عيد الأضحى - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عيد الأضحى

قصة قصيرة

  نشر في 19 يوليوز 2021 .

[1]

من المثير للسخرية أن أقرب صديق إلى قلبي لم يوجد قط في حياتي,كان بيننا اتصال لكنه اتصال يتخطى حدود العقل إلى الجنون,ويتخطى حدود الواقع إلى الخيال,ويتخطى حدود الطبيعة إلى الخوارق. حدث أول مرة لما كنت مارا من إحدى البيوت ضمن مصفوفة من المنازل المتراصة على طول الطرق الملتوية وصولا إلى فرن العيش. بيوت أحفظها عن ظهر قلب,وأعلم أن لا أحد يسكن في الطابق الأرضي من ذلك البيت ذو المدخلين. مدخل يؤدي إلى الطابق الأرضي وبه شقة تم تحويلها إلى نوع من الزرائب ترعى فيه الخراف. وبه المدخل والسلم الذي يصعد بالساكنين إلى باقي الطوابق الإحدى عشر. ومدخل آخر يؤدي إلى غرفة مشتقة ومنفصلة عن الطابق الأول,عبر باب حديدي مغلق عليها دوما بقفل عملاق بصورة مخيفة تلفت نظر المارين ذهابا وإيابا. وكانت به نافذة تم إغلاقها نهائيا بلوح حديدي بلا قفل ولا مفتاح ولا فتحات أو ثقوب. وكذلك الباب كصفحة سوداء لا تؤدي إلى النظر لإي بـ ومن الداخل.

كنت قادما من الفرن أحمل قفصا متباهيا بالعيش المرصوص على أعواده الخشبية المتشابكة,وعند مروري سمعت الصوت.

-الحقوني

حسبت أنني أتخيل وأكملت طريقي,وقد تكرر الأمر أياما كثيرة,حتى استوقفتني سماع الكلمة مع بحة ممتوطة وأنين حزين للغاية,ورجاء بين ودمع هين.

-الحقوونييي

توقفت وأصغيت السمع

-الحقوونيي

الصوت آت من خلف الباب الحديدي,اقتربت وشحذت أذني مقبلا برأسي

-أيوا,حد جوا

لم يأتي أي رد

-حد بينادي؟

لا شيء .. إلا أن الصوت استمر أياما وأيام,وفي جميع الأيام اللاحقة حتى جرت الأيام وصارت ثلاث أسابيع والأمر يحدث يوميا. بل وعدة مرات في اليوم الواحد,أثناء ذهابي للعمل أو محطة القطار أو السوق أو فرن العيش أو لمقابلة صديق أو قريب. أو غيره من الحاجيات التي أقضيها في نطاق المنطقة التي أسكن بها,والتي تجعلني أمر من أمام البيت, ولكن لا تحتم علي ذلك. فيمكنني تغيير المسار الذي أسير عليه,وصنع طريق آخر يكون حتى أكثر اختصار أو قربا من الأماكن التي أذهب إليها عدا ربما فرن العيش. إلا أنني ملت لأن استمع لهذا الصوت الحزين الخائف المتألم القاسي علي سماعه. ومع مرور أول شهر ومحاولة أخرى مني لم تأتي برد حتى أن أم إسماعيل أخذت تنظر إلي مستغربة,وربما قد حسبتني جننت. سألت عن صاحب الدار فعرفت أنه المعلم محمود عبد العظيم صاحب تجارة المواشي الكبيرة في حي السرايات كلها. والتي يأتي إليها الكثير من المقبلين من أماكن بعيدة في القاهرة إلى سوق الثلاثاء للتسوق وللمرور على بيت الرجل الثاني لعقد الصفقات ربما. وحتى يأتون من قرى الأرياف والصعيد,وربما من المدن الساحلية ولكن في المواسم الكبرى بدلا من يوم الثلاثاء الواحد في الإسبوع. لما سألته وكان يعرفني بحكم معرفته لأبي برغم أنها المرة الأولى التي أتعرف عليه بها,قال لي آنذاك.

-سيد يا شعبان,سلامة عقلك يا واد

ورغم سنوات عمري الواحد والثلاثين إلا أنه كان يكبرني بأكثر من الضعف وقد تخطت سنواته السبعين,لذا لم أتشدد معه في وصفه لي بالصبي.

