معضلة السجين.. فكرة فلسفية ! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

معضلة السجين.. فكرة فلسفية !

فكرة فلسفية

  نشر في 25 أبريل 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

يقول رجل الشرطة لغوردن : هذا هو الإتفاق - إعترف ضد رفيقك - سيسجن لـ 10 سنوات وأنت تخرج من هنا ببساطة..  علم غوردن أن رجل الشرطة يستطيع إرسالهم للسجن لسنة واحدة على كل حال، فقط لحملهم السكاكين؛ لكن لم يكن لدى الشرطة مايكفي من أدلة لتثبت عليهم السرقة.

يعلم غوردن أنهم كانوا يعقدون نفس الإتفاق مع رفيقه طوني في الحجرة المجاورة - إذا اعترف كلاهما ووشو ببعضهم فسوف يكون نصيب كل واحد منهم 5 سنوات في السجن. لو كان يعلم فقط ماذا سيفعل طوني ...

لكن غوردن ليس غبياً، لذلك وزن خياراته بحذر. ' سأفترض أن طوني التزم الصمت، عندها سيكون خياري الأفضل هو الوشاية به - سيسجن لـ 10 سنوات وأكون حراً. وإذا اعترف ضدي؛ فسيظل من الأفضل أن أعترف ضده ويكون نصيبي 5 سنوات - لكن، إذا أنا التزمت الصمت، سأكون أنا من يقضي الـ 10 سنوات في السجن. لذلك في كل الاحوال وأيما يفعل طوني يكون خياري الأفضل هو أن أعترف ضده. المشكلة عند غوردن هي أن طوني ليس غبياً أيضاً وسيصل بالضبط لنفس الفكرة. لذلك يعترف كلاهما ويسجنان كلاً لـ 5 سنوات. لكن، لو التزما الصمت فسيكون لكل منهما سنة واحدة في السجن ...

لذلك يختار الرجلان قراراً عقلانياً معتمداً على حساب الفائدة الشخصية، ولكن نتيجة ذلك ليست بأفضل الخيارات لكل منهما. ما الخطأ الذي حدث؟

نظرية الألعاب

تُعرف القصة المذكورة بالأعلى بـ "معضلة السجين"، وقد تكون أكثر قصة يُحتفى بها من بين عدة سيناريوهات تُدرس في مجال نظرية الألعاب. موضوع نظرية الألعاب هو تحليل حالات من هذا النوع، حيث يكون هناك صراع في المصالح، وتحدد مايمكن أن يحسب كاستراتيجية عقلانية. مثل هذه الإستراتيجية - في هذا السياق - تهدف إلى زيادة فائدة الشخص وذلك سواءً بالعمل مع الخصم (التعاون) او بالتخلي عنه (الإرتداد). وتفترض أن مثل هذا التحليل يقوم بتسليط الضوء على سلوك إنساني حقيقي - سواء بتوضيح لماذا يتصرف الناس كما يفعلون أو بفرض كيف يجب أن يتصرفوا.


في تحليل نظرية الألعاب، الاستراتيجيات الممكنة لغوردن وطوني يمكن تمثيلها كالتالي:

برزت المعضلة لأن كل سجين مهتم فقط بتقليل فترة سجنه. لكن من أجل الوصول إلى أفضل نتيجة لهم جميعاً (سنة واحدة لكل منهما) يجب أن يتعاونا ويتفقا على الوصول للنتيجة الأفضل لكل منها منفرداً (بلا عقوبة). في معضلة السجين، مثل هذا التعاون غير مسموح، وفي أي حالة لن يكون لديهما أي سبب للثقة في بعضهما بألا ينقض أحدهما الاتفاق. لذلك يتبنون استراتيجية تمنع الوصول إلى أفضل نتيجة لهما من أجل تجنب أسوأ نتيجة لكل على حدة، وينتهي بهم الحال - بالحل غير الأمثل - في مكان في الوسط.

المجموع الصفري
تعتبر نظرية الألعاب مجال خصب حيث أن بعض مصطلحاتها أصبحت متداولة بشكل شائع. فـ"لعبة المجموع الصفري" على سبيل المثال - تُستخدم غالباً بشكل غير رسمي خاصة في سياق الأعمال - تقنياً هي لعبة مثل الشطرنج أو البوكر، حيث أن الفوز في جانب واحد متوازن مع خسارة الطرف الآخر، لذلك مجموع الاثنين هو صفر. على عكس ذلك، فإن معضلة السجين هي "لعبة مجموعها غير صفري" حيث انه بالإمكان للاعبين جميعاً الفوز - ويمكنهما الخسارة أيضاً.

