فلسفة العبور
قراءة في فهم العلاقات الإنسانية
نشر في 01 فبراير 2021 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
هذه الشجرة شامخةٌ وسامية، حين نستلقي تحت ظِلالها تُحلّق بنا في رحلة عبْر التأمّل فلا يُحاورنا الشكُّ لحظةً في أنها ادّخرت جُهدًا في السهر على راحة أغصانها وإعالةِ أوراقها وإضفاءِ البهجة على أبناء بطنها الثمراتْ... تلك الشجرة التي ترسم لوحاتٍ من البهجة حين تأذن لقطرات من الندى أن تغازلَ قشور ثمراتها لتَنسُج لنا قَصصًا من العشق والهوى... هذا العشق يبدأ بتنهيدة هادئة وينتهي بلمسة دافئة من أنامل تلك القطرات كأنها تُسلّم وتعانِق قُبيلَ وداع أبديّ ووأْدٍ لانتظار لا نهائيّ... تلك القَصص العابرة لا تلبث أن تبدأ حتى تنتهيَ قبل أن يتملّك الندى وُريقاتِ تلك الشجرة ومن ثم أغصانَها فتسقط ويسقط سُمُوّها وينكسر شموخها.
هكذا، تخلّد اللحظاتُ قصصًا وتسرِد رواياتٍ وتُحيي ذكرياتْ... لحظاتْ! لن نحتاج في الحقيقة إلا إلى لحظاتْ، لنؤمنَ بأنّنا لحظاتٌ في حياة الآخرين كأنّنا سننسحب بعدها بهدوء على مشهد تلك اللحظات الجميلة ليسدلَ عليها مشهدُ النهاية.
فيا تُرى! من علّم تلك الشجرةَ الحكيمة فلسفةَ هذا العبور، وحكمةَ توقير المسافات ومنطق الترَوّي في (لحظة) المرور؟ تلك (اللحظة) التي تخلّد كلماتِ العابرين وتُحيي ذكرى العاشقين... مَن علمها؟ ربما علمتها الحياة فلسفة العشق ومنطق الغرام وطبائع الأشياء وحكمة تقدير المسافات في شتى العلاقات والصلات! وربما علمتنا الحياة يومًا هذه المقدمات... ربما نحن الآن بحاجة إلى مزيد من التأمل ... إلى تعميق علاقاتنا بالأشياء أكثر من الأشخاص... حينها سنعود إلى طفولتنا، براءتنا، إلى فطرتنا وطيب خواطرنا، ومن ثم طيب آثارنا... ربما حينها لن نخسر أحدًا، لن نستهلك ذواتِنا، لن نستنزف طاقاتِنا ومشاعرَنا، ربما لأن حينها (فقط) سيولد الشعور ... ربما بعدها نشعر... ربما.
التعليقات
لجدير بنا ان نتعلم فلسفة العبور .. بطريقة التي تتبعها الشجرة .
كلمات رائعة