-وعلشان تطمن قلبك وتريح بالك,أهه,خش شوف

كنا أمام الغرفة بالضبط وقد فتح لي الباب,وكنت متوجسا من الدخول,وهو خوف حقيقي فاللحظة التي ستخطو بها قدمي إلى الناحية الأخرى من الباب,ستكون هي أكثر ما أندم عليه في حياتي كلها. سأصير حبيس تلك الغرفة إلى الأبد. شارب الرجل وحاجبيه ليسا إلا أربعة قرون لشيطان يبتسم لي الآن ابتسامة تدعوني إلى التهلكة. وأنف خنزير وجبهة مارد وعيون ذئب وصفحة عفريت تزين وجهه إن كان للعفاريت ملامح معينة. ربما المردة لها جباه عملاقة تميزهم مثل القرون التي تميز الشياطين. بيده المزدانة بالمجوهرات بسطها أمامي داعيا إياي للدخول. وحينها دخلت متغلبا على أفكاري حتى لا يفضح أمري في الشارع بأني كنت كالفأر المذعور. ولما دخلت لم أجد أي شيء. مجرد غرفة خالية إلا من جدرانها.

###

مررت مرة أخرى,فأتاني الصوت راجيا باكيا مستنجدا للمرة المائة

-الحقوني والنبي

-عليك الصلاة والسلام يا نبي

وقد حفزني ذكر الرسول لترك تجاهلي والاقتراب من الصوت

-من؟

-أيوا فيه حد سامعني

-أيوا سامعك

-والنبي,بالله عليك يا أخي طلعني من هنا,وحياة أبوك يا خويا طلعني من هنا

وبدأ في نحيب تمزق قلبي لسماعه,وعلى الفور أسرعت مهرولا متخطيا جانب البيت إلى واجهته حيث الباب الآخر. وجدت الحاج محمود يتحدث مع إثنين يبدوان من زبائنه. رآني على حالتي تلك فخاف الظاهر أن يطفش مني زبونيه,فأتى خلفي مسرعا وفتح الباب. دخلت هذه المرة غير متردد وأنا لا زلت خائف من الحبس. ولم أجد شيئا أو أسمع صوتا. لا وجود لأي شخص.

-بقولك إيه سيد,ما تكلش دماغي معاك

-بس والله

-ولا بس ولا بسش,انت هجنني معاك ليه أمال

أتى الرجلان خلفنا ومعهم جار للحاج محمود,وكذلك أم إسماعيل تنظر,وبدا أن الناس ستحتشد حولهم الآن. وعدته أن لا يتكرر الأمر,وصرف الناس ولم يصرفني وأغلق الباب, ووضع مفتاحه في صديرية جلبابه,وقد لاحظت الآن أن المفتاح على ما يبدوا لا يفارقه.

بعد أن رحل الجميع أتاني الصوت مرة أخرى

-لما رحلت؟

-أنا لم أرحل

-طب بالله عليك افتح لي الباب

-والله ما أستطيع

-لما,ونبي هموت من الجوع والعطش,ومش قادر أتنفس,والأرض باردة,وتعبان مفيش حيل حتى أخبط على الباب,بس بخبط ومحدش سامعني

-الظاهر أن لا أحد يسمع الطرقات غيري

-انت بتعمل فيا كده ليه

-أنا والله ما بعمل حاجة

-يا أخويا أنا محبوس

-طب وأنا أعمل إيه

-طيب نادي حد من أهلي

-وانت مين ومين أهلك

-أنا محمد أمي معروفة في الشارع وست غلبانة والله,وزمانها هتموت عليا

-لحظة,انت محمد ابن أم محمد

-آه

-محمد اللي مختفي من عدة أشهر

-أي والله أنا

كنت قد أشعلت سيجارة لأول مرة في حياتي وأنا أخاطب شبح,الشبح وليس التدخين,لما سقطت السيجارة من فاهي المفتوح بشكل نمطي للغاية تعبيرا عن الصدمة.

[2]

على هامش حرب عصابات اشتعلت بين عائلتين في شارعنا بحي السرايا,توطدت الصداقة بيني وبين ذلك الغريب محمد,أكثر من أي محمد آخر قد أقابله في حياتي. تشاجرت عائلة عبد العظيم بقيادة أكبر أبناءه خالد ثم طارق ضد عائلة أم محمد المكونة من إخوته أو ربما أبناء عمومته أو ربما هم الجيران تدخلوا لها أو أصدقاء من نوع ما. لما حكى لهم ما حدث له بالتفاصيل,وبعد نفي شيخ المنطقة تدخل أي قوى روحانية من عمل (سحر) أو عين (حسد) أو مس (جن) وغيره في المسألة. لم يصدق أحد حكايته,لكن أم محمد والتي تجلس دوما صحبة أم إسماعيل وأم فؤاد,ستفهم ورجل آخر ربما زوجها (أبو محمد) أن الحاج محمود قد يكون له يد في اختفاء أبنهما. خصوصا وما يدور حوله من شبهات عن تجارة الأعضاء.

بعد نوبات من البكاء والرجاء طالت وطال معها الشقاء من قبل الطرفين,كان قد تقبل محمد حقيقة أن سيد -أي أنا- عاجز عن مساعدته. وصارت الحوارات تطول بيننا حول كل شيء وأي شيء. جالسا على عتبة الباب الحديدي,مستندا بظهري على الباب. سألت

-ماذا كان يحدث لما يفتح الباب

-الباب لا يفتح لدي مطلقا

-إذن لما كنت تختفي .. أقصد صوتك يختفي فأنت خفي بالفعل,أين تذهب؟

-كان يتلاشى صوتك أنت

-والآن صار لا يحدث ذلك

-نعم

-أعتقد بصراحة يا محمد أن لا أحد قادر على مساعدتك

-لما تقول هذا؟

-اعقلها أنت وقل لي

-ربما تكون محق

-يا أخي هناك مجزرة تحدث لأجلك الآن,ومع ذلك الأشخاص الذين يتقاتلون وينزفون الدماء في سبيلك حتى أن الشرطة عاجزة عن التدخل,لا يصدقون أن هذا الحوار بيننا يحدث فعلا

-ولا أنا أصدق

-وكيف تفسر هذا

-أنت فقط كنت ترحل وتعود

-وكيف أقنعك يا ربي

-لا يهم,أنت فقط خائف من أن تبلغ الشرطة أو تخبر أحدا ولكني تقبلت ذلك,غيّر الحوار

-كما تريد عزيزي

###

مع اقتراب شهر رمضان هدأت الأمور بين العائلتين المتخاصمتين,وأدرك كلاهما مع تساقط أشخاص جرحى من الطرفين أن لا جدوى من القتال,أو المزيد من الدماء.

تصالح الطرفان وتصالح محمد مع فكرة أن سيد -أنا- شخص طيب ربما فقط خائف أو ربما هناك أمر ما فعلا,فهو يؤمن بالأعمال السفلية والسحر الأسود أيضا. قامت المعركة وانطفأت ولم يفشي أحد أن سيد -أنا مرة أخرى- هو الواشي حتى لا يشتبك معه أولاد عبد العظيم وعائلة شعبان ليست ندا لهم,والله سترها فقط على أم محمد لأنها إمرأة غلبانة ليس إلا.

ورغم ذلك ظللت خائف على نفسي من أيادي عبد العظيم الطويلة,وخائف أكثر على مصير الفتى الحبيس بالداخل. صحبته لا تعوض والله. اتكأت على ركبتي ونظرت أسفل الباب محاولا المساعدة بطريقة ما,فلم أجد أسفل الباب ولا تحته,مجرد حديد ملتصق بقطعة الرخام الأبيض التي تشكل عتبته,لا مجل ليمر صرار من أسفل الباب بدون أدنى مبالغة.

###

أتى رمضان وكان سيد يجلس طول النهار مع حر الصيام,ويسهر ليالي أطول يدخن الحشيش أمام الباب الحديدي,ولم يستغرب الناس من ذلك وقالوا أنه فقط تصاحب (اتلم) على مجموعة من القوادين وصغار تجار المخدرات من الشباب الشمامين والحشاشين. في كل بقعة معينة أو مربع سكني أو منطقة أو شارع أو حارة -عدا بعض الأماكن- داخل حي السرايا كانت تلتف مجموعات مثل تلك حشود سامة مكونة من ثلاثة أشخاص على الأقل في العادة,يتجمعون على النواصي وأمام صالات ومقاهي الإنترنت الفقيرة والزوايا المظلمة في الشوارع والحواري والأزقة. قيل أنه صار يحوم حول الفتى (الواد) ألوان -هذا أسمه- وصحبته / شلته.

تأكد سيد أن لا أحد سواه يسمع نداءات محمد وطرقاته,وكان يتحدث مع محمد في أشياء كثيرة,مثل أخبار حول العالم بالخارج,أكلات مفضلة,حسناوات المنطقة,معارك دارت,وأشخاص ماتت,وأناس سافرت أو هاجرت أو عزلت.

###

أتيت ذات مرة وفي رأسي فكرة غبية لمحاولة إنقاذ الشخص المسكين بالداخل,كنت سأبلغ الشرطة لكنها بلا فائدة مع عبد العظيم ذو الجلباب الذي أشعر أنه قد يضم عمارة بقاطنيها داخلها. كان خياري مترددا ما بين الفأس أم الطفّاشة,ثم وقع اختياري على الأخيرة. أداة صغيرة ذات شفرة تقبل الدخول إلى أي تجويف لأي قفل,ولا تلفت إنتباه الناظرين وخاصة أم إسماعيل. أمسكني محمود عبد العظيم وأنا أفعل ذلك رغم أن محاولاتي أصلا قد باءت بالفشل وكان يمكن أن يمر الأمر بسلام لو تأخر دقيقة. إلا أنه مر بسلام على أي حال. أخرج المفتاح وفتح الباب.

-بص جوا

دخلت وخرجت

-خلاص,حل عن نافوخي بقى

ومشى مديرا لي ظهره الذي بدى كثور ضخم,وكدت أشعر وأنا أراقبه من الخلف أن نعليه سيتحولان إلى حوافر ماعز في مشيته. ثور وماعز. أي بقرة وعنزة. وابتسمت للتشبيه.

###

-كيف تتنفس بالداخل

-أتنفس عادي,ولكن شعور فظيع بالاختناق

-كيف تأكل أو ماذا تأكل

-لا آكل ولا أشرب

-كيف ذلك

-لا أعرف,أعتقد أنه أمر عادي إلا عذابات جوعي

-كيف يكون عادي يا رجل ألا ترى ذلك غريبا

-أنا جائع الآن وظمآن,طالما أنت قلق جدا علي,ما تساعدني يا أخي ينوبك فيّ الثواب وحياة عيالك

-لا تعد للنواح رجاء,تأخذ سيجارة؟

سمعته يبكي ويئن في صمت,ولا أعرف لماذا صرت أهتم به إلى هذه الدرجة,صارت هناك محبة أخوية من نوع ما بيننا. أنا أشفق على حاله وأهتم لأمره وعاجز عن مساعدته واستمتع بصحبته. ولا أجد تفسيرا لأي من تلك الأمور بما فيها مشاعري تجاه ذلك الإنسان المحبوس.

###

ذات مرة لم أستطع الكلام مع محمد بسبب دورات البكاء التي يستمر فيها طوال النهار والتي قد تستمر لبعد منتصف الليل,مصحوبة بصرخات عالية لا يسمعها غيري ويرتعد لها قلبي. هذا غير دوي طرقاته على الباب. كنت قد تعودت على ذلك,لكن هذه المرة شعرت بالضجر والغضب وقسوة العجز. ولما كانت تلك مشاعري لم أستطع تخيل كيف هي مشاعره أو تصور الحال بالداخل. الداخل الحقيقي الذي لا أراه لما يفتح لي الباب. ذات مرة ولا أعرف كيف أقنعت الحاج محمود لأن يفتح لي الباب مرة أخرى,أخذت أتفحص الجدران ولا مجال لأي خدع من أي نوع. برغم قلة خبرتي وسعة خبرة الحاج,حتى أنني عدت ذلك اليوم,وطرقت الباب وتأكدت من وجود محمد وراءه,وخلفي ثلاثة أشخاص يحسبونني جننت. لم أقل أن بالداخل محمد بالطبع خوفا من محمود عبد العظيم. لكنهم قبلوا عدم قدرتي على التفسير. الثلاثة هم محمود عبد العظيم,وخبير أثق فيه أتيت به من أحد معارف أبي,وأمين شرطة لما قدمت بلاغ لا يعلم بأمره عبد العظيم وحسب الأمين معرفة تبعي أيضا. تفحصنا الغرفة مرة أخرى في ذلك اليوم ولم نجد شيئا,وتأكد الرجلان معي أنه لا مجال لأي أبواب سرية أو ما شابه. حتى أننا فحصنا الناحية الأخرى من الجدار وقد أرعبني صبر الحاج محمود عبد العظيم تاجر المواشي الكبير عليّ.

