مذكرات نوبتجية طوارئ....بقلمي : إيمان فايد - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مذكرات نوبتجية طوارئ....بقلمي : إيمان فايد

  نشر في 09 مارس 2023 .


بينما أذهب لعملي بالمستشفي تمر علي ما يقارب الثماني وأربعين ساعة متصلة وأنا أقاوم الوقت ..

أشعر بتعب شديد ونغزة بالقلب من أثر الصعود والهبوط والجدال مع المرضي هنا وهناك ..

أشعر بأنني آلة ولست ببشري....

هم يفرغون طاقاتهم السلبية بك وأنت لا تزال تبتسم ..

أنت ُتداوي ولا ُتداوَيْ ..

تمتص غضب المريض فقط لأنه مريض .. فقط لأنك تضع نفسك مكان آلامه ..

أقول لنفسي لو أنك صحيح ما تركتك .. ولكنني طبيبة علي أن أستمع لكل هؤلاء ...

علي أن اكون صبورة ... أحتمل عبء مهنتي ولا أحد يدري ...

لا أحد يدري كم أنني أكون مرهقة بنهاية النوبتجية حتي أنني لا أتناول أي طعام سوي علي العاشرة مساء بنهاية اليوم...

وباليوم التالي فبانتظاري العيادة ...حيث كم متدفق من المرضي.. وبجواري الأخصائي البارد الذي لا ينجز شيئا بل أنا من آخذ كل عملي علي محمل الجد ..

أنجز عددا هائلا من المرضي في وقت قياسي .. حتي تأتيني لحظة أود فيها أن أصرخ بصوت عالي .. لعلي أخرج من هذا المكان ... حتي ينتهي الوقت وأنا منهكة القوي ...

تصعب عليا ذاتي حينما أسمع أحدهم يقلل من عمل الأطباء ..

وأن هؤلاء الجزارين السفاحين لا رحمة لهم ...

تصعب عليا كل الليالي السوداء التي قاسيتها أثناء دراستي وبعد تخرجي وأثناء عملي كلها في امتحانات لا منتهية ...

أعترف بأن أكبر أخطائي أنني لا أمل .. أجازف وأنا أعرف أن الطرق شاقة .. لكنني لا أحب الاحباط .. لا أحب أن أسير علي أهواء غيري ...

ولكنني إن كان لدي أبناء في المستقبل فلن أدعهم لهذا الطريق الشاق أبدا ..

فبالنظر لنفسي وجدت أنني لن أعش حياة كمثل غيري ممن خارج المجال الطبي ...

قضيت عمري ولا زلت أقضيه في امتحانات ..

مللت دور الطالب ...

نعم أحب حياتي العملية برغم أنني أجد بها كل الشقاء إلا أنني أشعر معها معني الذات والقيمة ..فيحتاجني المرضي وكيف سخرني الله إليهم لأقضي وأخفف آلامهم ...

أنا كثيرا ما تعبت ولكن لا أذكر أنني قد زرت احدي المستشفيات لأجل تلقي علاج .. فقد كنت أتجنب المستشفيات وتناول الادوية دوما ...

ولكن بحكم عملي أقول لنفسي هذا عملي وأنا مجزية به ...

فالشقاء عند الله لا يضيع وإن ضاع في دنيانا فالله لا يضيع الحقوق ...

لقد كان قدري الطب وشقاءه ... لقد كان حلمي وصار كابوسي الأبدي ...

أعود لحياتي بعد ساعات العمل وأنا فقط أتعافي من نغزات قلبي حتي أعود مرة أخري .. ولا أحد يدري .....

بداخلي الكثير من الكلام ولا أحكي شئ ..

فقط أستمع فأنا الطبيب...

عزائي بكل هذا كل الدعوات التي أحصدها بنهاية كل نوبتجية ..

كم هائل من الدعوات التي لا تلبث أن تزيل همومي سريعا .. إنها ترمم قلبي من التعب....

اليوم بينما أنا في العيادة أحدهم قال لي "يارب أشوفك وزيرة الصحة إن شاء الله ..." ابتسمت وقلت له "شكرا ".. رد قائلا تستحقيها" ...

كلمة من شخص بسيط لم أسدي له سوي شئ في صميم عملي ولكن كلماته هونت من تعبي ...

أعلم أن الله قد اختارني لهذا الطريق لحكمة ما .. ستزورني يوم ما ربما في دنياي .. ربما في قبري ...

لكنني واثقة بأن الخير الذي أقدمه وصبري علي تعبي وضميري بعملي لن يضيع أبدا ..الحمد لله بأن عمري لن يضيع هباءََ..

بقلمي : إيمان فايد

طبيبة بشرية

م.الشيخ زايد

الأربعاء: ٨ مارس ٢٠٢٣



  • Eman Fayed
    5Th Year Medical Student..Faculty Of Medicine ..Tanta University..Egypt writtting..reading❤️❤️ Article Writter..veto gate..
   نشر في 09 مارس 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا