انتهى عصرُ المُعجزاتِ وأقبلَ عصرُ السعيِّ والعملِ
انتهى عصرُ المُعجزاتِ وأقبلَ عصرُ السعيِّ والعملِ
نشر في 03 أبريل 2023 .
انتهى عصرُ المُعجزاتِ وأقبلَ عصرُ السعيِّ والعملِ
نعم، لقد انتهى عصرُ المُعجزاتِ وأقبلَ عصرُ السعيِّ والعملِ ولنحصُدَ نِتاجَ أيّ عملٍ في هذا العصرِ لابدَّ من وجودِ سعيٍّ وعملٍ يَسبقُ حصدَ النتاجِ، ومن ادعى عدمَ حصدِ النتاجِ بعدَ سعيٍّ وعملٍ طويلٍ فلابدَّ من وجودِ خطأٍ في سعيهِ ولو ادعى الإنسانُ ذلكَ وهذهِ منَ المسلَّماتِ، ونرى هذا حصراً في التنافسِ فإن تنافسَ اثنانِ على عملٍ ما لابدَّ من حاصدٍ واحدٍ للنِّتاجِ، وأما من لم يحصد فالخطأُ موجودٌ عندَ المُقصِّرِ فهذهِ سنُّةٌ لا تُحابي أحداً مهما كانت مرجعيّتهُ صحيحةً وعادلةً وكاملةً فحصدُ النتاجِ لمن بلغَ كلَّ الأسبابِ وليسَ مُعظمَها على قدرِ استطاعتهِ، وسأبيّنُ ماهي المعجزاتُ وماهي النجاحاتُ وسأقدِّم مقارنةً بيننا وبينَ الأُممِ الأُخرى في الأخذِ بالأسبابِ بدأً من عصورِ قوَّتنا انتهاءً إلى عصورِ ضعّفنا، ولن أنسى التطرُّقَ إلى ماهيَّةِ أن "ما يُدركُ كلَّهُ لا يُتركُ جُلَّهُ وهذا ما حصلَ في قصةِ الشيخِ والأرملةِ.
ابن الأرملةِ: انتهى عصرُ المعجزاتِ وأقبلَ عصرُ السعيّ والعملِ:
الشيخ والأرملة:
في إحدى قُرى الريفِ السوريِّ أُتِيَ بشيخٍ غريبٍ ليؤُمَّ المُصلَّينَ في جامعِ القريةِ، فأسكَنَهُ أهلُ القريةِ في منزلٍ قد بُنِىَ بجانبِ المسجدِ، وكانت تسكنُ أرملةٌ مع ابنها الأصغرِ في منزلٍ متواضعٍ مُقابلَ بيتِ الشيخِ وكما أن للأرملةِ ابنانِ متزوِّجانِ يسكنان في بيوتِ القريةِ المتراميةِ، وهنا انتبهَ الابن الأصغرُ لنظراتِ الشيخِ لأمهِ، وبعدَ ان فكَّرِ مليَّاً ذهبَ لإخبارِ أخويهِ، فقال الأخُ الأكبرُ: لن نستطيع فعلَ أيِّ شيءٍ لأنهُ شيخُ القريةِ والناسُ يُحبونهُ ولن يصدِّقنا أحدٌ إن قلنا للناسِ ذلكَ. بل إن أخبرناهم بالأمرِ سيلُومُنا الناسُ فالآنَ لا نملك سوا الدعاءَ عليهِ ونسألُ اللهَ أن يُخلصنا منهُ ويصرفَهُ عنَّا وعن أُمِّنا فوافقهُ الأخُ الأوسطُ وأوصوا زوجاتِهم بالدعاءِ عليهِ، لكنَّ الأخَ الأصغرَ أيَّدهم على مضضٍ وعادَ إلى منزلهِ ليلاً كئيباً حزيناً ولم يستطيع النومَ طوالَ الليلِ وهو يُفكِّرُ بكيفيةِ التخلصِ من الشيخِ، وبينما وهو ينظرُ إلى بيتِ الشيخِ إذْ خرجَ الشيخُ من بابِ بيتهِ ليؤذِّنَ للفجرِ واحضرَ سلَّماً للصعودِ إلى المئذنةِ وعندما كانَ الشيخُ يؤذِّنُ خرجَ الابنُ الأصغرُ من المنزلِ مُسرعاً وقامَ بكسرِ درجاتِ السلَّمِ وعادَ إلى المنزلِ دونَ أن يراهُ أحدٌ وعندما انتهى الشيخُ من الأذانِ وهمَّ بالنزولِ عبرَ السلَّمِ وما إن وضعَ قدمَهُ حتى انزلقَ إلى الأرضِ ولم يصلْ إلّا ميّتاً مُضرجاً بدمائِهِ "ما لحق يعطس" وعند الصباحِ اجتمعَ أهلُ القريةِ فوجدوهُ ميّتاً وكانَ الإخوةُ الثلاثةُ من بينِ المجتمعين ونظراتُ الأخانِ الأكبرانِ للأخِ الأصغرِ تدلُّ على استجابةِ دعائِهم بنظرةٍ فوقيَّةٍ وأشعروهُ بأنَّهم تصرَّفوا بشكلٍ جيدٍ دونَ أن يعلمَ أحدٌ بالقصةِ، فهم الأخُ الأصغرُ بالذهابِ ومرَّ بجانبهم وخاطَبهم بصوتٍ خافتٍ ليّنٍ: "علي الطلاق دعاؤكم ما بخليه يمرض .. لولا ما انا كسرت درجات السلم كان هلئ عم ياكل مع امكم شعيبيات"
المعجزةُ والنجاحُ:
المعجزةُ: هي فعلٌ أو قولٌ يُجريهِ اللهُ - عزَّ وجلَّ - على يدي الأنبياءِ والرسلِ ويكونُ على عكسِ ما خبرهُ أو عرفهُ الناسُ من قوانينَ وسننِ الكونِ تصديقاً لنبوّتهم ودليلاً قاطعاً على أنهم رسلٌ من عندِ اللهِ تباركَ وتعالى، ومن أسبابِ حدوثِ المعجزةِ وجودُ نبيٍّ أو رسولٍ تجري على يديهِ المعجزةُ فهيَ كالنتيجةِ التي تبرهنُ لم رآها على صحةِ فعلِ وصدقِ وسعيِ الأنبياءِ والرسلِ.
النجاحُ: " الفوز - الربح - الكسب - النتيجة " أيَّاً كانَ فهو غايةٌ هادفةُ في حياةِ الفردِ السويِّ العاقلِ يسعى لها، وللنجاحِ أسبابٌ عدّةٌ كالسعيِّ والعملِ وبلوغِ الأسبابِ والجهدِ والتفكيرِ ومعرفةِ الأخطاءِ والتعلم منها، ولا ننسى دراسةَ البيئةِ التي تُهيئُ فرصَ الوصولِ إلى النجاحِ فهو بالتالي نتيجةٌ لعملِ الإنسانِ.
ومن التعريفينِ نجدُ أن المعجزةَ انتهت بانتهاءِ عصرِ الأنبياءِ وبقيَ النجاحُ أو تحصيلُ النتيجةِ عملَ الإنسانِ الواجبِ وهوَ ما يجبُ على الإنسان التفكيرُ بهِ بعيداً عن التفكيرِ بأنَّ معجزةً ستحصلُ حتى يستطيع النجاحَ أو تحصيلَ نتيجةِ عملٍ ما.
الأخذُ بالأسبابِ من أهمِّ شروطِ الوصولِ للنجاحِ:
من السننِ الكونيَّةِ في تحصيلِ شيءٍ ما، وجودُ مُسبباتٍ تسبقُ التحصيلَ كالرغبةِ والسعيِّ والعملِ والترتيبِ والنظامِ والانضباطِ والاستمراريةِ والصبرِ والتركيزِ والتفكيرِ والتعلِّمِ من الأخطاءِ وتدارُكِها فكلُّها تصبُّ في تحصيلِ النتيجةِ ومن دُونِها لا يمكنُ للمرءِ أن يبلغَ غايتهُ التي يريد فمثلاً: إن أرادَ رجلانِ من الناسِ أن يعملا في طبخِ القهوةِ وبيعها وكانا يريدانِ الوصولَ إلى الحريةِ الماليةِ مع وجودُ الرغبةِ فقامَ الأولُ بشراءِ < غاز وإناء وفناجين وقهوة وسكر وماء > واختارَ مكاناً قربَ منزلهِ النائي في المدينةِ وابتدأَ العملَ، لكن الرجلَ الآخرَ قامَ بعملِ دراسةِ جدوى لهذا العملِ واشترى < آلة حديثة لطبخ القهوة وفناجين عصرية وقهوة من النوع الفاخر وسكر وماء > واشترى دكاناً في وسطِ المدينةِ ولم ينسى القيامَ بحملاتِ التسويقِ القائمةِ على الطُرُقِ الحديثةِ، واهتمَّ بعرضِ المنتجِ بطريقةً ممتازةٍ تُخاطبُ عشّاقَ القهوةِ وبلغَ كافةَ الأسبابِ وهيَّئها، فمن منهما سيصلُ إلى الحريةِ الماليةِ والدخلِ الجيِّدِ.
