عن ندوب القلب واعتياد الانطفاء
إلى أولئك المنطفئة قلوبهم، أهديكم وردة وخاطرة
نشر في 18 شتنبر 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
" تنفعل كعادتك، تحدثني عن ندوب قلبك الغائرة، وتظن أن ذلك الحديث لا يمزق نياط قلبي، تلومني وتعاتبني على ابتعادي عنك، ولا تسأل نفسك عن سبب ذلك البُعد وسبب تلك المسافة الشاسعة والهوة التي اتسعت فجأة بيننا، وكأن قلبي لم ينجرح، وكأن ذلك البعد كان باختياري ولم أكن عليه مرغمة، تركتُك تُسهب في شرح آلامك، لأنني لا أقدر على شرح انكساري، وتلومني على ابتعادي وأنا لا أملك غيرَه سلاحاً، فلا أنا قادرة على المواجهة ولا أنا بارعة في فنون التقريع والعتاب، تلومني على انسحابي ولا تلوم نفسك على قسوتها معي، وأنا بعد هروبي وقعتُ فريسة سائغة لجلد الذات والشعور بالذنب بلا هوادة، أي جنون هذا وأي عبث، إنني تغيرتُ، في نظري، أمام نفسي على الأقل، لعلك تجدني الآن كما عهدتني دائماً، ضعيفة إلى الأبد، لا سبيل إلى تغييري، ولعل ذلك يبدو ظاهراً فقط، أما في داخلي، فثمة بركان.. طاقة هائلة من الغضب تكاد أن تفتك بي وتمزقني، أصبحتُ لا أعرفني فكيف تعرفني أنت؟! لا أنا أنا، ولا قلبي هو قلبي الذي عهدت، فارحل عني ولا تنتظر، ولا تخدعك ملامحي المنطفئة وهدوء وجهي وثقل كاهلي، لا تنخدع بضعفي الظاهر، لأن القوة الكامنة خلفه لا طاقة لك باحتمالها، فارحل سريعاً، ولا تلتفت".
كنتُ أكتب بانفعال وتصطدم أناملي بقسوة بأزرار الهاتف وأنا أكتب تلك الأسطر الفائتة، لحظة واحدة فاصلة بين قبل وبعد، ترتجف سبابتي فوق زر Send ولا أقدر على النقر فوقه.
في تلك اللحظة لم أكن أتمنى شيء أكثر من قول تلك الكلمات دفعة واحدة، وجهاً لوجه، في انفعال أُخِرج فيه جام غضبي وكل ما كان يجول بمشاعري، إنني عاجزة حتى عن إرسالها مكتوبة عبر ذلك اللوح البارد الذي أمامي، فكيف لي أن أتفوّه بحرف واحد مما بها، مسحتها جميعاً وأعدتُ الهاتف إلى موضعه بين كومة كتب وأوراق ملقاة فوق مكتبي، أخذتُ أحدق فيه، وأنا لا أدري هل كنت شاخصة في فراغ الحائط أمامي، أم في ذلك الفراغ الذي ملأ روحي، أصبحتُ فارغة، انطفأتُ وانطفأت روحي كما لم تنطفيء من قبل، لم يمنعني ذلك من الرد ببساطة عندما هاتفني، ونسيان كل غضبي كعادتي!
-
زهراء محمد رضامدوِّنة مصرية وكاتبة نصوص أدبية، مهتمة بالرواية والشِعر، صاحبة ديوان "ناي وقانون" ، الصادر بالعامية المصرية عن المكتبة العربية للنشر والتوزيع.. أحاول خوض تجربة الكتابة الروائية، وأحاول البحث في الكتابة عن ذاتي.. وفي الق ...
التعليقات
تعاني القلوب الحب والمشاعر يقتلها كذلك
الصدمات والضربات والخصام والغضب
تحياتي
المسامح كريم فى الاخير