قبل أكثر من عشرين عاماً .. فر والدي بطفلة صغيرة .. تاركا خلفه أفقر مناطق الصين آنذاك " كولون " الی أرض اتسعت له بعدما ضاقت عليه بلاده .. و الی قوم أحبوه بعدما جفاه أهله ..
أعوام كثيرة تفصلنا عن الحدث العظيم في حياته .. و لا ذكريات لي سوی ما يتفضل به علي والدي من حكايات لم تكتمل عن الصور القديمة التي يحملها بين قلبه و جيب قميصه ..
بعينين تفضحان موطن صاحبهما و ببشرة ملساء تثير غيرة بنات حيينا .. أعيش أنا المدعوة " وانغ آن آن " و الذي يعني " السلام و المحبة و الانسجام ..
أعيش وسط أصدقاء طفولتي و أمهاتي .. برغدٍ .. لمسته في كعك العيد الذي أنال منه قسطا وافرا من جميع جيراني ..
و من لحم الأضاحي الذي لو كنا نملك ثلاجة لكفنا لشهور عدة ..
جيد أننا لا نملك ثلاجة و الا كنا أعتدنا طوال العام علی طعم اللحم .. و لما أستطعنا بيعه أو استبداله بضروريات العيش التي لا يمكن الاستغناء عنها ..
ليلي نصيبه الأوفر في صناعة الأعمال اليدوية ..
و صباحي جائلة بائعة لبضاعتي ..
ينقصني الكثير من التقدير لبضاعتي التي لولا رثة موادي الخام لنافست الماركات العالمية ..
ذات يوم سأصنع ماركتي الخاصة .. هذا ما أؤمن به و أصدقه ..
والدي العزيز الحاج كما يناديه سكان الحي ..
"وانغ ون كوان " و يعني " الثقافة الواسعة " ..
يقال أن لكل منا نصيب من اسمه .. و هاهو والدي المثال الحي علی هذه المقولة ..
حكيم الحي .. الذي يستطيع حل جميع المشاكل .. بارع أنت يا والدي في حل مشاكلهم ..
و لكن ماذا عن مشاكلنا ..
نهاية الحلقة الأولی
-
د . فاطمة الزهراء الحسينىلكي لا تختنق الكلمات .. هنا واقع اخر .. تلفظ فيه أنفاسها الأخيرة