من المؤكَّدِ الرجلُ الثاني بلا منازعٍ ولا ننسى أن من أخذَ بالأسبابِ هوَ الذي سيكونُ ضمنَ العِنايةِ والتوفيقِ الإلهيِّ الذي سيوفقُهُ إلى مَرامِهِ وغايتهِ قطعاً.
ما لا يُدركُ كلُّه لا يُتركُ جُلُّهُ:
قال تعالى: " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" {التغابن:16}.
وقال رسول عليه الصلاة والسلام: "وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" متفق عليه.
والآن يُطرحُ السؤالُ التالي: هل صاحبنا الأولُ في مثالِ طبخِ القهوةِ معذورٌ أمامَ اللهِ تعالى أو أمامَ السُّننِ الكونيةِ إن كانَ قد بلغَ الأسبابَ لكن على قدرِ استطاعتهِ؟ ، الجوابُ: نعم، لأنه عَمِلَ ما استطاعَ وما تيسَّرَ بينَ يديهِ، فهل يجبُ عليهِ أن يلومَ الأقدارَ التي منعتهُ من الوصولِ إلى ما وصلَ إليهِ صاحبنا الثاني؟، الجواب: لا طبعاً، وليسَ من حقِّه لأن الثاني بلغ الأسبابَ القُصوى لتحقيقِ ما نوى عليهِ.
لنأتيَ الآنَ لصاحبنا الثاني، إن كانَ يملكُ كلَّ هذهِ الأسبابَ وصنعَ ما صنعهُ صاحبنا الأولُ فهل سيصلُ إلى وصلَ إليهِ؟ الجوابُ: لا بالتأكيدِ، إذاً هل هوَ معذورٌ أمامَ اللهِ أو أمامَ السننِ الكونيةِ؟ الجوابُ: لا بالتأكيدِ ولا يحقُّ لهُ أيضاً لومَ الأقدارِ لأنهُ كان يستطيعُ تقديمَ أسبابٍ أكثرَ من صاحبنا الأولِ فهوَ غير معذورٍ ومحاسبٍ بالتأكيدِ وعقوبتهُ ستكونُ عَدَمَ التوفيقِ وسيُحرمُ منَ النتيجةِ.
ومن السابقِ يتبيَّنُ لنا أن ما لا يُدرَكُ كلُّهُ لا يُترَكُ جُلَّهُ فواجبٌ على المرءِ أن يأخذَ بالأسبابِ ما استطاعَ إليها سبيلاً حتى يُحصِّلَ النتيجةَ المرجوّةَ من عملهِ وسعيهِ، ونحنُ هنا نتكلَّمُ عن أسبابٍ حقيقيّةٍ وَضَعَتْها السننُ الكونيّةُ لا الآراءُ الشخصيةِ.
العربُ والغربُ:
عندما بلغَ العربُ كافةَ الأسبابِ سادوا العالمَ وعندما تخلّوا عنِ الاسبابِ اندثروا بماضيهم.
وعندما بلغَ الغربُ كافةَ الأسبابِ سادوا العالمَ وعندما تخلّوا عنِ الأسبابِ اندثروا بماضيهم.
وهذ قانونٌ، يستطيعُ أيُّ أحدٍ أن يستنبطَهُ عبرَ قراءةِ تاريخِ الأُمَمِ ولا يتناطحُ كبشانِ على الجدالِ في هذا القانونِ أبداً.
بِغضِّ النظرِ عن مسلمٍ وكافرٍ فمن بلغَ الأسبابَ منهم سيسودُ العالمَ لا محالةَ وسيجني ثمارَ ما قامَ بزراعتهِ وليست النتيجةُ مكرمةً للكافرِ بقدرِ ما هي عقوبةٌ للمسلمِ.
*عقوبةٌ للمسلمِ لأنّهُ تركَ الأخذَ بالأسبابِ*
قطز وأسبابُ الَّنصرِ:
لن أذكرَ حادثةً قديمةً جداً في التاريخِ الإسلاميِّ لأبتعدَ عن وجودِ صحابةٍ أو تابعينَ أو تابعي التابعينَ أو خلفاءَ أقوياءَ مرُّوا على عهدِ الخلافةِ الإسلاميّةِ الغرَّاءَ المُحجَّلَةِ والخضراءَ الجَذَعَةِ لأقِفَ بحيادٍ عن من قالوا بديمومتها بسببِ وجودِ هؤلاءِ الناس وكرامةً لهم.
احتلَ التتارُ جميعَ بلدانِ الخلافةِ الإسلاميةِ كبغدادَ ودمشقَ وعاثوا فيها فساداً وقتلاً واغتصاباً ولم يبقى سوى مصرَ آخرِ قلاعِ المسلمينَ، فما بَلغوا مَبلغَهم إلَّا لضعفِ وهوانِ من كانَ يحكمُ آن َذاكَ وأنهم فعلاً بلغوا أسبابَ القوةِ والبطشِ والاستمراريةِ والتعلُّمِ من الأخطاءِ واسترضاءِ الخونةِ وتخلُّفِ القادةِ فالتاريخُ موجودٌ ولا داعي لذكرِ التفاصيلِ ولكنَّها كانت عقوبةً للمسلمين بتركِ الأسبابِ.
فهل كانت عقوبةً لعَدَمِ وجودِ العقيدةِ؟
لا، فالعقيدةُ موجودةٌ
فهل كانت عقوبةً لتركهم الإيمانَ؟
لا، فالإيمانُ موجودٌ
بل كانت عقوبةً لتركهم أسبابَ الحكمِ وحماية هذا الحكم وبقي التدرجُ والانحطاطُ والسقوطُ شيئاً فشيئاً إلى أن ظهرَ سيفُ الدين قطز، ومن هو سيف الدين قطز سوى مملوكيٌّ مسلمٌ باعهُ التتارُ بسعرٍ بخسٍ وعندهُ القليلُ من المهارةِ القتاليّةِ ولم يكن صحابيّاً ولا تابعيّاً ولا فقيهاً ولا شرعيّاً وبقليلٍ من الإيمانِ والتدرُّجِ بالرتبِ العسكريّةِ أصبحَ حاكماً على مصر ولكن الحكمةَ كانت بأنه بلغَ الأسبابَ جميعها في قتالِ التتارِ و في الحفاظِ على الحكمِ فقد عملَ بالأسبابِ كبيرَها وصغيرَها أقصاها وأدناها بدءاً من قتلِ الرسلِ الأربعةِ وتعليقهم على أبوابِ القاهرةِ من أجلِ قتلِ هيبةِ التتارِ في نفوسِ المسلمينِ، مروراً بمصالحةِ قادةِ الجيوشِ كالظاهرِ بيبرس وغيرهُ من القادةِ، انتهاءً بالموقفِ الجللِ والخَطبِ العظيمِ حيثُ روَّعَ منظرُ التتارِ جيشَ المسلمين فأرادوا العودةَ والهروبَ إذْ قالَ قطز حينَها: "أنا ألقى التتارَ بنفسي" حتى بقيت هذه الجملةُ هي السببُ الأصغرُ الذي مَضى إليهِ قطز فكتبَ اللهُ على يديهِ النصرَ في "عين جالوت" حيثُ دارت رَحَى الحربِ والموتِ ومكنَّهُ اللهُ من مطاردةِ فلولِ التتارِ إلى ما بعدَ دمشقَ وانتهت هذه الأسطورةُ بينَ قتيلٍ وجريحٍ وأسيرٍ فشرَّدَ بهم من خلفهم ولا غالبَ إلّا الله.
يُخيَّلُ إلى عقولنا أن معاركَ المسلمين كانت "هوشة عرب" حصانٌ والقليلُ من السهامِ وسيفٌ وترسٌ وعلى بركةِ اللهِ، لكن الحقيقةَ كانت غير ذلك في كلِّ معاركِ المسلمين إذ أنَّ تنظيمَ العسكرِ والجُندِ والألويةِ والفيالقِ كانت بمنتهى الدِّقةِ والتراتبيّةِ ناهيكم عن تنظيمِ سرايا الكرِّ والفرِّ التي كانت تكرُّ وتفرُّ على أنغامِ الطبولِ التي أحلَّ الله قرّعَها حرباً لا طرباً، فكانَ لكلِّ لواءٍ لونُهُ الخاص ونغمتُه الخاصة وأُسدهُ الميامين ولم تكن عقيدتهم عقيدةَ " بركي حدث شيء ، ولو هرب التتار ، غدا سيحدث الزلزال وينهار التتار، اذهبا انت وربك فقاتلا " كلَّا، إذ كانت الرغبةُ والعملُ والسعيُّ والحركةُ والتدرُّبُ والتوكلُ وليس التواكلُ هي ما عَقَدَ عليهِ قطز لواءَ الجيشِ.
قصة التتار من البداية الى عين جالوت لراغب السرجاني
الغربُ وأسبابُ التقدُّمِ:
"عن موسى بن علي عن أبيه قال، قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقوم الساعة والروم أكثر الناس فقال له عمرو أبصر ما تقول، قال أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك" صحيح مسلم
هذهِ الخِصالُ الأربعُ التي أخبرنا بها رسولُ اللهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ لهيَ من الأسبابِ التي تجعلُ الرومَ يَسودونَ هذا العالمِ ولا اُريدُ التَطرُّقَ للزمنِ البعيدِ فإنَّ التاريخَ مليءٌ بالأدلةِ، ولكنَّ الحربَ الأكرانيةَ الروسيةَ خيرُ دليلٍ ملموسٍ ومُشاهدٍ من هذا العصرِ، فإن اردنا التحدثَ دفاعياً فتحصينُ الأنفاقِ والدشمِ المُتقدمةِ والمُتأخرةِ بالإسمنتِ المُسلَّحِ ودرجةِ العُمقِ التي تكادُ على قدرِ ارتفاع ِرجلٍ لتسهيلِ حركةِ نقلِ الإمداداتِ والذخيرةِ والسلاحِ والإخلاءِ والكرِّ والفرِّ، وإن تحدثنا هجومياً فإنهم قد تلافوا أخطائهم في حربِ "القرم" وتدربوا على حربِ العصاباتِ والمدنِ واشتروا ما يناسبهم من سلاحٍ بينما عدوهم لازالَ على ذاتِ الحالِ، وبينما يتطوَّرُ العالمُ نحوَ الحربِ المتطورةِ والأسلحةِ الفتّاكةِ الذكيةِ والمسيّراتِ والحربِ عن بعد، تجدُ أن الروسَ مازالوا يُفكرونَ بالإجرامِ وقتلِ الأبرياءِ والتعبئةِ العامةِ والجزئيةِ وتهديداتِ استخدامِ السلاحِ النوويِّ.
سننُ الكونِ لن تحابي أحداً أبداً والنصرُ حليفُ من أخذَ بالأسبابِ كلِّها لا جُلِّها في هذهِ الحرب.
*الواشنطن بوست: "استطاعت اوكرانيا خداع روسيا بمجسمات لمنظومات صواريخ امريكية، ما أدى لإضاعة روسيا كمية كبيرة من الصواريخ الدقيقة المكلفة لتدميرها".
ربما سيرى البعضُ أنَ هذا الخبرَ تحصيلٌ حاصلٌ للحربِ ولكن سيرى البعضُ الآخرُ أن هذا الخبرَ دليلٌ على معرفةِ الأكرانِ من اينَ تُؤكلُ الكتفُ، ولكن كِلا الجمهورينِ يقصدونَ ضمنياً بأن هذا من الأخذِ بالأسبابِ حصراً ولِما لا، فأهلُ مكةَ أدرى بشعابِها.
طالما أن الغربِ سيواصلُ الأخذَ بالأسبابِ على هذا المنوالِ لابُدَّ أن ديمومتهُ طويلةٌ وسيطرتهُ مطلقةٌ
وطالما أن العربَ يسودهم أحزابُ "البركي واللو واللعلَّ والإذا" فلا نصرٌ ولا تقدمٌ ولا تطوّرٌ ولا ازدهارٌ وانتهى عصرُ المعجزاتِ وأقبلَ عصرُ السعيِّ والعملِ.
محمد الحجي
-
محمد الحجيالسلام عليكم انا محمد الحجي من سوريا كاتب محتوى مهتم بالسياسة والتاريخ واللغة العربية والرياضة والأدب والكتب