اتذكر مرة انني تساءلت في صغري كيف يكون الصداع ؟ وكيف هو الشعور به ؟ فبحمد الله كانت صحتي ممتازة ولا يخلو الامر من رشح عابر او مغص عادي ،ولكن في المجمل تمتعت بصباي بصحة حديدية بفضل الله...
عندما اذكر تلك الايام الجميلة اشعر بغصة في حلقي وحزن شديد، فما اعانيه اليوم من آلام وبشكل يومي جعل حياتي جحيما لا يطاق....
لا اتذكر متى بدأ المرض ولكني اعتقد ان نمط حياتي المرهق ورغبتي الشديدة بالكمال ،وانجاز الامور بمثالية وحساسيتي المفرطة كلها اسباب اورثتني هذا المرض المزمن والمتعب والمستنفذ لطاقتي لابعد الحدود ...
متلازمة القولون العصبي ...قبل مرضي لم اكن قد سمعت به والان بعد اكثر من 10 اعوام من المعاناة صرت متخصصة في هذا المرض .
كانسانة مصابة بهذا المرض اصارع بشكل يومي مع الام معدتي وقولوني وغازات مستمرة وامساك واسهال متناوبين .....واحيانا تهاجمني نوبة الم تتشابه اعراضها مع الجلطة القلبية فضيق في النفس ودوخة وصداع شديد وحموضة هائلة وتشنج في الاطراف وخفقان في القلب ....كم من مرات هرع بيزوجي لمراكز الطوارئ والمستشفيات ورأيت الموت يقترب مني او هكذا شعرت واعتقدت ...مرة تلو مرة والاطباء يذكرون نفس التشخيص : القولون العصبي .
بعد سلسلة من الفحوصات وناظور للمعدة وعشرات الادوية وزيارت الاطباء اكتشفت انه لا يوجد علاج لهذا المرض، ولا يوجد حل فهو مرض مزمن يكتسح كل جوانب حياتك ،ويتحكم بك وبطعامك ومواعيدك وعملك ونفسيتك ....
في العمل احاول قدر الامكان اخفاء ألمي الشديد ،والاعياء الذي اعانيه والخوف الذي يجتاحني من نخزات في صدري وخفقان في قلبي ...لكن يفضحني شحوب وجهي وانقطاع نفسي ....وكم يؤلمني ان اضطر لشرح ما اعانيه للاخرين وان اتحمل نصائحهم وملاحظاتهم بخصوص مرضي..
دائما كنت ذواقة للطعام محبة للطبخ وصنع الحلويات ...كنت اشعر بسعادة عارمة وانا في المطبخ ،اطهو اطباقا ووصفات جديدة والان يقنعني طبيبي ان معظم اصناف الطعام هي عدوتي .... واراني احاول غير آبهة بكلامه مواصلة حياتي على النمط الذي تعودته في محاولة للمكابرة وتجاهل سطوة هذا المرض على حياتي ، ولكني في خضم محاولاتي المريرة للعيش كما اريد والامساك بزمام حياتي ، قد آذيت نفسي اكثر مما تخيلت ، فقد هاجمني المرض بشراسة واذاقني الوانا من الصداع وضيق النفس واوجاع المعدة وعسر الهضم ،وقد جر علي كل ذلك ويلات الجانب النفسي لمرض القولون العصبي ، فبت اختبر امورا غريبة واحوالا لا تشبهني من خوف غير مبرر من الاماكن المغلقة والاماكن المرتفعة الى وسواس من الامراض وصولا الى نوبات هلع فجائية .
في مواجهة هذا المرض اكتشفت ضعفا وخوفا كامنا بداخلي على الرغم من قوة شخصيتي الظاهرة للجميع ، تعلمت ان اسمح لمشاعري بالظهور والا اكبتها واذا شعرت بالخوف فليكن ، فمصيره الزوال واذا ضاق نفسي جاريت ذلك وخففت من حركتي وهدأت لتمر هذه النوبة على خير ، واذا رأيت طعامي المفضل اعرضت عنه لمجرد شبهة ان يتحسس قولوني منه ، تعلمت الصبر على الألم وأن أقوى بنفسي وبعزيمتي بعيدا عن نظرات التعاطف من الاخرين ، اصبحت طبيبة نفسي وتوقفت عن مراجعة الاطباء وعمل الفحوصات ،فإن لم اكن لنفسي فلن ينفعني طبيب ولا حكيم ، قررت التعايش مع مرضي ومصاحبته فهو على كل حال ملازم لي ورأيت انه كلما أخلصت له بالابتعاد عن مهيجاته وما يضره بادلني بذلك عافية وهدوءا واستقرارا .
قديما كان يهيء الي ان السعي للكمال والبحث عن المثالية والانضباط الداخلي هي اركان النجاح، ولكني وبعد تجربتي مع مرضي اقول : هوني على نفسك فالكمال هو للخالق وحده والمثالية تفقد الحياة لذتها فارفقي بنفسك ولا تكوني جالبة الهموم اليها ، والله الله في التوسط والاعتدال في كل شؤون الحياة فهي وصفة سحرية لحياة هانئة سعيدة بعيدة عن الكدر المرافق للتنافس المحموم والسعي الحثيث لمواكبة احداث هذه الحياة والانتصار فيها ،
التعليقات
اهم شيء فلنعلم ان هذا المرض جاء ليعلمنا شيئا ولنفتح رسالته برحابة صدر.
معاناة نعاني منها بالفعل، وخصوصََا عندما يرتبط مرضنا بحالتنا النفسية فيزيد الأمر سوءََ عندما يخبرك الطبيب ألا تضعي نفسك تحت ضغط عصبي ولا تنفعل ولا ولا ولا ولكن هيهات خاصة لو كنتِ أمََا ومسؤولة عن أطفال وامرأة عاملة أو في دراستك كل هذه الأمور تزيد ضغطنا العصبي أضعافَا لذا فأقول لنفسي ولكِ سيدتي، الدعاء هو سر سحري لكل معاناة وإبتلاء، ودعينا نردد لعلها ذنوب أراد الله لنا أن تُكفر في دنيانا قبل أن نلقاه.
عافاكي الله وأبدلك صحة وعافية وسِتر ودام قلمك ومشاركتك الروحية لنا ولكل مريض.
واتفق معكى فيما قررته في مواجهة ذلك المرض بأن .....تهوني على نفسك فالكمال هو للخالق وحده والمثالية تفقد الحياة لذتها فارفقي بنفسك ولا تكوني جالبة الهموم اليها والله الله في التوسط والاعتدال في كل شؤون الحياة فهي وصفة سحرية لحياة هانئة سعيدة بعيدة عن الكدر المرافق للتنافس المحموم والسعي الحثيث لمواكبة احداث هذه الحياة والانتصار فيها ...
ما تشوفي بأس.. طهور ان شاء الله...