اليوم العالمي للغة العربية
العربية بوصلتنا
نشر في 18 ديسمبر 2022 وآخر تعديل بتاريخ 18 ديسمبر 2022 .
أؤمن أن الكلمة تميزنا كبشر عن سائر الكائنات الأخرى، وأن الكلمة الواحدة بمقدورها أن تسعد شخص، تكربه، تحفزه، تثبط عزيمته، فكيف سيكون الأمر وأنت تتقن لغة تشبه المحيط في عمقها، إنها اللغة العربية التي تضم ملايين المفردات ولو سألت عن كلمة لوجدت لها ألف مرادفة وكلها ذات صوت رنان يقع أثره في قلبك، فعندما قررت الكتابة تخلصت من كل المشاعر السيئة الموجودة بداخلي، أصبحت لدي القدرة على أن أواجه نفسي وأفهم مايجول بخاطرها من أفكار، صرت أعرف كيف أعبر عن حبي وشوقي بأجمل التحف الفنية وأشارك خيبتي وحزني وأملي مع الكثير من الناس الذين يتقاسمون معي ذات الألم والحلم، فالكلمة هي التي تجمعنا أو بصورة أدق العربية هي التي وحدتنا رغم اختلاف آرائنا وتطلعاتنا، فقد جمعتنا معاً وجعلتنا نستطيع شرح مابداخلنا بمفرداتها وتشابيهها وكناياتها البليغة، ليس ذلك فحسب بل العربية سمحت لنا أن نجوب العالم ونحن نجلس في منازلنا خلف طاولاتنا القديمة وأكوام الأوراق والكتب متكدسة فوقها، وبصورة شخصية سمحت لي هذه اللغة العظيمة أن أشعر بخيبة فاروق جويدة، أحببت ريتا كما أحبها محمود درويش وشعرت بالمرارة لما عرفت حقيقتها، وظل يكبر حلم الرجوع عندي كما تعاظم حلم العودة لفلسطين عند درويش، وتمنيت أن أعود إلى حيفا بجوار كنفاني وأن تسعد أرض البرتقال، وحزنت على صخر كما لو أنه شقيقي وأنا الخنساء، وفي كل المرات التي هاجمني فيها البؤس كنت ارتمي في أحضان شعر أبو القاسم الشابي، كل دروس حياتي تعلمتها من أشعار الإمام علي بن أبي طالب، جعلتني هذه اللغة أتقمص شخصيات لا تشبهني فتارة وجدت نفسي أحقق في مقتل بطلة الرواية، ومرة آخذ دور الطبيب النفسي لأعالج البطل، أحياناً أكون الجزء الشرير في الرواية، وغالباً ما أكمل نهايات الروايات المفتوحة حسب ما أريد، لقد سمحت لي هذه اللغة المقدسة أن أتعرف إلى ناس تختلف عني بجنسياتها وعقليتهم وتعيش في غير زماني، وخاضت غير تجاربي ومع ذلك وحدتنا اللغة، وأجمل ما وهبتني إياه العربية، كتاب منهج حياتي الذي مهما كان سؤالي معقداً صعباً وجدت به إجابة له، إنه الكتاب الذي لا ريب فيه القرآن الكريم الذي كان غذاء لروحي ومصدري الأول في النحو والاقتصاد والقانون والعلم وتركيبة جسدي.
_رنوه التيناوي
-
Ranwa Al tinawiأنا أكتب فإذا أنا موجود