ماذا فعلتِ أيتها الأرض حتى غضبت السّماء، فأنزلت بنا كل هذا العقاب، أي دعوة مظلوم زلزلت السّماء ففتحت أبوابها لتغرق الظالم والساكت عن الظلم، أي ضجيج وصخب هذا الذي ملأ الأرض وبات الناس في فوضى العلاقات وسيء الطباع، فأصبح لا مكان للأنقياء، ولصوص لقمة العيش نهشوا في جسد الفقراء، فأكلوا قوتهم ورموا لهم الفتات، شوهوا حياتهم وأفقدوا البساطة بريقها، فأصبح الفقر بالوراثة، والتبجح والنهب منهج وحق، أي ذنب هذا الذي أغرقنا بهذا الغضب، دماء شهداء سوريا أم اليمن أم العراق، أم القدس المذبوحة أمام مرآى العالم منذ سنين، هل آلمت تنهيدة أمهات الشهداء السماء، فبكت بمرارة فكانت دموعها قدرا يقلب كل الموازين، أي سواد هذا الذي نعيش فيه دون أن ندرك، نسينا أنفسنا فأكلنا حقوق الآخرين، وسندنا ظهورنا عليها كأنها ملك من أملاكنا، شعوب مسحوقة تحت نعال ساستها، وساسة قدموا تراب وطنهم قربانا، ودماء شعوبهم شرابا لمن هم أقوى منهم، فأي عالم هذا الذي يرضى بكل هذا العدد من المهجرين،والمشردين،والمظلومين، فلا صوت حق يعلو وينتصر لهم، حتى وإن كان قتله البعض برصاصة غادره من بندقية جندي خائن جبان، فالحق يُشوه ويُحارب حتى ينتحر مستسلما بلا رجعة، ونسأل يا أيتها الأرض ماذا فعلتِ حتى غضبت السماء، فأمطرت مرضا يقتل ويرعب، وينشر الجفاء بين الناس، ماذا فعلنا حتى أصبحت الألوان باهتة والحياة بلا روح، ماذا فعلنا حتى ضجت السماء وانتصرت لكل المقهورين...ماذا فعلتِ أيتها الأرض.