دعني أخبرك بصراحة أن ما ستقرؤه في هذه السطور سيكون صادما لك , وربما تنعت صاحبه بالمتشائم أو الأناني الذي لايريد الخير لأحد , وأيا تكن الشتائم التي ستصف بها كاتب السطور فهو في النهاية لن يغير من واقع الحال شيئ .
الواقع ياسادة أن السويد التي هي في نظر الكثيرين من (المعترين ) في عالمنا العربي وخصوصا السوريين الذين يبيعون الغالي والنفيس بل ويقترضون الأموال ويخاطرون بأرواحهم ويسلمون أنفسهم لشبح الموت في بحر تتلاطم أمواجه من أجل أن يصلوا إلى الجنة الموعودة أو أرض الأحلام حيث المال والأمان والراحة !!
هذا في نظر البسطاء والمعوزين وممن ضاقت بهم الأرض بما رحبت جراء حرب ودمار وانعدام لأبسط مقومات الحياة في بلدهم الأم حيث بات العيش والتأقلم مع سنوات الحرب والقصف والدماء والأشلاء مشهدا يوميا مألوفا لكنه لم يغير من معاش الناس سوى التقلب في شظف العيش بحثا عن حياة في أبسط صورها وهو ما افتقده السوري البسيط لذا قرر وهو يسمع بأصدقائه وأقرب المقربين إليه وهم يخوضون عباب البحر بغية الوصول إلى السويد (الوجهة الأولى المفضلة للسوريين تحديدا )..
لكنه بمجرد أن يحط رحاله بعد رحلة سفر تعرض فيه للموت مرات ومرات وبعد أن قاسى الأمرين وأفرغ جيوبه للمهربين الجشعين الذين يلبسون ثياب الإنسانية وهي منهم براء .. أقول بمجرد أن يصل هذا المسكين حتى تبدأ رحلة المعاناة التي تبدأ من فترة تقدمه بطلبه إلى مصلحة الهجرة (migrationsverket) والتي تتولى البت في طلب المتقدم للجوء وفرزه إلى المكان الذي سيسكن فيه بصورة مؤقتة حتى إصدار قرار الإقامة , وغالبا مايتم توزيع طالبي اللجوء في تجمعات سكانية صغيرة وبعيدة عن المدن الكبرى , وفي معظم الأحيان يتم توزيع الشباب والعزاب والقادمين فرادى بدون عوائلهم إلى فنادق صغيرة وبعيدة عن المدن ,وهنا تبدأ المعاناة الحقيقية إذ يتطلب الأمر الكثير من الصبر حتى يتم تحديد زمان ومكان المقابلة التي على إثرها يتم منح أغلب المتقدمين من السوريين حق الإقامة الدائمة , وهو الأمر الذي يصيب الكثيرين بالإحباط والتململ مع انعدام أي مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية في تلك التجمعات وهو الأمر الذي لم يعتده العرب والسوريين تحديدا وهم المفعمون بالحياة والسهر وصخب الزيارات الأسرية والنزهات , وهو ما يفتقده اللاجئ خصوصا في أجواء مناخية غاية في القسوة والتي تمتد لأشهر !!
بعد صبر قد يطول قرابة السنة يحصل على القرار المنتظر لتبدأ معاناة من نوع آخر تتمثل بلم شمل أسرته إن كان من أرباب الأسر , وهو ما يتطلب إجراءات روتينية طويلة ومزعجة على النمط السويدي المعروف ببروده الشديد في التعاطي مع القرارات الحكومية .
وهو في هذا الخضم المتلاحق يبقى السكن وتوفير الشقة له ولعائلته همه الأول وشغله الشاغل في بلد رغم اتساعه الجغرافي إلا أن ثمة أزمة سكن حقيقية وضاغطة تؤرق كل الوافدين الجدد للسويد , وبات الحصول على شقة بعقد رسمي (första hand) أمرا دونه خرط القتاد , ولابد فيه من التضحية بالكثير من المال لدفعها إلى السماسرة والباحثين عن الربح الفاحش والسريع لتأمين شقة بعقد رسمي قصير المدى (andra hand) أو السكن بالأسود (التأجير من الباطن ) وهو أمر مخالف للقانون لكنه الأكثر شيوعا في أوساط القادمين الجدد.
هل انتهت المعاناة ؟
قل إنها بدأت الآن ,, فبعد حصولك على السكن المناسب ينبغي أن تلتحق ببرنامج اللغة وتعلمها وهو الأمر سيتطلب منك جهدا مضاعفا خصوصا لكبار السن الذين سيعودون طلابا يحلون الواجبات ويحضرون الوظائف التي تطلب منهم , وخلال تلك الفترة التي ربما تمتد لسنوات يعطى اللاجئ مساعدة من الدولة تعينه على تسديد المصاريف من سكن ومعاش وتسديد فواتير لاتنتهي !!
للحديث بقية
-
حازم حريريإعلامي ـ معد برامج تلفزيونية وإذاعية ـ مدرب تنمية بشرية
التعليقات
قبل أن يصطدم الشاب بواقع الغربة و البحث عن العمل الذي يفرض عليك الكفاح أو العودة
للوطن.
مقال جميل عن حلم الهجرة للسويد