في السادسة من عمري، كنت أرى الأمهات فى الدائرة الصغيرة جداً، التي تحيط بي حيث تضرب الأم ابنها وتأمره ألا يبكي، تضربه وتأمره ألا يعبر عن حزنه وضيقه بأي شكل كان، تضربه وتنتظر منه أن يمثل دور المبتهج.
كنت أرى هذا النوع من الأمهات الأقسى والأسوأ على الإطلاق، كنت أدعو الله أن يسلبها يدها قبل أنا تأتي بكل ما لديها من قوة على هذا الكائن الضعيف التي منحه الله إياه.
ولكن عندما كبرت أدركت جزءاً من الحكمة، وبعد النظر فى تصرف هذا النوع من الأمهات، فكلما كبرنا تتحول حياتنا تدريجياً لـلمضروب الذي حرم عليه البكاء. فندخل فى سلسلة لا نهائية من الضرب المصحوب بالألم والوجع ، نتأذى بقدر ليس بالقليل والحل لا يكون بالهروب تحت مائدة الطعام أو الإختباء فى حضن الجدة التي تحميك دوماً من نوبة الغضب التى تصيب والدتك عليك، كبرنا وأيقنا ألا حماية.. فمائدة الطعام أصبحت لا تؤدي الغرض والجدة طويت عليها الأرض.
فلا سبيل سوى المواجهة والمعافرة بدلاً من الهروب والبكاء والشكوى والضعف التي لم نجنِ منهم غير الأسى وعاصفة من أسئلة المباغتين، من مثل هل أنت ضعيف لهذه الدرجة؟ أأنت تعترض على حكم الله وقدره ؟ أم أنك تفعل ذلك دفعاً للحسد عنك ؟ وغيرها الكثير ، كبرنا ومازلنا فى مرحلة المضروب الذي حرم عليه البكاء.
-
Sarah Salahمعقده كأغلب اولئك البسطاء.!!