بین الواقع و المنطق تساؤلات عن ما نعشیھ في حیاتنا
نشر في 02 غشت 2022 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
رُبما يقول الواقع إنه لا اختلاف بين عام وعام، وأن الحياة قبل الثانية عشر ليلًا هي ذاتها الحياة بعدها، في الحقيقة الواقع لا يكذب، ولكننا في نفس الوقت لا نعيش بداخله كليًا، لا نحتاج إلى العيش معه أصلًا، لا نعترف به في أي شيء ربما، صدقني لو طبقت الواقع والمنطق على جميع تصرفاتك ستصاب بالجنون، لو حاولت حتى تفسير أي منها، تخيل أن تجد نفسك مطالبًا بوضع تفسير لطرقك كوب الشاي مرتين أو ثلاث عندما تطلب من أحدهم صب الشاي لك ، ضع لي تعريفًا لديك للجملة الشهيرة لسعيد صالح في مسرحية مدرسة المشاغبين أنا تور الله في برسيمه، حدثني عن حجة الغائب، ولنختصر أشياء لا داعي لذكرها، أو لأننا نحتاج لأن نرى الحياة أبسط من التعقيدات التي تحيطنا، بالتأكيد أحتاج إلى الحديث قليلًا حول بعض تفاهاتنا الصغيرة التي تدخل في حيز مجالنا اليومي.
السنوات مجرد أرقام، والعمر مجرد رقم، والرقم مجرد شيء من صناعة الإنسان، ماهيته أيضًا بلا قيمة إذا أردت البحث عن تفسير لها هي الأخرى، فلماذا سمي الرقم أربعة بهذا الاسم، ولماذا لم نسميه رشيد مثلًا، ولماذا سمي رشيد بهذا الاسم ولم يسمى ابراهيم، بالبدء في أي استفسار ستجد نفسك تنتقل من دوامة إلى أخرى، لن تنتهي أبدًا من التساؤل في حال بحثت عن تفسير لكل شيء، وفي حال قررت إخضاع كل ما حولك للمنطق وللواقع، لحظة، لماذا سمي الواقع واقعًا ولم يسمى باسم اخر مثلا؟!
نحتاج لإحصاء الأعوام بدون أن نسأل عن ماهيتها، نحتاج لأن نحصيها لكي نعرف أين كنا، وأين أصبحنا، وأين سنكون، وكم من الوقت مر على الرحلة، وكم من الوقت يتبقى حتى نهايتها، وماذا أنجزنا، وفي ماذا أخفقنا، وكم حلمنا بأشياء لم تتحقق وأخرى تحققت، وكم ضربنا من أكواب الشاي، وكم سيجارة تركت رائحة النيكوتين في أيدينا تخبرنا بالرغبة في تدخين أخرى، كل هذا وكياني القديمة لا زالت تخبرني كيف اختلفت الحياة بين عام وعام، تخبرني حتى أهتم بأن عامًا انقضى وآخر قد جاء، دون أن أنسى السؤال عن ماهية حجة الغائب، وما رأي تور الله في برسيمه إزاء ذلك.