الآثار على العالم الحقيقي

الآثار الواضحة لمعضلة السجين هي البحث الأناني للحصول على المنفعة الخاصة، حتى وإن كانت عقلانية نوعاً ما، لكنها قد لا تؤدي للنتيجة الأفضل لشخص أو للآخرين؛ ومن هنا فالتعاون (في ظروف معينة على الأقل) هو السياسة الأفضل.

كيف نرى دور معضلة السجين في العالم الحقيقي؟

تلعب "معضلة السجين" دوراً مؤثراً في علوم الاجتماع، بشكل ملاحظ في الاقتصاد والسياسة. على سبيل المثال قد توضّح لنا طريقة صناعة القرار و علم النفس وراء التصعيد في حيازة الأسلحة بين الأمم المتنافسة. في مثل هذه الحالات، تكون مفيدة كمبدأ للأحزاب المهتمة بالوصول إلى اتفاق يحد من الإنفاق على السلاح، لكن بشكل عملي نادراً مايفعلون ذلك. وفقاً لتحليلات نظرية الألعاب، الإخفاق في الوصول إلى إتفاق يكون بسبب الخوف من خسارة كبيرة (هزيمة عسكرية) يفوق نسبياً الفوز الصغير (انفاق أقل على الأسلحة): النتيجة الواقعية - لا الأفضل ولا الأسوأ - إنها سباق تسلُّح.

يمكن رؤية نموذج مواز لـ معضلة السجين في نظام المساومة الذي يدعم بعض الأنظمة القضائية (كالولايات المتحدة) لكنه ممنوع في الدول الأخرى. منطق معضلة السجين يقترح أن الاستراتيجية العقلانية لتقليل الخسارة الكبيرة - تكون بالاتفاق على قبول عقوبة أقل خوفاً من الحصول على عقوبة أكبر - لكن ذلك قد يستدعي الأطراف البريئة للإعتراف والشهادة ضد بعضها. وفي أسوأ حالة، قد تقود الأطراف المذنبة للاعتراف، بينما البريء يستمر في التوسل من أجل برائته، مع النتائج الغريبة التي تجعل البريء يحصل على عقوبة قاسية جداً.

                                                             ***

أشهر منظّري الألعاب اليوم هو جون فوربس ناش. فبالإضافة إلى ذكائه الرياضي وانتصاره على مرضه العقلي، حصل على جائزة نوبل في الإقتصاد عام ١٩٩٤. جُسِّدت قصته في الفلم الرائع A Beautiful Mind.
أشهر مساهمة لـ ناش هي ما يعرف بـ "توازن ناش" - والتي هي عبارة عن حالة مستقرة في اللعبة بحيث أنه لايوجد لاعب يملك الدافع لتغيير استراتيجيته مالم يقوم غيره بالتغيير. في معضلة السجين،الارتداد المزدوج (يعترف كلا اللاعبين) ،يحدث توازن ناش والذي كما رأينا لا يأتي بالضرورة بالنتيجة الأمثل للاعبين.

                                                                             ***

لعبة أخرى دُرست من قبل منظّري الألعاب هي "الدجاجة"، والتي جُسّدت بشكلٍ لا ينسى في فيلم جيمس دين 1955 متمرد بلا سبب. في اللعبة، يقود لاعبان سياراتهما تجاه بعضهم والخاسر (الدجاجة) هو الذي ينحرف عن الطريق. في هذا السيناريو، ثمن التعاون ( الانحراف عن الطريق والخسارة) هو قليل نسبياً مقارنة بثمن ( الاستمرار في القيادة والتصادم) حيث ان الحركة العقلانية تبدو هي التعاون. يأتي الخطر عندما يفترض اللاعب (أ) بأن اللاعب (ب) عقلاني أيضاً وسينحرف، وسيسمح لـ (اللاعب أ) للقيادة للأمام بثقة والفوز. الخطر المتأصل في الدجاجة - هو الإرتداد المزدوج (كلاهما يقود للأمام) مما يعني الاصطدام.


والآن، هل بإمكانك إسقاط معضلة السجين أو نظرية الألعاب على واقعك؟ أو الواقع من حولك؟



المصدر:

  Ben Dupre - Fifty Philosophy Ideas You Really Need to Know



  • 25

   نشر في 25 أبريل 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا