الدوام في غرفة الطوارئ متعب جدا ذلك القسم من المستشفى الذي غالبا ما يكون مكتظ بالمرضى ولكن لحسن حظي احببت التواجد فيه!
غرفة الطوارئ ( emergency room) تقع في مقدمة المستشفى .. عبارة عن بناية متكاملة من غرفة لاستقبال الحالات الطارئة ، ردهات وغرفة انعاش تطل من الجانب على غرفة صغيرة مخصصة لإجراء مشاهدات عينية على الاموات وتحرير شهادات الوفاة..
ذلك الصباح كان رتيباً تمييز بهدوءه ،،اول درس تعلمته في غرفة الطوارئ أن لا اطمأن لهدوءها فالهدوء هنا مخيف يبنأ بان قادما ما سيعكر صفوه ! لم يُخيّب ظني فقد سمعت اصوات ويلات ونحيب قادمة من الخارج تركت مقعدي مسرعه لاشاهد ما يحدث من خلال النافذة المطله على الغرفة الصغيره ، ذلك المكان الذي يجتمع فيه اغلب الموتى لإكمال اجراءات رحيلهم الشكلية ، كان هنالك صندوق خشبي (التابوت ) على الارض وبجانبه عدد من الرجال ؛ تقريبا سبعه ؛وامرأتين نعم إنها ليست المرة الأولى التي اشاهد فيها هكذا منظر ولكن مثل كل مرة هيبة الموقف تُصيبني بالصمت تذكرت كلام د. مصطفى محمود بان الموت هو الحقيقه الوحيدة التي يتعامل معها الناس على انها وهم في هذه الاثناء جاءت زميلتي لتخبرني بان الميت رجل كبير السن اصابه حكم الموت في دراه ،لم انبس ببنت شفة فلا يهم كيفية حصوله فقد وقع !! بقيت متجمدة في مكاني وبعدها بدأت سلسلة من الأسئلة تتطاير امام ناظري ..
هل عاش حياته كما يريد هو أم كما يريد الاخرين ؟؟ هل كان سعيدا في حياته ام تفننت الدنيا في اتعاسه ؟؟ هل كل اولئك كانوا حوله في حياته ام حضروا ساعة الوداع كالعاده ؟؟ اااه كيف فارق كل اولئك !!
وبعدها بدأت مخيلتي ترسم لي مشهدا آخر كنت انا بطلته ؛ حيث جسدي هو من يرقد في ذلك الصندوق وروحي هي التي تقف مكاني تراقب من بعيد وهنا انهمرت دموعي ! ترى هل ستكتفي روحي بالبكاء عندها ؟!
كان نهارا طويلا سُجلت فيه خمس حالات وفاة طويلا لدرجة انهكتني وعندما رجعت الى منزلي فتحت كتاب اللّه لعلني اجد فيه سكينتي ، استوقفتني الأية المباركة :
*إنّ الذّين لا يرجون لقاءنا ورَضوا بالحياة الدّنيا و ٱطمأنُّوا بها والّذين هم عن ءاياتنا غافلون *أولئك مأواهم النّار بما كانوا يكسبون *
كررتها مرارا وتفكرت فيها كثيرا كما لم افعل من قبل واعدت النظر في الاسئله التى طرحتها والدموع التي ذرفتها لقد تغيرت نظرتي عن الموت والحياة ،كان من المفترض ان نهلل لموت يعلن بداية حياتنا، وتطايرت امام ناظري اسئلة من نوع اخر
لن اذكر الاسئلة هذه المرة بل ساترك لك ايها القارئ الكريم فرصة التأمل والتفكر لايجاد الاسئلة التي تليق بك ! والتي ربما ستغير مجرى حياتك .
القدر مستمر في إرسال اشاراته لنا ،بعض منا لا تستوقفه والبعض الاخر يستقبلها ،يتعظ بها وربما غيرت مجرى حياته
لذلك لا ترتبك ايها القارئ الكريم إن لم تُؤثر هذه الأية المباركة على مجرى حياتك لأنه يوما ما ستُرسل اشارة خصيصا لك وفي وقتها المناسب فقط ابقى يقظا ..
13/12/2015
-
فاطمة أحمدفقط إنسانه