عندما فتح ماثيو عينيه وجد نفسه في غابة كثيفة الأشجار المثمرة، خيل إليه انه في الجنة، لروعة المشهد الساحر و لتلك الألوان الأشد سحرا. لكن بمجرد أن مشى بعض خطوات حتى شعر بدوران إن هذه الغابة، غريبة لماذا لا يحافظ ماثيو على توازنه. بعد برهة اكتشف الأمر انها غابة معلقة. ولكن اين سيجد زمردة في هذه الغابة العجيبة، فكر قليلا، ولم يجد غير فكرة النداء عليها بأعلى صوته.
كرر إسمها عدة مرات لكن لا احد يصغي إلى حنجرته. و كان صدى اسمها يدغدغ كل اوراق الأشجار المثمرة. لكن لا مجيب، حينها إنتابه الخوف من كون هذا المكان الخطأ الذي ذهبت إليه زمردة.
في هذه اللحظات كانت زمردة تعجز عن الحراك فظلت عالقة في الأعلى اين المائدة السحرية. شعرت بالتعب والاكتئاب و لم تتردد في ان تأكل و تشرب ماوضع أمامها من ثروات هذه الغابة العجيبة المعلقة السحرية.
مر الوقت و ماثيو يبحث عنها، فجأة لمح شيأ معلقا في الأعلى. ظل يمشي خطوات متسارعة لاكتشاف المزيد. وعندما اصبح تحت ذلك الشيء المعلق تبين له انها مائدة طويلة لا نهاية لها. فاستغرب من هذا المشهد الذي يشاهد مثله لاول مرة في حياته. و قاده التفكير و هو يمشي تحت تلك المائدة ان ينادي بأعلى صوته: "زمردة... زمردة ... زمردة "
ظل ينادي بدون انقطاع. حتى انهكه التعب . و في اخر دقيقة سمعت زمردة شخصا ما يناديها. تعجبت بل خافت. و اعتقدت انها تهذي، فاصبحت تنظر إلى تحت بكل دقة. و تردد :"من .. ؟!"
سمع الأمير ماثيو صوتها فعادت إليه الحياة. وانتفض من مجلسه بسرعة البرق يبحث عن مصدر الصوت، و ينادي في آن واحد: زمردة... زمردة!!!"
أجابته زمردة من الأعلى: من يناديني بإسمي ... !
فتلعثم ماثيو فجأة من شدة الفرحة و ظل يردد بصوت منخفض :"أنا ... أنا .. الأمير ماثيو يا زمردة "
عندما سمعت ماثيو دق قلبها دقات متسارعة، لم تفهم من شدة الفرحة او من شدة الاستغراب. بل لم تصدق و اعتقدت انها مزحة ثقيلة قد يكون مصدرها هذا المكان الغريب، لكن ماثيو ظل يناديها و يخبرها أن تأتي إليه .
حينها استجمعت شتاتها و ضحكت بصوت منخفض، إن سعادتها لا توصف، كيف لهذا الأمير ان يتخلى عن سلطته، عرشه، كبريائه، و كل غروره، حتى يلحق بها بهذه السرعة. أظن أن المسألة مسألة قلب و محبة مفاجئة عارمة، قادت ماثيو الى التضحية. ظلت تنظر إلى تحت و تخبره أنها لا تستطيع النزول، فاخبرها ماثيو ان تحاول إيجاد حل. لكن لم يكن أمامها سوى القفز من الأعلى، و قد اخبرت ماثيو عن هذه المجازفة. فأمرها ان تبقى مكانها ريثما يجد حل. غاب عنها فترة ثم عاد بغصون أشجار متساقطة جعلها فوق بعضها، إلى أن حصل على مكان آمن للقفز. نادى زمردة و اخبرها ان تستجمع شجاعتها و تقفز مباشرتا فوق الاغصان الكثيفة. خافت في بادئ الأمر لكن رغبتها ف رأية ماثيو قادتها إلى الجنون و المجازفة بالقفز من الأعلى.
وفي لمح بصر سقطت فوق الاغصان و لحسن الحظ لم تتأذى بل فقدت الوعي قليلا. لكن ماثيو بجنون هرع إليها يتفقدها.
يتبع....
-
راضية منصورمختصة بدارسة قانون سنة ثالثة دكتوراه