نحو اسلام لا مذهبي ؛ العلم سبب الوحدة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

نحو اسلام لا مذهبي ؛ العلم سبب الوحدة

  نشر في 02 ديسمبر 2016 .


المعرفة العلمية معرفة اعلى درجة من المعرفة الاطمئنانية ، لذلك فان نسبة الشك فيها تكاد تكون معدومة ، كما ان نسبة الاختلاف تكون مهملة لا تذكر ، و الاهم من ذلك كله انها تقلل بل تمنع من ظهور الفردية و تمنع من امكانية استفحال تلك الفردية الى مدرسة تؤسس فيما بعد الى مذهبية . و لاجل تحقيق هكذا علمية لا بد ان تتصف المعارف بالقطعية ، و القطعية العلمية لها شكلان الاول القطعية الاولية الاصلية التي تكون قطعية بذات ادلتها ، أي ان ادلتها تكون كافية في تحقيق القطع بها ، و الشكل الثاني هو القطعية الثانوية الفرعية ، و هي المعارف التي تكتسب قطعيتها من خلال الاتصال و التفرع من المعارف القطعية الاولية ، و تتميز هذه المعارف القطعية الثانوية و التي كانت في بدايتها ظنيات بانها غير ظنية في النهاية تحقق الاطمئنان المفيد للعلم و باتصالها بالقطعي تحقق القطع .

لقد افرطت التراكمات المختصة بالمعارف الدينية في مسألة الاحتفاء بالظن المعتبر ، و اكسابه اهمية غير مسبوقة ، بحجة التسليم و الايمان ، و مع ان هذا خلاف الفطرة و النص القرآني و السني الموصي بامتلاك الحق و الحقيقة و عدم القبول بالظن ، فان ما نراه من التمذهب و الخروج عن الخط المستقيم هو نتاج طبيعي لهذا التبجيل للظن. و من الواجب التأكيد ان الحقيقة و الحق امر بين في المعارف الواصلة الى الاجيال ، و انما التبريرات و الاقناعات هي التي تصنع الغشاوة و ما يمكن من اصطناع هكذا غشاوة هو ذلك التبجيل للظني و وضعه في المقدمة في قبال القطعي ، و ذلك الخروج و الانحراف ضريبة على من بجلّ و قدس الظن ان يدفعها.

ان الخلل في العلمية الدينية تكمن هنا ، أي في ادعاء العلمية للظنيات ، و من الواضح ان هذا لا يمكن ان يسمى علما ، لان العلم بطبيعته درجة اكثر رسوخا من الاعتقاد الناشيء عن الاطمئنان ، و المحاولة التي اعتمدها الخط الظني بادعاء ان الظن الشرعي هو علم امر لا اساس له و كانت له اثار خطيرة ، و اهمها المذهبية .

لو انا راجعنا جميع الخطوط الانحرافية و التمذهبية فانا سنجد ان المنفذ الاهم ان لم يكن الوحيد هو الظنيات ، بالتغاضي و الالتفاف حول الوصايا الفطرية و العقلية و القرانية و السنية الموصية برد الظني الى القطعي، حيث يجنح الخط التمذهبي الى عدم رد الظني الى القطعي ، و التمسك بالظني و تحمله بحجة انه العلم و انه الظن الشرعي الذي لا يجب رده . و هذا ليس صحيحا وهو محض ادعاء ، بل لا بد للعلم ان يستند على معارف تنتهي الى القطع و اليقين و لا يمكن قبول الظن كمعرفة علمية . و حينما تكون المعارف العلمية مبنية على القطع فانها بلا ريب ستكون منسجمة و متناغمة و متناسقة، و تكون الاختلافات فردية اجرائية و لا يمكن ان تتجاوز الفردي و لا يمكن ان تكون جوهرية او حتى مدرسية تمكن من التمذهب .

ان اهم ما يترتب على علمية المعرفة هو التقليل من الفردية ، و هذا بالتالي يقلل من فرصة ظهور المدرسية ، و هذا بالتالي يقلل من امكانية بل يمنع من ظهور المذهبية . المعرفة العلمية ليست فقط تخلو من الشك و تتجنب الوهم ، بل انها تعمل على خلق نظام موحد و مجال عمل موحد ، وهذا هو العامل الاهم لمنع ظهور المذهبية . و من الواضح انه لا يمكن و بأي شكل من الاشكال و تحت أي عذر من الاعذار تحقق المعرفة العلمية بدعاء علمية الظن ، بل لا بد من ان تبتنى تلك المعرفة على القطع . و لا يصح تصور ان ذلك يتطلب أصلية قطعية كل معرفة فيصطدم بحقيقة محدودية المعارف القطعية بالاصل في الشريعة ، لأن هذا الامر عام في اكثر العلوم صرامة من حيث القطعية فان سدّ الفجوات بالتفسيرات المنطقية و المناسبة و الفرضية موجود و هذا لا يضر بعلمية العلم ، لكن المهم ان تكون تفسيرات صلبة و غير متنافرة و لا متعارضة مع ما هو معلوم و مقطوع به ، و الا يترتب عليها عمل يتقاطع و يتعارض مع ما يكون عن المعارف القطعية . و من المهم التأكيد ان قطعية المعرفة و صلابة ما يتصل بها من معرفة تكون قطعيتها فرعية ، ان كل ذلك يجب الا يتأثر لا بعواطف من يتبنى المعارف الخطئة و لا بكثرتهم ، لذلك ليس من العلمية في شيء تغييب بعض المعارف القطعية الاولية او الثانوية مراعاة لعواطف المخالف للحقيقة او لاجل غالبية من يخالفها ان لم تصطدم مع ما هو اهم كالحفظ و البقاء مثلا . 


  • 1

   نشر في 02 ديسمبر 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا