أستمع للنازحين من قمم الأوجاع راغبين في إنصاف قضيتهم ..و ألقي بالا و اهتماما لمتميز بريىء حبا و نما و قام للعشاق في الليل يسكب لهم محافلا من انجازاته لكن لا أحد يبالي به ، أجول حول صراخ الزوجة لزوجها أن لا تحرمني من إنصاف منحه الله لي بميثاق و عهود لكنه نقضه عمدا ، و انتبه لصراخ المريض في مشفاه أن مهلا على وخز الإبر في أوردتي ، و بالمقابل صبية على فراش الأنين تنازع و لا تصارع بعد ان خفتت القوة منها و قد أزاح السرطان كل جمال و بريق من عينيها ، لمع ذات أعوام أملا و حبا و رغبة في الحياة ، لأنتقل إلى مكان آخر ساكن ، هادىء لا صخب فيه و لا وجع حيث الأيتام ينامون على فرش من قش رث، و أنسكب بالقلم تظلما لاتساع هوة الملابس الممزقة على أجسادهم ، أرحل لأقف في شارع ينام فيه المجردون من الحقوق في أسرهم ، على أغطية لا تسع مطلبا واحدا من مطالب مصارعة البرد الشديد ، أجوب خريطة الممنوعين من الكلام من حق و إنصاف و عدل و قد سجنوا جورا على شجاعتهم، لكم بدى لي الكل منكسر الخاطر ، و لكم ظهر لي الكل يعاني ، و لكم غاب الحق و العدل من أفواه هؤلاء ،و لست أجد اسما مسمى لهم إلا أن أصمت طويلا لأتدبر قدرهم و أركز على حرمانهم ،و حين أقارنهم مع غيرهم من الأصدقاء و الأقرباء أجد عنوان حياتهم أنهم في عالم آخر لا يمت بصلة بعالم الأحياء حقيقة ، لست أخالهم أموات و لكن محرومين بمعنى الكلمة ، فمنهم ما كان منزها من النقص وصار فقيرا من كل شيء ، و منهم من كان بصحته فجرده خطأ طبي من ابتسامته ، هي هكذا أحوال المخفيين من الأحياء و خلهم أنت بتفكيرك مكاني إن كانوا فعلا أحياء ، لست أنتبه إلا لطول أمد الألم معهم ، و الى صيحة الصبي المريض لما ارتفعت لتمزق دموعي تمزيقا و بعثرة ، لست أناشد عصرا فيه شفاء تام و لست أحاكي طبيبا على يديه سكتة ألم ، لا و لكني أغوص في عالمهم و أراقب منهم ردة الفعل الذكية ، هم أذكياء بفطرة الصبر و لا يولون منتبها بالا و لا اهتماما، بل يصافحونه بابتسامة رقيقة جدا لا تخرج معها أنفاس و لا ضحكات ، أحسب هؤلاء مخيرون بين الصحة و المرض ، و غيرهم بين الفقر و الغنى و آخرون بين العلو و الدنو من المكانة الاجتماعية ، هي هكذا الأقدار بموازين العدل حقيقة ، نعم فيها عدل خفي لا نفهمه إلا و نحن نطيل التركيز في رنة الألم و برد الشتاء على الأجساد المجردة من الثياب الواقية ، هو المرض من يعطي لصاحبه مهلة راحة لينزوي عن الأصحاء و يرافق المرضى عله يواسي ألمه بآلام الآخرين ، سمهم ما شئت أو قل عنهم ما شئت ، اعلم أيها الزائر لهم و المار من أمامهم أن الخاطر منكسر لديهم و لا يبدو لك ذلك ، و الضعف منتشر و لا يسمو لك ذلك ، و الحقيقة للخلاص باهتة و لا يتضح لك ذلك ، المراد من كل هذا الصراع هو لحظات فيها خلاصا و فرجا و شفاءا و غنى و راحة بال ، لأن الخاطر منكسر..
تابعني حيث مخرج الصمت الطويل مني سيترجمه قلمي في هذه العبارة :
لست أفضل من غيري و لكنني أملك قناعة قوية تجعلني أرفض مقارنة نفسي بأحد..و إن أردت تصبرا نظرت لمن دوني من الناس و لا أتطلع إلى من هم أعلى مني..و أكل الرغيف على حصير الزهد أفضل لي من عشاء فاخر لا تستلطفه روحي..و كتابة قصيدة تحت نور شمعة شامخة خير لي من مصباح معولم بتكنولوجيا ساحقة لنضج أفكاري و فصاحة قلمي..و على الأخص أنها ستنسيني مواساتي لغيري.
-
د.سميرة بيطاممفكرة و باحثة في القضايا الإجتماعية