرغم من حدوث تغيرات تدريجية في موقفها إزاء القضية الفلسطينية، منها تأييدها لقرار الأمم المتحدة (3210) الذي ينص على قبول المنظمة كعضو مراقب عام 1974، إلا أنها بقيت على ذات محدداتها الاستراتيجية كرفض الشاه فتح مكتبا للمنظمة في طهران واستمرار تزويده للغرب بالنفط. أما الموقف الشعبي، فكان واضحا بإيمانه بعدالة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وهو ما ستعلنه الثورة الإيرانية عام 1979 كأحد مبرراتها.

قبل الثورة وما بعدها:

قبل الثورة الإيرانية في عام 1979م، كانت العلاقات الإيرانية الإسرائيلية جيدة للغاية، واستمرت العلاقة الودية لثلاثين عاما. فكانت طهران تستورد الأسلحة من تل أبيب بينما كانت الأخيرة تعتمد على استيراد النفط الإيراني. وتزايدت المصالح المتبادلة بين البلدين في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي حتى أن المثقفين والسياسيين الإيرانيين ظهر أغلبهم بمظهر الداعم لهذه الدولة حديثة النشأة. نرى ذلك بوضوح في كتاب “السفر الى ولاية عزرائيل” للكاتب الإيراني البارز، جلال آل أحمد، الذي يصف في هذا الكتاب شكل الحياة في إسرائيل من خلال رحلة في عام 1963، وكيف أن إسرائيل دولة حديثة غير عربية في الشرق الاوسط الذي يحكمه عدد من المشايخ الدكتاتوريين، بحسب تعبيره. ذهب العديد من المثقفين الإيرانيين إلى التعبير عن افتتانهم بالتجربة الإسرائيلية الحديثة، متسائلين عن إمكانية أن تساعد العلاقة الجيدة بين إيران وإسرائيل على نهضة بلادهم.

لكن هذا الافتتان بالدولة الإسرائيلية بدأ بالتلاشي مع حرب الأيام الستة العربية-الإسرائيلية عام 1967، خاصة مع تزايد القطاعات المعارضة للشاه وارتفاع أصوات رجال الدين المعارضين لحكمه وعلاقاته مع الغرب. ووصل العداء الإيراني لإسرائيل إلى ذروته مع نجاح الثورة الإيرانية والإطاحة بالنظام الملكي وسيطرة رجال الدين على الحكم في البلاد.

مع تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران ونشأة نظام إسلامي بدأت معاداة إسرائيل تزداد. أعلنت طهران عن دعم حركات المقاومة الفلسطينية علنا من قبل قادة الجمهورية الإسلامية الحديثة. حينها، وفي عام 1979، كان الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، أول رئيس دولة أجنبي يزور إيران بعد نجاح الثورة وإعلان الجمهورية الإسلامية. وقتئذ، أعلن آية الله روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، دعم بلاده الكامل للقضية الفلسطينية والفلسطينيين في نضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتم تسليم مبنى السفارة الاسرائيلية في طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية التي انتشرت مكاتبها في أغلب المحافظات الإيرانية.

ذروة الحماس الثوري ساعدت الأيديولوجية الإيرانية الجديدة ودعمها للنضال الفلسطيني على الانتشار بين الإيرانيين الرافضين للولايات المتحدة وصديقتها إسرائيل، كما كانت الحركات اليسارية الإيرانية الداعمة للقضية الفلسطينية في أوجّ نشاطها بعد الثورة بسنوات قليلة. لذلك استطاعت الجمهورية الإسلامية الوليدة تحديد “معاداة إسرائيل” كأحد المبادئ الأساسية لسياستها الدولية، وساندها معظم الشعب الإيراني في ذلك.

ما بين الأيديولوجيا وثوابت الثورة:

نجحت الثورة الإيرانية في الحصول على التأييد الشعبي والرسمي الفلسطيني، إذ أيد رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الراحل ياسر عرفات هذه الثورة، فبعد أسبوع واحد من انتصارها حطت طائرة عرفات في مطار طهران كأول زعيم عربي يصل إيران للتهنئة بنجاح الثورة، مُصرحا فور وصوله: “هل من أحد يصدق ما يحصل؟ الثورة الفلسطينية موجودة في إيران؟ رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن قال اليوم لقد بدأ عصر الظلمات بالنسبة لإسرائيل”.

بدأت العلاقة بالتراجع بعد أقل من عام نتيجة خلافات عديدة، أبرزها “التوتر الأيديولوجي” بين المنهج الثوري الإسلامي الذي تتبناه إيران القائم على “أسلمة” الصراع العربي-الإسرائيلي، وبين المنظور العلماني الذي تنطلق منه المنظمة، إذ أصر القادة الإيرانيون وعلى رأسهم الخميني على ضرورة تبني المنظمة الإسلام كقاعدة للعمل عبر إعلان “إسلامية الثورة الفلسطينية”، إلا أن رفض عرفات وتأكيده على خيار استقلالية القرار الوطني قطع الطريق أمام تطور العلاقة بين الطرفين.

حاول ياسر عرفات وقف حرب الخليج الأولى عام 1980 التي اندلعت بين العراق وإيران عبر لعب دور الوسيط، ما أدى لحدوث توتر في العلاقات بين المنظمة وإيران، إذ اعتبرت طهران أن عرفات سبب حرجا للنظام الإيراني المساند للقضية الفلسطينية، وكان المطلوب تأييدا فلسطينيا قاطعا لإيران، عدا عن طلب الأخيرة من المنظمة قطع علاقتها بدول الخليج العربي، وتعمق هذا التنافر بتقارب القيادة الفلسطينية من القيادة العراقية آنذاك.

في أثناء الحرب العراقية الإيرانية، بدا أن المصالح تطغى على المبادئ، فعدا عن اتضاح أن شرط دعم الفلسطينيين هو تبني مواقف طهران السياسية، تم كشف اتفاق سري بين واشنطن وطهران تم بموجبه بيع أسلحة لإيران عبر قناة إسرائيلية على الرغم من حظر الكونغرس بيع الأسلحة لإيران، وظهرت هذه الفضيحة السياسية إلى العلن وعرفت بــ ”إيران غيت” في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وفي سياق صفقة استهدف الجانب الأميركي منها إطلاق رهائن محتجزين في إيران.

أدى تهميش حكومة طهران في مؤتمر مدريد لعام 1991 وتبني المنظمة خيار المفاوضات طريقا لتسوية الصراع منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 إلى استمرار تراجع علاقة إيران مع المنظمة.

وفي ظل سياسات إسرائيل التي استمرت بالاستيطان وسمحت بتصاعد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، وهي سياسات ولدت مجزرة الحرم الإبراهيمي، في الخليل عام 1994، ثم اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحق رابين، في نوفمبر 1995 من قبل الإسرائيليين رافضين لاتفاق السلام، وجدت طهران مساحة لدعم التيارات المناهضة للتسوية السياسية وساندت العمليات الاستشهادية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال حركتي المقاومة الفلسطينيتين “الجهاد الإسلامي" و”حماس”، وأصبحت طهران الظهير الرئيسي لحركتي المقاومة الإسلاميتين.

علاقة إيران بحركات المقاومة الإسلامية:

برزت حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين نهاية ثمانينيات القرن الماضي، عقب خروج أكبر دولة عربية من الصراع العربي– الإسرائيلي وتوقيع اتفاق كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب، وشن إسرائيل حربا شاملة على لبنان عام 1982 أدت لاحتلال العاصمة بيروت وإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان.

بدأت علاقة إيران تتبلور مع الحركات الإسلامية في فلسطين مع تراجع علاقة طهران بالمنظمة، فاستقبل الخميني عام 1988 في طهران زعيم حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين فتحي الشقاقي. وأخذت علاقة إيران بحركة المقاومة الإسلامية “حماس” تتبلور بعد عامين من نشوء الأخيرة أي عام 1990، وهو العام الذي عقدت فيه طهران مؤتمرا لدعم الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت عام 1987، كما دشنت إيران مكتبا سياسيا لحماس في طهران عام 1991، وذلك بناءً على طلب حماس خلال المؤتمر الثاني لدعم الانتفاضة بوجود تمثيل سياسي لها في طهران. ورأت حماس في حكومة طهران حليفا استراتيجيا، بينما أرادت الأخيرة رؤية الحركة على أنها الممثل عن الشعب الفلسطيني.

المتغيرات والواقع ما بين عامي 1994-2006:

تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو عام 1994، ورفضت إيران هذا الاتفاق ودعمت الحركات المناهضة له، وأدى فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006 وتشكيلها حكومة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى تطور علاقة حماس وإيران، ووفرت حكومة طهران دعما عسكريا لحماس لتصبح الأخيرة ثاني أكبر حزب يتلقى دعما إيرانيا بعد حزب الله.