[3]

كنت أتحدث مع رفيقي في الصباح الباكر بعد صلاة عيد الأضحى,والناس يهيمون هنا وهناك فرحين أو مهمومين بكيف يأتون باللحم ويعطون العيديات. وإذ بالحاج محمود يمر من أمامي,فخطر لي أن استغل يقيني بأن هناك طرفا آخر خلف الباب يحدثني وأطلب منه على الفور بأن يفتح لي لألقي نظرة أخيرة على داخل الغرفة. توقف وحدق فيّ,وزعق وهو يخرج المفتاح من صدره

-بقولك إيه يا سيد,أنا مش فايق لجنانك,ورايا دبايح وشغل كتير

وتقدم ليفتح الباب بيده التي تكاد تخرج مخالب منها ممسكة المفتاح بدلا من أصابعه,ولم أجد أي شيء داخلها واختفى الصوت في الحال

-يلا يا يابايا اخرج من الأوضة خلينا نشوف أكل عيشنا

وخرجت وأغلق هو الزنزانة وذهب في خطوات طويلة ومسرعة,وأتى الصوت

-رحت فين يا سيد

-موجود هروح فين يا محمد

ثم خطر لي خاطر مفزع,لم أنتبه إلى تساقط السجائر من علبتها وقد قلبتها للأسف بعد أن قطعت ورقتها بالكامل دون أن أقصد. الدبيحة الأولى هي سيد.

-مشيت ولا إيه يا سيد

-معاك هروح فـ....

وقُطعت عبارتي مع صرخاته الأقبح من أولى صرخاته في البداية,الأقبح من أي صرخات سمعتها له,الأقبح من أي شيء سمعته في حياتي إلى مماتي

-إلحقني يا سيد

-إلحقووونيييي

-إلحقيني ياما

-والنبي يا رب,إلحقني يا سيد ونبي ونبي

كان صامتا عاجز عن فعل أي شيء

-لا ونبي,طب أشوف الشمس,أشرب بق ميه,أتنفس هوا برا,أنا ما أذيتش حد,بالله عليك,عاااااااا,يا أمااااااااااااا

وعلى عتبة الباب سالت الدماء تبلل مؤخرتي,كأنني قعدت على حتة مبلولة كما يقولون, وتتقاطر أسفل قدمي واستمرت في سيلانها ممتدة أمامي مختلطة بالتراب ودموعي المنهمرة فوقها. طلبت للمرة الأخيرة أن ألقي نظرة بالداخل,ودخلت وأتاني صوت ثغاء الخراف وهي تذبح,ودماء تفترش أرضية الزنزانة يعرفها الجميع بشكل سنوي من مذبحة الغنم الحادثة في زريبة القبو خلف الغرفة. ولكني أدركت أنه دماء بشرية,وبصورة ما عرفت أنني حتى لو حللتها ستكون طبيا دماء حيوان.

الدماء تمر من الجدار بطوال الغرفة تخرج وحدها من الباب دون الشبح المحبوس,وخرجت أنا من الغرفة ولكني ظللت حبيسها بأفكاري طوال حياتي.

###

ومن القبور

.

.

.

.

.

.

.

في الزنزانة



  • رايفين فرجاني
    ناقد أدبي وسينمائي نشر عدد من المقالات على الشبكة,وكاتب روائي يعمل على عدد من الروايات والقصص القصيرة التي لم تنشر بعد.
   نشر في 19 يوليوز 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا