المقهايات والسماسر والمجتمع اليمني - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المقهايات والسماسر والمجتمع اليمني

  نشر في 02 أبريل 2023  وآخر تعديل بتاريخ 07 أبريل 2023 .

المقهايات والسماسر والمجتمع اليمني

في المدن الكبيرة والصغير وعبر طرقات السفر ، تتبعثر وتتجاور العديد من المطاعم والفنادق ، يغلب عليها سوء الجودة في المنظر والمأكل والمضجع.

ظاهرة تاريخية يعيشها الإنسان اليمني قد لا تتكرر في بلدان أخرى ، وتثير الاستفهام والتعجب لدى كل من يزور اليمن ؛ يجد الناس ترداد المطاعم والفنادق ، فقد أبدى أحد الأساتذة العرب ممن يقيمون في اليمن تعجبه من تردد اليمنيين على المطاعم بشكل كبير.

لم اجد – كما اعتقد – إشارة تاريخية للمطاعم والفنادق في الكتابات التاريخية سوى في مؤلف الرحالة نيبور والذي أشار لانتشار المطاعم المعروفة في اليمن باسم المقهاية ، وان كان المنظر غير مريح ولا الطعام لذيذ والذي يتكون من خبز الذرة والزبدة وقهوة القشر (قهوة قشور البن) وفي الغالب تحتوي المقهايات مأوى لنوم المسافرين.

للمطاعم (المقهايات) والفنادق (السماسر) ارتباط وثيق بالإنسان اليمني والمجتمع ككل ، فما الدافع لانتشارها لدرجة تخطيها الحواجز السياسية المعاصرة والوصول لفيافي الربع الخالي ؟

ما قصة المطاعم والفنادق والإنسان اليمني ، وما الرابط بينهما ؟

في المقال التالي نلقي الضوء على ذلك :

لم يسبق للجزيرة العربية والأرض اليمنية ان كانت في وئام مع قاطنيها ، فكانت دائمة اللفظ لسكانها إما لدوافع اجتماعية قبلية أو مناخية أو سياسية أو اقتصادية ، واستقطابها يأتي على شكل ضيق في السواحل والسهول.

واليمن معلومة كونها ولادة وإن هجرها سكانها سيأتي أكثر ممن هجرها ، وحين زار الرحالة نيبور اليمن دُهش من كثرة المساكن والسكان في تهامة والطرق المؤدية منها الى تعز ومنها شمالا حتى صنعاء ثم عرج غربا من حراز حتى تهامة ، وقد حاكى دهشته عن السكان ارتياحه لكثرة المطاعم والتي في الغالب كانت نُزل بنفس الوقت ، وان كانت ذو جودة سيئة ، ولكنها تفي بغرض المبيت.

كان شد الرحال منذ القدم هو الحل الأمثل لدى الإنسان اليمني ، إما الرحيل المؤقت أو الرحيل النهائي ، وأمام الصعاب التي يواجهها في عدم توفر المأوى والمطعم ، ولكثرة المهاجرين والمسافرين وُجدت المطاعم والفنادق لتلبي احتياجاتهم.


سمسرة في مدينة صنعاء


ومنشأتي المقهاية والسمسرة يمكن وصفها كالتالي :

المطعم : وهو المقهاية ، وتأتي التسمية من تناول القهوة ، وبنائها بحسب البيئة التي تكون بها ، فقد تكون من الحجر في البلدان الجبلية ، او من الطين في القيعان ، او من الأخشاب والحصير كما في تهامة ، وفي الغالب تكون هذه المقهاية سيئة البناء والمنظر ، وتقدم بعض المقهايات نزل خاص بالمسافرين عبر النوم على قعادات ، وهذه القعادات عبارة عن سرير خشبي الأطراف والأقدام ، ومعقود من الوسط بحبال الخيشة ، وقد يكون النوم على الأرض عبر حصيرة ، وفي الغالب يكون سقف النزلاء السماء.

الفندق : وهو المعلوم بالسمسرة (الخان) ، وبنائها اجمل وأمتن ووظائفها أوسع واكبر من وظيفة المقاهية ، فاعتقد بان المكان ارتبط اسمه (سمسرة) بفعل السماسرة في البيع والشراء ، فقد تصل أدوارها الى خمسة طوابق ، الأول في الغالب لتخزين البضائع حتى يتم نقلها او بيعها ، وبقية الأدوار خاصة بالمبيت والراحة ، وعليها سور ، وفيها يشرب الناس قهوة القشر ويتناولون الطاعم والذي قد لا يقتصر على خبر الذرة ، وتعقد بداخله الصفقات التجارية.

وقد يكون ظهورها محاكيا لشيوع تجارة البن ، وتنظيم عملية التجارة ، حيث كانت البلاد يأتيها الكثير من التجار أو وكلائهم الباحثين عن الأصناف الممتازة من البن ، وفي السمسرة يجمع السمسار التجار أو وكلائهم بالمزارع لتتم البيعة في إحدى زوايا السمسرة.


سمسرة النحاس في مدينة صنعاء


ومبنى السمسرة يحمل باب واسع حيث يصل الداخل عبره الى صحن السمسرة ويجد العقود والنوافذ مطلة على الصحن ، في حين النوافذ المطلة لخارج السمسرة اصغر حجما للحفاظ على الخصوصية والسلامة والأمن.

وقد حظيت هذه المنشأة باهتمام كبيرة لما لها من أهمية اجتماعية واقتصادية ، فكان الجميع يهتم بها من عامة وخاصة ، رسمية وأهلية ، وأطلال وآثار هذه السماسر كثيرة منها ما هو قائم الى الان.


أطلال إحدى السماسر


وقد عرفت كثير من المناطق اليمنية باسم السمسرة نسبة للسماسر القائمة على طرق التجارة ، كالسمسرة الواقعة ما بين طريق مدينة تعز ومدينة التربة ، والسمسرة في بلاد مذيخرة من لواء إب.

وفي الرواية الشفهية الشعبية تنتشر قصص حول المقهايات منها ان مدينة الحُديدة كان او من سكنها امرأة تعرف بحُديدة أسست مقهاية فكان المسافرون يرتادون مقهاية حُديدة حتى اصبح الموضع معلوم باسمها.

ومن القصص الأخرى أن رجلا من بلاد سيان جنوب شرق صنعاء ، أسس مقهاية له في الطريق الرابط ما بين مدينة تعز ومدينة إب فكان الجميع يشير بالالتقاء لدى السياني ، فنسبت المنطقة الجميلة باسمه ، وإلى اليوم تعرف بالسياني.

لا أجزم أو أنفي بالمرة صحة هذه الروايات الشفهية ، ولكنها تعكس لنا مدى تغلغل هذه المقهايات والسماسر في ذاكرة المجتمع اليمني.

اليوم تتكرر المقاهيات والسماسر ولكن بحلة احدث تناسب الزمان الذي نعيشه وبمسميات مطاعم وفنادق ، وأصناف من الطعام أكثر وإن غلب عليها عدم الجودة ، وفنادق على الرغم من مساوئها الا انها احسن حالا من النوم على حصير ، وان تقلص الدور التجاري للفنادق إلا انها تبقى ذات دور مهم في حركة المجتمع اليمني المدفوع للهجرة على الدوام.

كما أن ظاهرة المطاعم والفنادق سيئة البناء والمنظر مازلت مستمرة ، فقد تجد مطعما في العراء وآخر تحت شجرة وآخر من صفيح ، وبالكاد تستطيع الجلوس على الكرسي الذي يهتز فتثبت مكانك خشية الوقوع ، وطاولة الطعام دائمة الاهتزاز أو مائلة.


خاتمة:

خلقت حياة الإنسان اليمني المعتمدة على التنقل والهجرة لعدم مشاركة السلطة لهم الثروة ؛ لديهم فكرة المهقايات والسماسر والتي ارتبطت عبر شبكات الطرق ، حيث يجد فيها العابر الونيس بعد رحلة طويلة واجه فيها الكثير من المتاعب والمخاطر ، وفيها يتبادلون قصصهم وحكاياتهم ، ويتخلل الجلوس شرب القهوة أو مضغ عشبة القات وسماع الموسيقى الشعبية والغناء والشعر وقصص الاخباريين..



   نشر في 02 أبريل 2023  وآخر تعديل بتاريخ 07 أبريل 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا