للوهلة الأولى قد تشعر أن موضوع الحركة والسكون لا يستدعى دراسة أو تأمل ، فعندما تسير على الطريق تستطيع بكل سهولة الحكم على أعمدة الانارة والأشجار على جانبى الطريق بأنها ثابتة (أى فى حالة سكون) ، بينما تلك السيارة التى تسير على الطريق ذاته فهى بالطبع متحركة.
ولكن..هل الأمر يختلف عندما تكون أنت بداخل السيارة ؟ هل سيتغير حكمك ؟؟
- قطعا ،ستختلف الأمور ، فعندما تستقل السيارة ، سترى أن أعمدة الانارة والأشجار تتحرك ، والمفارقة أنك داخل السيارة ،سترى مقاعد السيارة ساكنة لا تتحرك ، فى حين أنك كنت ترى السيارة بكل محتوياتها تتحرك وأنت على الطريق..
فإذا كنت أنت قد راقبت كل هذه الأجسام ( أعمدة الانارة ،الأشجار، السيارة..) ،فلماذا يختلف حكمك عليها من مرة لأخرى ؟؟ وهل يمكن أن يكون لجسم واحد صفة الحركة والسكون ؟؟
ثم أن الأمثلة السابقة ، تدل على أنه ليس هناك سكون مطلق أو حركة مطلقة .. وهل هناك مرجع ثابت من نتعرف من خلاله على حركة الأجسام؟؟
-ويبدو أنه لا وجود لجسم ساكن فى الكون ، فالكون كله فى حركة مصطخبة ..ولكن..لماذا نرى بعض الأجسام ساكنة لا تتحرك؟؟
-والواقع أننا نرى الأجسام متحركة إذا تغيرت مسافة الجسم مع الزمن ، وإذا لم تتغير تلك المسافة فنرى الجسم ساكنا . أما عن حقيقة الأمر فإن الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس ، وتدور معها كل الأجسام الموجودة فوق سطحها ، وكل ما هنالك أن حالة السكون التى نرصدها ما هى إلا تساوى سرعة حركة مقدار الأجسام إلى الزمن ، وهذا ما يجعلك فى هذه الحالة ترى الأشجار أو أعمدة الانارة ساكنة ، لأنها تتحرك بنفس السرعة التى تتحرك بها أنت وهى سرعة دوران الأرض ، ولذلك لا تشعر بحركتها ..وعليه فنحن لا نلاحظ الا مقدار الزيادة لحركتنا بالنسبة للأجسام الأخرى ، وهذا يقع حينما نركب السيارة .
والواقع بأن الحقيقة التى تقول بأنه لا وجود لجسم ثابت فى الكون ، لم تغفل الآيات القرآنية عن ذكرها منذ أكتر من ١٤٠٠ سنة ، وستعلم هذا عندما تطالع تلك الآية { وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب صنع الله الذى أتقن كل شئ انه خبير بما تفعلون} .
ولكن السؤال : هل يمكن قياس حركة الأجسام أو سكونها ؟؟
- وفى الحقيقة قياس حركة الأجسام أو سكونها ، يحتاج إلى رصيف ثابت للملاحظة ، وبدون وجود هذا المرجع الثابت لا يمكن معرفة الحركة من السكون ، ولكن ليس هناك وجود لرصيف أو مرجع ثابت فى الكون ، والكون كله فى حركة مستمرة ، ولهذا يستحيل قياس الحركة الحقيقية أو المطلقة وكذلك السكون ، وكل ما نستطيع قياسه هى الحركة النسبية (حركة جسم بالنسبة لآخر).
وفى هذا الصدد كتب د/ مصطفى محمود فى كتابه ( أينشتين والنسبية) : [ وقد تعب نيوتن من مشكلة البحث عن الحركة الحقيقية ، وظل يتخبط من حركة نسبية إلى حركة نسبية ، فحاول الخروج من المشكلة بافتراض أن هناك جسما ساكنا تماما يوجد فى مكان غير معروف ، تقاس به الحركة الحقيقية ، ثم عاد واعترف بعجزه عن البرهنة على وجود هذا الجسم الثابت ، واعتبر أن الجسم الثابت هو الفضاء نفسه، واستمر على هذه العقيدة بدوافع دينية ، قائلا أن الفضاء يدل على وجود الله ، ولم تنفع هذه الدروشة بالطبع] .
وقد أطلق العلماء على هذا الجسم الثابت (المزعوم) اسم (الأثير) .. ولكن سقطت نظرية الأثير ، وكان رأى أينشتين أنها خرافة ، وحسب د/مصطفى محمود فى كتابه (أينشتين والنسبية) : [ أما أينشتين فكان رأيه فى المشكلة أن وجود الأثير خرافة لا وجود لها ، وأنه لا يوجد وسط ثابت ، ولا مرجع ثابت فى الدنيا ، وأن الدنيا كلها فى حركة مصطخبة ]