إلى والداي
أنا هنا وهناك، لي نصف هنا والأخر تركته هناك.
نشر في 20 يونيو 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
والداي، حبيباي،عيناي، أغلى شيء لي في هذا الوجود، وأحب إنسانين وأقربهما إلى قلبي.
عذبني الشوق إليكما، تملكنني الحنين لأكون بينكما، أشتاق لحرارة أحضانكما، لنسيم أنفاسكما، لطمأنينة كلماتكما، لطعم الأكل معكما، والنوم وسطكما.
سيقولون عني مجنون هذا، يحسب نفسه طفلا، أنسي أنه أصبح رجلا، ألا يتحسس شعر وجهه، أنسي أرقام عمره، ألا يسمع خرير جريان هرموناته، لا يهمني ما يقول الناس، جردت نفسي من هذه التفاهات وحررتها من قيود المجتمع والعادات اللعينة.
أنا طفلكما مهما تقدمت عمرا وإمتلأ شعر رأسي شيبا، سأشتاق لأن تلاعباني، لأن تحضنانني وتضمانني، علمتني الغربة دروسا عديدة ولكن أهم درس تعلمته منها هو كيفية العيش بجسدي المهترئ والنحيف هنا، وبقلبي الفياض بالمشاعر والحب هناك بينكم ينبض، يجالسكم، يراكم ولا ترونه، يتحسس وجوهكم، يتابع حياتكم الرتيبة بعد رحيلي، يتألم لنزاعاتكم الروتينية، ويفرح لأفراحكم المفاجئة، يقبلكم، يحضنكم، يشاركك يا أمي مسلسلك المفضل في حلقاته الامنتهية، ويطالع معك يا أبي جرائدك البئيسة، يأنسكي يا أمي في سجنك المطبخي، ويجالسك يا أبي في مقهاك الإجباري.
أنا هنا وهناك، لي نصف هنا والأخر تركته هناك.
إليكما يا من تتهمانني ببخلي في السؤال وقصوري في المشاعر، أنسيتم أنني بحضرتكم كنت لكل شيء هامل، وبالبعد عنكم أضحيت كاتبا وشاعر.