ما أجمل أن تلتقي بالناس، وتعيشوا لحظات من الأنس والاستمتاع، خاصة هؤلاء الذين لم ترهم منذ زمن بعيد وترى فيهم عبق الماضي وجماله وصفاءه.
عندما تلتقي صديق قديم تحتضنه وكأنك تحتضن ذلك الزمن وتعود لأيامه وجماله، تشعر كأنك خرجت من المكان والزمان وتفقد كل رابط مع الحاضر بكل ما فيه وتسافر مع هذا الصديق القديم عبر ممرات ودهاليز كانت مليئة بخيوط العناكب والغبار، تنيرا معا الطرقات بالذكريات والمواقف التي كنتم فيها معا في سالف الزمان.
يبقى كل واحد ينظر إلى الآخر بشوق ونهم، وليس هذا التأمل لذات الشخص بقدر ما هو تأمل لكل تفاصيل تلك الحياة الماضية، نحن نعشق ماضينا كثيرا بحلوه ومره، نعشق ذكرياتنا وأيامنا نبقى على تواصل معها حتى ولو سرا، فبعض الناس يخجل من ماضيه ولكنه يبقى على تلك العلاقة المحرمة الخفية رضي بذلك أم أبى.
وفجأة ومن غير مقدمات تأتيك الصفعة المدوية من هذا الصديق ليذهب عنا الفرح، فيقول لك "والله وصار لك كرش"، "والله وصلعت" "الشيب ملأ لحيتك"، لماذا؟ لماذا هذا النكد؟ لماذا افسدت علينا اللحظات بكثرة الملاحظات؟ هل تتوقع أنك ستجدني تمثال شمع يحتفظ برونقه عبر السنين، يا صديقي مر على لقائنا الأخير ربع قرن، لم أتغير فيها أنا فقط بل حتى الجمادات تغيرت واهترأت.
أفسدت علينا اللحظة وأكثرت من مزاحك "الزنخ" يا صديقي، وعدت بنا إلى الحاضر وأقفلت باب عبق الماضي بقوة وركلتنا منه خارجا وكأننا معتوهين.
فلتذهب يا صديقي لحالك أفسدت اللحظات بقائمة الملاحظات، ألم يكن من الأحرى أن نبقى في الماضي قليلا ونخرج لواقعنا بالتدريج دون تجريح أو إحراج.
لا تفسدوا لحظاتكم الجميلة القليلة بملاحظاتكم المارقة غير اللطيفة، وخليكم على رأي المثل "الماضي يجمعنا".
وسام مصلح
12/01/2017
-
وسام مصلحماجستير إدارة المكتبات والمعلومات - قارئ بشغف- أحب الكتابة