"من أنا ؟"هكذا بدأت إحدى الفتيات حديثها ، لقد كانت تتساءل عن التغيير الذى أصابها ، ثم استطردت قائلة : " لقد تغيرت كثيرا و حدث هذا فى فترة وجيزة ..لا أعرف كيف و لا متى! ولكنى لم أعد تلك الفتاة التى أعرفها ..تلك الأشياء التى كانت تسعدنى و تملؤنى بهجة لم يعد لها أى طعم ..تلك الأيام التى كنت أنتظرها بفارغ الصبر أصبحت بغيضة إلى قلبى ..حتى أولئك الذين كنت أتمنى رؤيتهم ،أصبحوا لا يمثلون لى أى شئ.
الاّن أنا أتذكر الماضى و أبكى عليه لأنه لن يعود ..ثم أفكر فى المستقبل و أخاف منه..أعترف بأننى قد تحولت إلى كتلة من الكاّبة و الخوف و التفكير ، حتى أصابتنى المتاعب و غلبنى الإرهاق .
ربما لا يعلم الكثيرون حالى الاَن ..فأنا أخرج و أظهر لهم مبتسمة دائماً ..وأنا أخفى وراء هذه الابتسامة الكثير من الاَلام ..تبتسم شفتاى بينما يبكى قلبى!
وينظرون فى عينيَّ فيرون جمال قدسى ، بينما تملؤها الدموع التى لو انسابت للحظة لملأت هذا النيل العذب دموعاً!
تغيْرت أنا كثيراً أو ربما فرضت علىَّ الحياة هذا التغير ! أصبحت مستعدة لإفلات يدى عمن خذلنى ومن أراد التخلى عنى ...لقد أمسكت بهم بشدة ولكن لم يفلت يديَّ إلا من قاوم لأجل ذلك!
لقد أصبح مزاجى متغيراً كثيراً ، فأنا أشعر بالرضى حيناً و بالسخط حيناً اَخر ، أضحك تارة و أبكى تارة أخرى ، أهدأ ثم أثار ، أقوى ثم أضعف ! يؤلمنى ذلك حقاً! ولكنى أتصبر دائماً بوعود اللَّه للصابرين و الصابرات ، و أدرك جيداً أن اللَّه لن يخذلنى ولن يضيع تعبى هباءً ما دمت أعبده و أتقرب إليه بالأعمال الصالحة ! وأعلم كذلك أن ربى سيملؤ قلبى فرحة و بهجة إذا صبرت و حمدت حمداً كثيراً و رضيت بما كتبه اللَّه لى ".
لقد استطاعت هذه الفتاة أن تلمس بكلماتها قلبى ، وفتحت جراحه بعد أن كانت قد بدأت تلتئم شيئاً فشيئاً ، لقد علمت مبكراً أن الحياة ليست سوى بعض المعارك مع الذات ، ومع العقبات و الصعوبات ، وأن الحياة لن تحلو إلا بالتمسك بعبادة اللَّه الواحد الأحد ، فمن ذا الذى يستطيع أن يبدل تعاسة قلوبنا فرحأً ونوراً إلا اللَّه !
كذلك يجب التمسك بالأمل ، وربما كان اليأس يتسلل إلى داخل هذه الفتاة تدريجياً ، ولكن هناك دوماً فى نهاية المطاف أمل ، هناك متسعٌ من الحياة !
#ندى