محاولة خافتة للتخلص من ثِقلِِ ما - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

محاولة خافتة للتخلص من ثِقلِِ ما

ذاكرة السمك ومعاناة يومية مع الإكتئاب واضطراب القلق.

  نشر في 05 ديسمبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

أتختفي خيباتنا عندما نتحدث عنها؟ 

 الأيام تمضي مُتعبة،ثقيلة وبطيئة.تمضي حياتك بين الموت والمبالغة في العيش فتعود للموت كل ليلة لتختبأ ولكنه لا يضمك بل يرفضك ويلقي بك للخارج فتستمر في المبالغة في العيش حتى تُنهك أجهزة جسدك فتقرر أن تتعطل لبعض الوقت لتنام بينما يبقى عقلك مستيقظًا يُبقيك حيًا وأنت نائم فيُغذيك بالصور المخيفة والأحداث المشتتة والقفز من مكان عال في السماء نحو السحاب،وعندما تستيقظ تُكمل يومك بين الموت والمبالغة في العيش بينما تصاحبك كوابيسك في كل هذا. 

ما الذي فعلته لتستحق كل هذا؟ ما الذي لم تفعله؟ أنت لم تفعل شيئًا فهو ليس خطؤك،وفي الحقيقة الأمر الذي يُثير الغضب أنه ليس خطأ أي حد،لذا إن أردت أن تصب جم غضبك ويأسك وإحباطاتك على أحدهم،لن تجد سوى نفسك فتحترق وتختنق من الداخل وتعاني أكثر بينما يبدو كل شيء من الخارج طبيعيًا وتستمر الأرض في الدوران. 

تعيش في سلسلة طويلة،مرهقة ومملة من المشاعر ،الأفكار،والأفعال المتناقضة.سلسلة لا تنتهي من الأشياء.تمضي أيامك في الجري بين المحاولات وإختلاق أساليب جديدة ت

تريد مساحة خاصة لا يخترقها أحد،تريد يومًا هادئًا في غرفتك ولكنك خائف من أن تُترك وحدك مع أفكارك فتُسارع بالهرب إلى الخارج.تريد أن تحدث أصدقائك ولا تريد أن تحدث أصدقائك.تريد أن يضمك أحدهم في حضنه ولا تريد أن يلمسك أحدًا لأن لمساتهم تحرقك.تريد أن تكتب وتشارك بالمسابقة ولكن عندما تكتب فأنت لا ترضى عن أي شيء ولا تستحق أن تنشر شيئًا فتكف عن المحاولة.تحتاج إلى راحة بعيدًا عما يقلك،فتقتنص لنفسك بعض الوقت للراحة تقضيه في القلق عما إبتعدت عنه.تريد أن يعلم أحدهم بما تشعر ولكن سرعان ما تحذف ما تكتبه لأنه خائف من أن يروكَ ضعيفًا. تريد أن تقرأ ولكنك تبدو القراء ةمرهقة.

أتظن أن إخبار أحدهم بما تمر به سيساعدك؟ ربما لبعض الوقت ولكنك ستكتشف أن شعورًا آخر يزداد حينما تفعل،شعورهم بالعجز لمساعدتك،العجز من أن يوقفوا حياتهم ليتألموا من أجلك،وشعورك بالعجز من أن تفعل شيئًا يغير ما تشعر به كي لا تراهم عاجزين أمامك. تخذلك الألوان وتخذلك الكلمات،ترجوهم بتحريك الفرشاة في خطوط بلا هدف،وفي وضع أصابعك على لوحة المفاتيح لعل الكلمات تأتيك، ولكنهم يستمرا في خذلانك،ربما يشعرون هم أيضًا بالذنب والعجز لأنهم خذلوك.

تريد أن تفعل شيئًا للتعبير عما تفعل ،تكتب،ترسم،تخرج مع صديق،تقرأ،تُنجز أي شيء في دراستك ولكنك لا تفعل،تجلس محدقًا في كتبك والTo Do List شاعرًا برغبة للبكاء وتحطيم شيئًا ما،لكنك لا تبكي ولا تحطم شيئًا. 

كل محادثة هي جحيم تعلم جيدًا أن عقلك سيستمر في عرضها لمدة لا تقل عن أسابيع ليبالغ فيها بتحليل كل حركة،كل تعبير وكل كلمة قلتها ولم تقلها.سيجعلك تكره نفسك وتكره من كنت تحادثه ثم سيُشعرك بالذنب بأنك تبالغ في كرهه وكرهك.    

لم تعد مساحاتك المُريحة مُريحة،ولم يعد مكانك السعيد سعيدًا،كل ركن أصبح مليء بأفكار مكررة ومتجددة مللتها ولكنك في نهاية اليوم تستسلم لها ولا تفكر حتى بالهروب وتعترف بصوت باهت بالهزيمة اليوم محاولًا أن تمنح نفسك أملًا أنك ربما سَتفُز غدًا،ربما.        

تقول أنك ستحاول وتشعر أنك لا تحاول،ولكنك تحاول،تحاول أن تركز،تستجدي تركيزك بكل ما تستطيع،نجلس وتقف وتتحرك وتنام ثم تجلس وتقف وتتحرك وتنام ولكنك ما زلت لا تستطيع التركيز.تمسك كتابًا فتشعر أن السطور مشوشة فتمسك آخر فتعجز عن حث ذلك الشيء برأسك ليعمل.أنت تحاول تحاول كثيرًا جدًا ولكنك مازلت تعجز عن إنجاز شيء.متى أصبح كل شيء بتلك الصعوبة؟ متى أصبحت حياتك مجموعة مستمرة من محاولات لا تنتهي؟ تتسائل بجدية كيف يمضي الناس في حياتهم،كيف يمكن أن يجلس أحدهم ليدرس فقط برغبته الجدية بأن يدرس؟ متى أصبح فعل أي شيء وكل شيء بتلك الصعوبة؟ متى أصبح إستيقاظك من النوم إنجازًا،عدم أذية نفسك إنجازك،الذهاب للكلية إنجازًا،دراسة أقل من صفحة طيلة أسبوع إنجازًا؟!

أأنتَ عاجز كما تشعر أنك عاجز؟ تؤكِّد هي لكَ أنه لا، أنت لستَ عاجزَا بهذا القدر ،أنت تحاول وتحقق تقدمًا ومن الطبيعي جدًا أن تمضي أيامك بين إنتكاسات ومحاولات فكف عن إلام ذاتك.تصدقها وتحاول ولكن سرعان ما تنسى.

تقول لكَ أنك ستحتاج وقتًا طويلًا وصبرًا للعلاج ولكنه في النهايةسيؤدي إلى شيئًا ما،شيئًا جيدًا تستحقه بعد كل تلك المعاناة وتصدقها.تبكي الآن لأنه في تلك اللحظة يبدو الأمر بعيدًا وتبدو أنت ضعيفًا غير مسلح بما يكفي لتلك المعركة.

قلتَ لها أنك غير قادر على التركيز في الدراسة، قالت لكَ كلامًا كثيرًا لا تتذكره لأنك لم تقل لها أنه في تلك اللحظة حتى وأنت هناك بكامل إرادتك راغبًا في سماع كلماتها المُطمئنة،فأنتَ عاجز عن سماعها بسبب الضوضاء البعيدة غير المسموعة والتي شدتك بشكل ما. ما ذلك الشيء الذي تسبب في شرود ذهنك وقتها؟ صدقًا لا تعلم. 

تحاول أن تكتب لعلك تعود لدراستك خفيفًا. كان ذلك غرض الكتابة بالنسبة لك،أن تحاول التخلص من ثقلًا لا تعلمه،فينتهي بك الحال غالبًا مُتعب جدًا فتنام كأنك أنقذت العالم لتوك،أو كأنك أنجزت مهمتك التي خُلقت من أجلها في الحياة.لا، لا أظن أن هذا ما سيحدث اليوم فربما لم تكف الكتابة للتخلص من ذلك الثِقل،ربما تحتاج لقتله.

فكيف تقتل ثِقَلًا غير مرئي يُعشش في أنحاء جسدك دون أن تقتل نفسك؟  ربما لن تعرف إجابة هذا السؤال إلا عندما تجد نفسك فجأة بعد وقت طويل خفيفًا وتكتشف أنك بالفعل تخلصت من ذلك الثِقل.               


  • 10

   نشر في 05 ديسمبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا