تمنيت العيش في المدينة ولكن… - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

تمنيت العيش في المدينة ولكن…

  نشر في 12 أبريل 2016 .

 ولدت في قرية صغيرة مؤلفة من 7000 نسمة وايضاً محاطة بقرى صغيرة مثلها.

كانت المدينة لي وانا طفلة كأنها حلم بعيد, فكنت دائما اتخييل المدينة في مخيلتي وابني فيها ما هو حقيقي وما هو خيالي.

فكنت اسمع ان فيها باصات كبيرة تتسع للكثير من الناس ويوجد قطار طوييييييل وسريييع وابنية عالية حتى ان الشوارع عريضة ومخططة, اشارات ضوئية مع ارصفة وممرات للمشاة.

سمعت انه من يذهب الى المدينه يحقق نفسه فيتقدم ويعمل ويصبح من اغنى الاغنياء.

وكنت اظن ان العيد في المدينة اسعد ما يكون, فبالتاكيد هناك الاولاد يتنزهون فليسو مثلنا هنا نلبس ملابس العيد وتجتمع العائلة لناكل كعك العيد..

ايضا سمعت عن البحر والسفن, عن حديقة الحيوان والملاهي, المسارح وعن المول الذي فيه حوانيت بكميات هائلة , فكنت كلما اسمع عن المدينة اهدأ واجلس افكر, ارتب المعلومات اقسمها واجمع ما يعجبني منها لاتخيله وابني خطة اجهزها حيث ما ذهبت الى هناك ابدأ الرحلة .

خطتي كانت في اليوم الذي سأذهب فيه الى المدينة, فان المحطة الاولى هي حديقة الحيوان, خاصة عند مزرعة الخيول, وهناك سأختار الحصان الاسرع ذو القرن والاجنحة لنطير نحو البحر وارى تجمع المياة لننطلق بعدها لمركز المدينة ونطير بين المباني والشوارع فاحاول ان استكشف بقدر ما استطيع لكي احفظ هذه المخيلة لوقت الحاجة.

قررت اني ساجرب كل شيء حتى اني سأتذوق الماكدونالدز واشاهد السينما واكل البوب كورن واذهب للحدائق العامة واتعرف على اولاد وبنات شُقر, فالمدينة فيها الناس اجمل كلهم لهم بشره بيضاء وشعر اشقر يكفي انهم يعيشون في بنايات ضخمة وعالية اليست هذه هي السعادة؟؟

بعد 15 عام تعرفت على شاب رائع من "المدينة" احببته واحببت المدينه وهالتها معه وتزوجنا …

اليوم وبعد 15 عام و3 سنين عيش في المدينة, اشتقت وفهمت القرية الذي يسكنها 7000 شخص, فهمت انه هؤلاء الاشخاص الذين يملأون القرية ممكن ان يتسعو في بناية واحدة فقط ولكن لا يمكن وبل يستحيل ان يكون نفس الدفئ ونفس الامان, المحبة والهدوء.

فهمت ان هذه المباني العالية فيها بيوت كعلب السردين, كبيوت الاقزام, كل شيء فيها صغير وضيق, ليست كبيتنا الواسع الذي فيه البلاكين ممتدة للسهر والضحك, ليست كالساحات الذي ركضنا فيها حتى كللنا ولهثنا انفاسنا مع اولاد الجيران, ليست كالارض الترابية الذي زرع فيها عمي الحمضيات والفاكهة التي كنا نقطفها حتى قبل ان تنضج, فناكلها حتى بدون ان نغسلها و نغسل ايدينا وبعدها نمسح ايدينا المتسخة بملابسنا ونمضي لنكمل اللعب .

ليست كرائحة الفطائر والمناقيش, الفلافل واللحم المشوي ما هذه امام "الماكدونالدز"؟ اتقارن؟

3 سنين ولم ارى من هم جيراني كيف يكون شكلهم ومن اين اصلهم ؟ الكوميدي في الموضوع انه قبل اكثر من سنة كنت حامل في اول الاشهر فشعرت بدوار وغثيان حتى لم اعد اقدر المشي, ووقتها زوجي كان في العمل فاتصلت بامي لاخبرها ما يحدث لي, فقالت لي ان اطلب من جارتي الجلوس معي حتى يأتي زوجي من العمل.

اضحكتني امي يومها حد البكاء .

ضجة المدينة وهدوئها تصارع في الاذن بين ضجة السيارات وهدوء ولا مبالاة الناس.. في يوم كنت امشي في الشارع عندما رايت طفل صغير يهرب من امه فركضت نحوه وامسكته قبل ان يصل الى الشارع عندها نظرت امه اليّ نظرة لا مبالاة واخذت ابنها وذهبت في طريقها …

اتذكر عندما كان يدخل ابي الى البيت ومع كمّيات من الخضار والفاكهة والاطعمة وامي تقول له "ول ول شو هذا كله" فيقولها ابي "زيادة الخير خيرين" .. او حتى لمّا تخبز امي المناقيش بزعتر وتوزع لكل الحارة وتفوح الريحة تنطلع نركض لعندها وناكل ..

فهمت ان فرحة العيد ليس في المدينة والنزهة بل تجمع الاقارب واكل كعك العيد ونختار من كعكاتها اطيب!

افكر في ابنتي عندما تكبر كيف اني سامنعها من ان تلعب مع اولاد الجيران لاني لا اعرف من هم وسامنعها من اللعب وحدها في الخارج خوفا عليها من الغرباء.

لن يكون عندها تراب تغمس فيه يديها وتتسخ او شجرة لتقطف الحمضيات قبل ان تنضج, لن تجلس في البلاكين لتضحك وتسهر.

ولكن العيش في المدينه فيه باصات كبيرة تتسع للكثير من الناس ويوجد قطار طوييييييل وسريييع وابنية عالية حتى ان الشوارع عريضة ومخططة, اشارات ضوئية مع ارصفة وممرات للمشاة. فيها البحر والسفن, حديقة الحيوان والملاهي و المول الذي فيه حوانيت بكميات هائلة , وستتذوق الماكدونالدز وتشاهد السينما وتاكل البوب كورن وتذهب للحدائق العامة وتتعرف على اولاد وبنات شُقر فالمدينة فيها الناس اجمل كلهم لهم بشره بيضاء وشعر اشقر يكفي انهم يعيشون في بنايات ضخمة وعالية اليست هذه هي السعادة؟؟



   نشر في 12 أبريل 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا