غير بعيد عني جلس مداعبا فنجان القهوة كما تداعب جوهرة نادرة او اشد ،لم يلق السلام باشرني بالكلام قائلا:
اكتظ الناس في خندق العادة ،وانتصرت كل اسباب الغياب حتى سؤال البقاء او الرحيل وقف جاثما على باب الفلول المارة ،هنا وهنالك القادم كالماضي و الماضي لا يمضي ولايعود ،ترسانة الكلام المفتول على أعتاب اللاشيء وحدت كل ممزق وساقت كل شوارع الهوية إلى وجهة الهباء الممتد ،في كنف النهار حركة الامتلاء بالغياب في اقصى عنفوانها ،دفق من العقول على مد الاعمار لا تعمر شيئا غير المكان ،وفي حضرة الوقت اكثر ما يبصم هو انتقاص الزمن من عمر المارة ،لا افكار ولا انوار كل ماهنالك اسوار من هلاميات الفكر الملتقط ،تنهار كلما حل الليل بكبرياء الاستكان مانحا خمول النهار صفة الولاية لجسد مسكون كدار ضيافة للاسف اقصى من تستضيف مالكها ..
قلت : والمغزى ؟ وما الخطب يا هذا ؟
اجاب : لا تسألني ،وسل نفسك ! فحتى في اسوء حالاتي اكون بخير ، هكذا تبدو الحياة شارع وامتداد من المارة ،نصافح بعضهم ونجالس آخرين وقد يقتضي من الامر الوقوف معا حينا ،لكل منا وجهة والقاسم الوحيد المشترك بيننا اننا نمضي ،والفرق بيننا اين نتوقف ،لامحيد عن المسير ولاعذر للاستكان ،الاحمق فقط من يلوم امتداد الشارع ما لايملك وجهة محددة سلفا ،فيضيع بين المارة فوجتهم وجهته ،عنوانها التيه ما اختلفت وجهة الآخرين وحتما هي كذلك !
فقلت : ومالحل ؟
نظر الى السماء قليلا وقال : امض قدما فقط لا تتوقف وربما نلتقي هنالك لنحتسي بعض القهوة ! والزاد والرفيق انت لاغير ...