ترى إيران في دعمها لفصائل المقاومة الفلسطينية نقطة ارتكاز أساسية تنطلق منها لدعم سياساتها الإقليمية، وذلك من خلال كسب تأييد الشارع العربي لها وتعزيز فرص تغلغلها الإقليمي. حاولت طهران بدايةً فرض هذا المحدد السياسي في علاقتها مع منظمة التحرير، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، ولكنها رفضت قبول القرار الوطني الفلسطيني المستقل، واتجهت نحو تعزيز علاقاتها مع فصائل فلسطينية أخرى إسلامية الأيديولوجيا.

كشف العديد من المسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى عن معلومات حول تقديم إيران مساعدات للولايات المتحدة الأميركية، في حربها على العراق عام 2003. يقول النائب السابق للرئيس الإيراني محمد علي أبطحي في كلمته أمام مؤتمر “الخليج والتحديات”: “لولا الدور الإيراني المتعاون لما تمكنت أمريكا من إسقاط كابول وبغداد”. وهذا ما أعاد تأكيده “هاشمي رفسنجاني” عام 2005 خلال حملته الانتخابية. وعلى الرغم من رفع الخميني في وقت سابق شعار “الطريق إلى القدس يمر ببغداد”، إلا أن سقوط العاصمة العراقية لم يدفع القوات الإيرانية نحو القدس لتحريرها.

تعايشت إيران مع غزو الولايات المتحدة للعراق، وحدث نوع من التقاسم الضمني للأدوار، أو ما يمكن وصفه بالتعايش الميداني بين الدولتين في العراق، حيث تواجدتا في ذات الوقت، وتقاسمتا النفوذ والمصالح بشكل يخالف شعارات الثورة التي تؤكد على معاداة الإمبريالية والدول الغربية، ومنها الشعار الشهير “الموت لأمريكا”، ولا يمكن إلا ربط هذا التعايش في العراق، مع محطات سابقة مثل صفقة أسلحة “إيران غيت” سالفة الذكر.

كونت إيران وسوريا والعراق وحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين، محورا سماه أصحابه اسم “محور المقاومة” الذي عزز التخوف عند دول في المنطقة من التمدد الإيراني، وزاد حضور مسألة الخلاف السني-الشيعي في المنطقة، وأصبحت إيران تمثل لعدد من الدول الخطر الأساسي والأولوية على حساب القضية الفلسطينية.

المتغيرات والواقع ما بين عامي 2008-2018:

رسميا لم تنقطع العلاقة بين قيادة منظمة التحرير وإيران، وتعددت الزيارات الفلسطينية الرسمية لطهران، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، زيارة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني لطهران عام 2015، التي وصفها مجدلاني بالمهمة كونها تعمل على استرجاع العلاقة الثنائية التي سادها التوتر لفترة طويلة، إذ قال: “هذه الزيارة هامة في ضوء التغيرات في المنطقة، وفي ظل توقيع الاتفاق بين إيران والدول الكبرى فيما يتعلق بالملف النووي”، مؤكدا أن الاتفاق من شأنه إعادة الاهتمام بالقضية الفلسطينية من خلال ضمان الاستقرار والأمن بالمنطقة.

وخلال لقائه صحفيين بولنديين في رام الله في العام 2015، أشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وجود زيارة قريبة لطهران: “هناك زيارة لطهران، ولكن لم يحدد وقتها بعد، ولم يتم الاتفاق مع الجانب الإيراني على موعد رسمي لهذه الزيارة”.

إلا أن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية حسين شيخ الإسلام نفى لصحيفة الرسالة التابعة لحركة “حماس” وجود أي تقارب إيراني مع السلطة الفلسطينية، إذ قال: “هم طلبوا زيارة إيران أكثر من مرة ونحن رفضنا ولم نقبل حتى هذه اللحظة. مؤخرا أعادوا الطلب ولم نرد عليهم بشكل إيجابي.. وإيران حريصة على دعم خط المقاومة والمقاومين”.

هذا التصريح يدلل على أن إيران تفضل التعامل مع الجانب الفلسطيني من خلال فصائل المقاومة الإسلامية وليست من أولوياته إنهاء الانقسام، وأنها تفضل العمل عبر قنوات غير رسمية لا عبر علاقة مباشرة مع منظمة التحرير، وهذا ما أكده الأكاديمي والوزير الفلسطيني السابق د. غسان الخطيب بقوله: “الإيرانيون اتخذوا هذا الخط العدواني ضد السلطة الفلسطينية طوال الوقت، وهم يدعمون حماس، خصم السلطة الفلسطينية”.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، السفير الفلسطيني السابق في طهران عباس زكي، الذي زار طهران إلى جانب وفد مكون من فصائل فلسطينية مختلفة للمشاركة في إحياء ذكرى الثورة الإسلامية السابعة والثلاثين في منتصف عام 2016، إن إيران تعد آلية دعم مالي لفلسطين، لكن مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين شيخ الإسلام صرح بأن إيران ستعمل على إدخال الأموال بطريقتها الخاصة إلى غزة، وقال: “التجارب أثبتت أن السلطة غير أمينة”، لذلك فإن طهران ستدخل الأموال بطريقتها الخاصة، ورفضت القيادة الفلسطينية هذا الموقف، إذ أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن طهران خلال السنوات الماضية تدعم فصيلا على حساب الشعب الفلسطيني، وأنها لا تقدم أي شيء بطريقة رسمية تخدم الشعب ككل.

وصرح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية “نبيل أبو ردينة” أنه كان من الأجدر أن ترسل طهران تلك الأموال بطريقة رسمية عوضا عن لجوئها إلى استخدام طرق ملتوية، واصفا تلك الطرق “بأنها غير مقبولة ومرفوضة وهي ليست تجاوزا للشرعية الفلسطينية فقط، بل تعتبر خرقا لكل القوانين بما فيها القانون الدولي، وتدخّل مرفوض في الشؤون الداخلية الفلسطينية والعربية.

وفي وقت سابق عام 2010 قال الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد: "إن حماس هي الممثل الحقيقي للشعب الفلسطيني، وإن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لن تنجح"، ما يعني أن الدور الإيراني في أية مصالحة لن يكون إلا في صالح تعزيز الانقسام، وهذا ما تجلى في رفضه الاعتراف بشرعية الجانب الرسمي ألا وهو السلطة الفلسطينية، وهذا ما عبر عنه الناطق باسم حركة فتح أسامة القواسمي: “إن إيران تسعى إلى تقسيم فلسطين، لإشعال حروب أهلية في المناطق العربية”.

يتضح مما سبق أن إيران تجد في الانقسام الفلسطيني أحد العوامل المدعمة للمصالح الإيرانية الإقليمية التي تمكن طهران من إيجاد حلفاء في الساحة الفلسطينية، لأهداف إقليمية.

الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2009:

لطالما كانت القضية الفلسطينية في معزل عن الجدل السياسي الداخلي الإيراني، ولا سيما في أيّة انتخابات، لاعتبارها خطا أحمرا لا يجب تجاوزه، إلا أن الانتخابات الرئاسية لعام 2009 شكلت نقطة مفصلية أمام هذه المعادلة، لا سيّما بعد فوز محمود أحمدي نجاد في الانتخابات واتهام وزارة الداخلية بتزوير النتائج لصالحه، ما دفع القوى المعارضة لحث جماهيرها على التظاهر، حيث رفع المتظاهرون شعار “أين صوتي؟”، لتدخل القضية الفلسطينية في صلب الأزمة الداخلية الإيرانية حين هتف الناس في الشوارع “لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران!”. إن رفع مثل هذا الشعار يعكس من جهة رفض استخدام القضية الفلسطينية مبررا للشرعية، واحتجاجا على الإنفاق الإيراني في ملفات إقليمية على حساب الوضع الاقتصادي الإيراني الداخلي الصعب، إذ إن موقف الشارع الإيراني يعكس قناعة بأن الخطاب الأيديولوجي في المسألة الإيرانية هو للاستهلاك الداخلي بالدرجة لأولى، وهناك مطالب من الشارع بخطاب أكثر واقعية.

المتغير الإقليمي: “الربيع العربي” 2011:

تركت الأحداث والتحولات السياسية في المنطقة العربية -التي أفرزتها ثورات الربيع العربي وتبدل التحالفات السياسية والاستراتيجية- آثارا سلبية على طبيعة الدور الإيراني تجاه الكثير من الملفات المتعلقة بمصالحها الاستراتيجية وحساباتها السياسية، ومن أهمها القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، وكل ذلك أدى إلى تراجع الدور الإيراني تجاه القضية الفلسطينية بدرجة ملحوظة؛ بسبب الثقل السياسي، التي تحظى به حركات المقاومة على الساحة الفلسطينية؛ إلا أن الوعي الإيراني الذي يدرك أهمية الحفاظ على دور فعال في القضية الفلسطينية حتم على طهران عدم خسارة أي طرف من هذه الأطراف، وحاولت المحافظة على العلاقة مع الحركات الفلسطينية السنّية؛ لما لهذه الفصائل من أثر في الشارع العربي بحكم الخلفية المذهبية السنّية لهذه الفصائل.

اتسمت سياسة الرئيس حسن الروحاني تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، في ضوء التحولات السياسية التي أفرزتها (ثورات الربيع العربي) والتقارب الإيراني بالبراغماتية والواقعة السياسية، ورافقها تغير تكتيكي تجاه موقف إيران بملف التسوية، يقول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف: "هذا قرار سيادي ستأخذه إيران، وأن ليس من شأنه أن يؤثر على أرض الواقع في الشرق الأوسط، وإذا كان الفلسطينيون سعداء بهذا الحل فلا أحد خارج فلسطين يمكنه منعه، المشكلة على مدى العقود الستة الفلسطينيين لم يكونوا راضين، وهم على حق أن لا يكونوا راضين؛ لأن حقوقهم الأساسية لا تزال تُنتهَك، وليسوا على استعداد للتنازل عن هذه الحقوق". سعت إيران في ظل التطورات الإقليمية والدولية إلى مد نفوذها وترسيخ مكانتها، وتعزيز دورها في القضية الفلسطينية، من خلال الدعم المادي والعسكري والدبلوماسي لحركات المقاومة الفلسطينية، وتوظيف هذا الدور لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

أهداف الدور الإيراني في القضية الفلسطينية:

إن الهدف الأساسي للدور الإيراني في القضية الفلسطينية، يستند إلى استراتيجية التمدد الإيراني في الشرق الأوسط، والذي يضمن لها دورا فعالا من خلال العلاقات الاستراتيجية مع كل الحركات الفلسطينية وسوريا وحزب الله اللبناني التي تقع على خط الالتماس مع الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يفسر الدور الإيراني في القضية الفلسطينية، وبموازاة الخطاب السياسي الثوري الإيراني تجاه القضية الفلسطينية؛ فإن الأبعاد المصلحية لهذه السياسة تتضح أكثر فأكثر في ظل متغيرات السياسة الإقليمية والدولية، فقد أُسّست العلاقة على أساس المصالح المشتركة بين الطرفين، وإن جاء هذا الخطاب برداء الأيديولوجيا، وهذا يعني أن الاهتمام الإيراني بالصراع ليس لمحض البعد العقائدي والديني؛ بل بناء على حسابات الأمن القومي الإيراني، وتُشكل القضية الفلسطينية جانبا مهما في الإدراك الإيراني، ومرده بالتأكيد جملة من الأهداف والمصالح السياسية والاستراتيجية والمذهبية بالنسبة لإيران.

إسرائيل والصراعات الإقليمية:

أدت الأحداث الدائرة في الشرق الأوسط التي نتجت عن “الربيع العربي” إلى تصاعد التوتر السياسي والعسكري في المنطقة، وبشكل خاص بين إيران والسعودية، ولا سيما باندلاع الحربين السورية واليمنية. تلك الصراعات الجديدة التي تداخلت فيها المصالح الإقليمية والدولية، قد اتخذت بعدا مذهبيا، حيث تجد الدول العربية الخليجية بشكل عام والسعودية بشكل خاص في إيران خطرا استراتيجيا وتسعى إلى تحقيق طموحها في التمدد ولعب دور أكبر في الساحة الإقليمية.

لعبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دورا في العمل على تصوير إيران على أنها التهديد الأول في المنطقة، مع السعي لتغيير الموقف العربي من إسرائيل، وهذا ما تم التعبير عنه على سبيل المثال في القمة العربية الإسلامية الأميركية في العاصمة السعودية الرياض في مايو 2017، حيث اعتبرت القمة أن إيران هي المسؤولة عن زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما أعيدت صياغته في “إعلان الرياض” الذي يشكل البيان الختامي للقمة بتأكيد القادة على “رفضهم الكامل لممارسات النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ولاستمرار دعمه للإرهاب والتطرف”، كما “أدان القادة المواقف العدائية للنظام الإيراني، واستمرار تدخلاته في الشؤون الداخلية للدول، في مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي وحسن الجوار، مؤكدين التزامهم بالتصدي لذلك”.

جاء في كلمة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز: “إن النظام الإيراني يشكل رأس حربة الإرهاب العالمي منذ ثورة الخميني وحتى اليوم”، مضيفا: “إن النظام الإيراني وحزب الله والحوثيين وداعش والقاعدة متشابهون” مشددا على أن بلاده “لن تتهاون أبدا في محاكمة كل من يمول أو يدعم الإرهاب بأي صورة أو شكل، وستطبق أحكام العدالة الكاملة عليه.

أكد الرئيس الأميركي ترامب على كلمة الملك سلمان حول أن إيران تشكل تهديدا للاستقرار الإقليمي بدعمها وتسليحها للجماعات الإرهابية بحسب تعبيره، وقال: “لن يكون هناك نقاش حول القضاء على هذا التهديد بالكامل دون الإشارة إلى الحكومة التي تعطي الإرهابيين الملاذ الآمن والدعم المالي، والمكانة الاجتماعية اللازمة للتجنيد. إنه نظام مسؤول عن عدم الاستقرار في المنطقة، أنا أتكلم عن إيران”.

كما أشار خطاب ترامب في القمة لكل من حماس والجهاد إلى جانب حزب الله على أنهم جماعات إرهابية بقوله: “الأثر الحقيقي لتنظيم داعش والقاعدة وحزب الله وحماس والعديد من التنظيمات الأخرى، لا يجب أن يُقاس فقط بعدد القتلى. يجب أن يُقاس أيضا بأجيال من الأحلام المتلاشية”.

وتسعى إسرائيل باستمرار لتصوير نفسها حليفا محتملا، أو حليفا فعليا ضد إيران، وهذا ما يبرز مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتكررة على أنها جزء من التحالف العربي ضد الخطر الإيراني، بهدف تصوير إيران المهدد الرئيسي لحالة عدم الاستقرار في المنطقة، فقد صرح نتنياهو مؤخرا في المؤتمر السنوي المقام في القدس يوم 4 نوفمبر 2019: “لم يعد التعامل مع إسرائيل كأنها عدو، بل يتم التعامل معها كحليف ضروري في مكافحة الإسلام المتطرف، الذي يقوده السنّة المتطرفون، أي تنظيما القاعدة وداعش، وأكثر فأكثر، الإسلام الشيعي المتطرف، بقيادة إيران وأتباعها”.

أعطى انشغال الدول العربية فرصة ذهبية للولايات المتحدة الأميركية لاتخاذ خطوة أحادية الجانب والاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل ونقل سفارتها إليها دون موقف عربي قوي ومناهض، لكن الموقف العربي الرسمي تم التعبير عنه في قمة الرياض في إبريل 2018، اذ سميت القمة بقمة القدس. وخصصت سبع فقرات في البيان الختامي للقضية الفلسطينية والقدس، وتناولت ستة قرارات إيران وسياساتها، وجاءت في الترتيب الثاني من حيث التغطية والأولوية، وجاءت خمسة قرارات بإشارة لما يجري في اليمن، واتهام إيران بالتدخل بالشؤون السعودية والبحرينية، أو الإشارة بشكل عام لتدخل إيران في دول الجوار، وقرار سادس بشأن احتلال إيران المستمر لثلاث جزر إماراتية، بهذا يمكن القول إنه من الناحية الرسمية، ما زالت القضية الفلسطينية هي القضية العربية الأولى، لكن الخطر الإيراني وسلوك إيران يدخلان كقضية أساسية تستأثر بالاهتمام العربي أيضا، ربما بشكل عملي وملح أكثر من الموضوع الفلسطيني.

دور التنافس الإقليمي:

تكمن إجابة السؤال جزئيا في ديناميكيات القوة الإقليمية بالشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة. ففي نهاية تسعينيات العقد الماضي، يبدو أن التنافس الإيراني - العراقي على زعامة العالم الإسلامي كان أحد العوامل الهامة لفهم موقف إيران إزاء التطورات الخطيرة في الأراضي الفلسطينية والتصعيد الاسرائيلي.

