عيناكَ نافذتان أَطلُ من خلالها على وطني
فألقي على حدوده نظراتنا المعلقة كنجمةٍ في الأفقِ تستدرجُ الليلَ وتعيشُ على ظلَّه و لم يشفع لها أَن تراه
كأن السماءِ تحددت في مداه
كانت ترتقبُ توهَّجه من بعيد
و تَنسجُ من صدى الليلِ منديلاً يمسحُ أحزان فجرٍ جديد
و لازلتُ اراه نخيل موشحا بالكبرياءِ و إلى جانبهِ طفلٌ مفقود تكادُ تظنّ حينَ تراه يبلغُ من العمرِ سبعين عاما
و أخرٌ يحاول أنَّ يسرقَ من فرصةِ الدرسِ دقيقتين و بضع ثواني لِيكتبَّ ما يخبئ في صدره من آهاتٍ يجرها النشيد الوطني ..
أَي حبَّ هذا الذي يقتلنا ويبيعَ لحمنا ممزقاً و لازلنا على قيدهِ نَبتسم
وهذا الحبُّ لَمْ يكن إلا نجمة تَزور سماءنا كلِ يوم فتغذي سقوفَ منازلنا ، قُبلةً ترممُ المدن المنهكة ، لحناً يضيء ُدربَ الخائفين
فلا تحاولوا أنَّ تحجبوا الرؤيا
فالحبُّ مفردةً وطنيةً قديمة تجدها إِن فَتشتَ عنها في جيوبِ اللاجئين لم ينسوها حينَ تسللوا من ديارِهم فأورثوا كل ذرةَ رمل تحتَ اقدامهم فباتت ترددُ هذا الصدى .
و مرة ًأخرى يفتحُ الشباكَ قلبه للتائهين في منتصفِ الحلم .
و أنتِ أيتها الأم أيتها الأرض التي لا تنقضي أوجاعها
يوصيكِ قلبي سلاما.
يحط ُالفراش على كتفيكِ فيرتوي من حنينكِ نغماً ثم يطير
و ينشرُ في الهواء من فَوقنا جرعةَ الأملِ .
ولما تهبَّ الريح و تهتزَ الأواني في مطبخكِ و معها تهتزُ ألف ذكرى و يتأرجحَ ألف قلب تاريخُ الميلاد، إبتسامةَ الطفولة ، الوقوفَ في البابِ عند الوداع ، كيف لهذه الريح أَن تُعيدنا في لحظةٍ واحدة و في عينٍ واحدة وفي قلبٍ واحد
و أرى وجهكِ يمتلىء بدمعٍ صافٍ شفيفاً و أنتِ تعدين القتلى شهيد ، شهيدين ، الف شهيد ، و الف وردةً مقطوعة لَم يكتملَ حلمها تنتظرُ ظلٌ كاذبٌ لن يأتِ ..
و يقولُ أبي تهجَّى حروف اسم بلادكَ من شفتاه أمكَ حينَ ترتجفُ عند الغروب
كانت تناجي الله بأن لا ينكسر و ينكسر الأَله بعينيها كلما أَرتفعَ صوتِ المأذنة
صادراتنا تزداد
لا بأس تَزداد صادراتنا في حصةِ الموتِ تدريجياً إنها ثمناً للذهبِ الأسود
و نحنُ الخطايا و الضحايا
عابرونَ على جرفٍ من الهلعِ و يقتلنا الضمأ كقطرة ٍماء تسقطُ من لوحٍ خشبي
أننا إعلانٌ عابر في نشرةِ الأخبار يخبئنا المذيعَ في الجيبِ الصغير من مِعطفه و صراخُنا يلوذ َفرارا خلفَ إبتسامتةً مزيفةً .
مشنوقةً على شفتيه تقولَ له إِقرأنا كيفَ ما تشاء ثم مَزق الجريدةَ
لا تبتأس كانت تقول له
نحنُ إضافيّونَ من على متنِ هذه الأرض
وهي أَيامنا تتجمَّد لا شيء أَكثر ..
-
سرى كريمالكتابة هي الحيزُ الذي أرمي فيه ذاكرتي لا أنتمي لأحد سوى ذاتي و فكرتي و مسؤولة عن كل ما أقول .