الأب: "هيا. ليضع كل واحد منكم هاتفه في هذه السلة كما اتفقنا."
الأم والابن والابنة يضعون هواتفهم الذكية في السلة بجانب هاتف والدهم, ثم يجلسون لبدء السهرة بوجوه عابسة مظلمة لا حياة فيها.
الابنة: "أبي هل ستطول هذه السهرة؟"
الأب: "ولم هذا السؤال ونحن لم نبدأها بعد!"
الابنة: "ستبدأ محادثة مهمة بين صديقاتي على الواتس أب في الساعة التاسعة, وستنضم إلينا صديقتنا مي من أمريكا."
الأب: "ستقرئين كل المحادثة بعد انتهاء السهرة. . فلن تطير."
الابن: "أبي أخبرتك بأني آدمن لصفحتين مهمتين على الفيس بوك. ولا أستطيع التغيب عنهما طويلا."
الأب: "لن يلغي أعضاء الصفحتين إعجابهم بسبب غيابك لساعة أو ساعتين. فاطمئن."
الأم: "وماذا عني أنا! لقد كتبت الشيف منال الكون ستاتوس على صفحتها بالفيس بوك بأنها ستكون على المباشر بعد ساعة من الآن. لا أريد أن أفوّت فرصة سؤالها عن الطريقة الصحيحة لعمل الكنافة."
الأب: "لا داعي لهذا السؤال. أنتِ تعرفين بأنّ كنافة المحلات أطيب وأفضل. فلا تحاولي."
تبدأ السهرة.
رُفعتْ السلة بما فيها من هواتف بعيدا. ممنوع تشغيل التلفاز.. ممنوع استخدام الكمبيوتر أو اللاب توب.. ممنوع استخدام الآي باد.
فقط الحوار الآدمي من رأس لرأس.
الابن وهو يتفحص كرش أبيه باستغراب: "أبي. متى خرج لك هذا الكرش. لقد كنتَ دائما نحيفا ومسطح البطن!"
الأب: "منذ سنة يا ابني."
الابنة: "أمي. متى قصصتِ شعرك هكذا. لقد كان طويلا دائما."
الأب معقّبا: "نعم. متى قصصته؟!"
الأم: "منذ ستة أشهر."
الأب وهو ينظر لابنته: "وأنتِ يا ابنتي. لقد أصبح وجهك صافيا وخاليا من حبّ الشباب! لم أنتبه لذلك."
الابنة: "أوه. لقد صفا وجهي منذ دخلتُ الجامعة يا أبي."
الأب مصدوما: "ماذا!!؟؟ دخلتِ الجامعة. متى؟ ظننتكِ ما زلتِ بالثانوية."
الابن: "أبي لقد قاربت سنتها الأولى في الجامعة على الانتهاء!"
الأب يتفحص ابنه: "وأنتَ متى ربّيْت هذا الشارب؟"
الابن: "منذ عدة شهور يا أبي."
الأم: "يا إلهي. تبدو كوالدكَ في شبابه."
الأب مخاطبا ابنه: "هل وجدتَ عملا أم مازلتَ تبحث منذ تخرجك؟"
الابن: "إنني أعمل في شركة صديقك أبا وليد منذ عام يا أبي."
الأم: "لقد كبرتم يا أولاد! أتمنى أن تجدوا أزواجا جيدين لكما."
الابن: "أمي لقد خطبتُ ابنة أبو وليد منذ شهرين!"
الابنة: "آه صحيح. الحديث عن الخطبة يذكرني بموضوعي. هناك شاب يريد التقدم لخطبتي. إنه أستاذ عندنا في الجامعة."
الأب: "لحظة. أين أختكم سهام؟"
الأبن والابنة والأم: "سهام تزوجتْ منذ أسبوع."
الأب: "أها. صحيح.. تزوجت في نفس اليوم الذي أنزلَ فيه الفيس بوك خاصية اللايك الجديدة!"
الأم: "بصراحة لقد أعجبتني هذه السهرة. دعونا نجتمع هكذا دائما."
الابن: "نعم صحيح. سأكتب عن هذه التجربة الجميلة في صفحتيْ على الفيس بوك."
الابنة: "وأنا سأخبر صديقاتي عنها على جروبنا في الواتس آب."
الأب: "انتهت السهرة."
يركض الجميع إلى السلة بلهفة.
-
نور الكنج...
التعليقات
ابدعت و سلمت اناملك
شخصيا لطالما فكرت باغلاق الفيسبوك لولا ان طبيعة الشغل تلزمني استعماله. السوسيال ميديا تحولك إلى كائن مفرط في استهلاك المعلومة والاخبار بدون هدف او فائدة ترجى. احاول ما امكن ان ادمن على
القراءة فهي افضل للدماغ وتبقيك على افضل حاله ذهنية..