بوقوع مذبحة أكتوبر 1990 في الأقصى الشريف بالقدس التي أشعلت موجة من الغضب في العالم الإسلامي، بدأت تظهر ملامح التنافس الخطابي بين إيران والعراق. بعد وقوع المذبحة أخذ مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي زمام المبادرة في الدعوة لدعم القضية الفلسطينية ونقد إسرائيل، والصهيونية، والامبريالية الأمريكية. فُسرت هذه الخطوة بأنها تهدف في جانب من جوانبها إلى الحيلولة دون إعطاء الرئيس العراقي صدام حسين الفرصة لاستغلال الحدث لصالح بغداد.

في ديسمبر 1990 تم عقد مؤتمر عالمي بمناسبة الذكرى الثالثة للانتفاضة الفلسطينية. في سياق التنافس الإيراني - العراقي فُسرت هذه الخطوة أيضا بحرمان القيادة العراقية من لعب دور الدولة القائدة في الدعوة لنصرة الشعب الفلسطيني.

في سياق إعلانه عن قبول إيران لأي حل يرضى به الفلسطينيين؛ أبدى الرئيس هاشمي رفسنجاني عن رغبته في المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام عقد في أواخر أكتوبر 1991، لكن على عكس توقعاته لم يتم دعوة إيران للمشاركة بالمؤتمر. ردا على تجاهل إيران، أعطى مرشد الجمهورية علي خامنئي (الذي أخذ زمام مبادرة الدعوة للقضية الفلسطينية في سياق التنافس مع العراق) الإشارة الخضراء لتنظيم مؤتمر مضاد لمؤتمر مدريد والبدء في بناء علاقات بين طهران وحماس والفصائل الأخرى المعارضة لمؤتمر مدريد.

بعد تولي محمد خاتمي للرئاسة، بدا أن إيران تعود مرة أخرى لسياسة رفسنجاني المبكرة تجاه القضية الفلسطينية من خلال الفتور النسبي الذي اصاب علاقة إيران بالمعسكر الفلسطيني المعارض لأوسلو. أعلن الرئيس خاتمي في كلمته أمام مؤتمر القمة الإسلامية المنعقد بطهران في ديسمبر 1997 بأن إيران تقبل حل الدولتين للتسوية.

بصورة ما، كان أحد أهداف القيادة الإيرانية في هذه المدة الحيلولة دون استغلال القيادة العراقية للمجازر الإسرائيلية كورقة رابحة ضد طهران ومنافسي بغداد الإقليميين في الشرق الأوسط. أي شكّل النظام العراقي آنذاك حافزا بالنسبة لطهران لدعم القضية الفلسطينية إعلاميا، فعلى الأرض توجه السياسة الواقعية مسار السياسات الخارجية لدول ما بعد الثورات بعد استنفاذ وقود الغايات الثورية تدريجيا.

لكن بسقوط “الآخر” الأيديولوجي الذي كانت تتنافس معه طهران على “تمثيل” القضية الفلسطينية (وهو العراق بشكل رئيسي)، تتراجع العوامل التي تدفع إلى التركيز على القضية بصورة نسبية حتى تستطيع إيجاد أو التوصل لـ “آخرين” إقليميين جدد بصورة أو بأخرى.

مع ذلك بقيت ديناميكيات القوة داخل النظام حاكمة لمسار السياسة الخارجية وإن أمسك المرشد بمعظم خيوط اللعبة. إلا أن التنافس بين القوى المحافظة، الراديكالية، البرجماتية (ولاحقا الإصلاحية)؛ شكلت بصورة كبيرة مسار هذه السياسة.

على الرغم من دورها المباشر أو الضمني في دعم الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان الذي يتم الحديث عنه من حين لآخر، اكتسبت القيادة الإيرانية آنذاك قوة دفع لتعزيز خطابها البلاغي نتيجة الفراغ الجيوسياسي الذي تلا الغزو الأمريكي للبلدين. بفضل ذلك الفراغ، قدمت إيران ذاتها كدولة طليعية تدافع عن قضايا العالم الإسلامي مع عدم وجود دولة بديلة يمكن أن تنافسها على المستوى الخطابي من خلال القوة الناعمة.

من وجهة نظر طهران؛ لم يكن هناك منافسون معتبرون بحجم العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين وحزب البعث الحاكم يمكن أن يتنافسوا معها وتحالفها على قيادة العالم العربي الإسلامي. وتزعم الدعوة لقضاياه آنذاك (وإن بقيت الرياض أبرز مناوئي طهران في المنطقة). بذلك ظلت الجمهورية الإسلامية دائما في حاجة إلى استمرار وظهور “آخرين” إقليميين تعيد موضعة وإنتاج موقعها الإقليمي من خلالهم في عملية مستمرة تزامنا مع حاجة الجمهورية إلى قضايا إسلامية كبرى تتجاوز بها الثنائية المذهبية.

الموقف الرسمي الفلسطيني:

الرد الفتحاوي اختصر الكثير من تاريخ العلاقة وكيف تنظر لها فتح الحاكمة. وقالت فتح بأن تصريحات الإيرانيين بحق عباس تعد "انعكاسا لمفاهيم الخيانة والباطنية الناظمة لسياسة القائمين بأدوار تخريب وتدمير وشق الصف الفلسطيني". وأضافت: "بعد قراءة دقيقة لتصريحات مستشار وزير الخارجية الإيراني المسيئة للرئيس القائد العام، يثبت لنا فظاعة دور القائمين على خدمة المشروع الصهيوني بحملاتهم المنظمة على رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية، وعلى القضية الفلسطينية". وقالت: "إن إيران سعت على الدوام إلى تدمير وتخريب الصف الفلسطيني، وتعميق الانقسام، وإن المسؤولين الإيرانيين اغتالوا قيم الوفاء لحركة فتح التي احتضنت الثورة الإيرانية، ومدتها بكل وسائل الدعم المادي والعسكري والمالي، وفتحت قواعدها للثوار".

هذا الموقف الفتحاوي يفسر لماذا تبدو العلاقة الإيرانية الفلسطينية الرسمية في أسوأ أحوالها منذ عقود وستستمر حتى وقت ليس قريبا. لكن ما زال لا يمانع الفلسطينيون أن ينضموا لأي من الفيالق الإيرانية إذا ما تقدمت نحو القدس.


خاتمة

مثّلت الثورة الإيرانية عام 1979 متغيرا جوهريا في المعطيات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، وأصبحت القضية الفلسطينية تحظى باهتمام كبير لدى صناع القرار الإيراني، لكنّ غياب الرؤية الاستراتيجية العربية الموحدة تجاه القضية الفلسطينية، ترك فراغا استراتيجيا استغلته إيران لتعزيز دورها في القضية الفلسطينية، من خلال دعم حركات المقاومة الفلسطينية، وهو ما عكس هذا الدور على مسار العلاقات العربية الإيرانية من جهة، وعلى العلاقات الفلسطينية العربية من جهة أخرى، وقد تراجع الدور الإيراني في القضية الفلسطينية في ضوء التحولات السياسية الإقليمية (الثورات العربية) بينما نشطت أدوار قوى إقليمية أخرى، مثل تركيا ومصر وقطر. إن الاهتمام الإيراني بالقضية الفلسطينية مرده جملة من الأهداف والمصالح السياسية والاستراتيجية والمذهبية التي تسعى إيران إلى تحقيقها، مستندة في ذلك إلى استراتيجية التمدد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، في المقابل هناك جملة من المحددات والعوامل الداخلية والإقليمية والدولية حكمت الدور الإيراني في القضية الفلسطينية، وشكلت عنصرا مؤثرا في طبيعة التوجهات الإيرانية تجاه أهدافها الاستراتيجية وتطلعاتها الخارجية.


المصادر

- تداعيات الاتفاق بين إيران والغرب على القضية الفلسطينية.

- مجلة الفكر السياسي.

- مجلة الدراسات الدولية.

- مركز الجزيرة للدراسات.

- المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية.

- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

- صحيفة رأي اليوم.

- وفا، الموقع الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

- مقابلة إسماعيل هنية على الجزيرة.

- مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية.

- تقرير مركز الجزيرة للدراسات.

- (رسالة دكتوراة) القاهرة: قسم العلوم السياسية. جامعة القاهرة.

- وفا، الحياة الجديدة.

- دويتشه فيله.

- وكالة الأنباء السعودية (واس). صحيفة سبق الالكترونية.

- قناة أزهري الفضائية.

- قناة السعودية.

- قناة الجزيرة مباشر، نتنياهو:



   نشر في 22 أكتوبر 2022  وآخر تعديل بتاريخ 06 نونبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا