صلاة الضحى واستجابة الدعاء - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

صلاة الضحى واستجابة الدعاء

  نشر في 14 أكتوبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .


* يقال إن من أوقات استجابة  الدعاء صلاةَ الضحى، وأنه مجرب، فهل هذا صحيح؟


أقول مستمدا من الله التوفيق والعون والسداد: 

أسأل الله أن يتقبل منك دعائك في سائر أحيانك وأوقاتك،  وأن يؤتيَك سُؤلَك جميعَه فيما يرضي ربك ويقربك إليه، وأن يتولاك في الدنيا والآخرة

نعم شاع في الناس أن الدعاء في صلاة الضحى مستجاب، وتداوله كثير منهم في وسائل التواصل الحديثة مسلِّمين لذلك بناء على ما جرّبوه !!


والقولُ بأن الدعاء في خصوص صلاة الضحى مستجاب هكذا بإطلاق من دون ما نص يدل عليه، والاعتماد على مجرد التجربة؛ ليس بصواب.

فالدعاء وما يتعلق به؛ عبادةٌ؛ وفي الحديث الصحيح (الدعاء هو العبادة ) رواه أبو داود.

والعبادة الأصل فيها المنع والحظر حتى يأتي الدليل الشرعي، فمبناها على الدليل الشرعي لا على التجربة

وترتيبُ فضلٍ معين على عمل معين، أو القول بأن عملا معينا في زمن معين له من الثواب كذا، أو أن الدعاء في وقت كذا مستجاب أو أنه مشروع،.. هذا كله لا ينبغي أن يقال من جهة التجربة ولا من جهة الذوق ولا الهوى ولا الظن.. 

ولو فُتِح هذا البابُ لكان كل مَن دعا اللهَ في أي ساعة شاء  من ليل أو نهار وشعر بأن الله استجاب له خرج على الناس وقال: إنّ الوقت الفلاني مستجاب الدعاء فيه؛ ومجرب !!!.. 

متى ينضبط هذا الباب والحال هذه!!؟ والشريعة لا تأتي بمثل هذا

فليس أمر العبادة متروكا إلى تجارب الناس ولا إلى ما يَرَوْنَهُ..

بل بابُها الوحي عن المعصوم صلى الله عليه وسلم فقط لا غير، ولا تقبل دعوى غيره البتة

إذ إن التقرير بأن وقتا معينا تحصل فيه استجابة الدعاء من الله تعالى وفي حال معينة هذا أمر غيبي لا نعرفه إلا من جهة المعصوم صلى الله عليه وسلم، وهذا مفتقر إلى دليل يأتينا منه فيخبرنا صلى الله عليه وسلم أن وقت كذا تستجاب فيه الدعوات، كما ثبت في غير ما موضع، وفي غيرِ ما حديث مثل دعوة الوالد لولده ودعوة الصائم والمسافر والمظلوم...الخ

وليس معنا دليل من الشرع أن الدعاء في صلاة الضحى بعينها خاصةً مستجابٌ

بل دلت الأدلة الصحيحة على أن في الجمعة ساعة يستجاب فيها الدعاء، ثم تعددت النصوص في تعيين وقتها بالتحديد فاختلف العلماء في تحديدها على أقوال، نعم الأكثر على أنها آخر ساعة بعد العصر، لكن صح عند مسلم أنها وقت جلوس الإمام على المنبر للخطبة إلى انتهاء الصلاة ( صلاة الجمعة)

لأجل ذلك لم يجزم بعض العلماء في تعيين وقتها، فكأنها أخفيت علينا لنجتهد في الدعاء أكثر في بقية اليوم، مثلما أخفى الله ليلة القدر أيَّ ليلةٍ هي، مع الجزم أنها في العشر الأواخر قطعا،

هذا الخلاف وعدم الجزم مع وجود الدليل في ساعة الجمعة وليلة القدر، فكيف بالجزم في غيرها مع عدم الدليل!! ؟

طيب إذا تقرر هذا، فما توجيه أنّ بعض الناس يدعون الله في صلاة الضحى ويستجيب الله لهم، وهذا واقع مشاهد لا يمكن مدافعته ؟؟!!

يقال حفظك الله نعم هذا قد يقع ، لكن حدوث استجابة الدعاء في هذه الحال لا يسوّغ لنا أن نقول إن الدعاء في صلاة الضحى مستجاب هكذا بإطلاق، ولا تلازم بين هذا وذاك 

ومادام الجزم باستجابة الله لدعاء معين وفي وقت معين هي من أمور الغيب غير سائغ لكونه غيبا لم يرد في خصوصه نص شرعي فلحصول الاستجابة في صلاة الضحى أحيانا أو مرارا احتمالاتٌ كثيرة تشهد لها مجموع الأدلة الشرعية العامة مع ضميمة السبر للواقع :

فقد يكون دعاؤك استُجيب في تلك الحال لِمَا قام في نفسك من الاضطرار والافتقار إلى الله فاستجاب الله لك لهذا الوصف الذي قام في قلبك ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه) لا لكون الدعاء مستجابا في صلاة الضحى

وقد يكون دعاؤك استجيب لما قام في قلبك من الرجاء العظيم وحسن الظن بالله تعالى في ذلك المقام خاصة، واللهُ عند حسن ظن عبده به كما في الحديث القدسي

وتجد بعض الناس يقال له إن الدعاء مستجاب في صلاة الضحى ( وهذا ليس عليه دليل من جهة الشرع كما تقدم) أو في أي وقت آخر فيذهب هذا الشخص فيدعو في ذلك الوقت ويجتهد في المسألة ويقوم بقلبه رجاء عظيم بالاستجابة تبعا لما سمع من الناس بأنه وقت تستجاب فيه الدعوات، وفعلا يستجيب الله له، لا لكون الدعاء في صلاة الضحى مستجابا لكن لما قام في قلبه من يقين الإجابة وعظيم الرجاء وهذا سر من أسرار الإجابة، وهو الدعاء مع حسن الظن بالله وأنه سيستجيب لك كما وعد سبحانه ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) وكما دلت عليه كثير من الأحاديث، ولو دعونا الله دوما بذلك الرجاء العظيم واليقين لحصلت الاستجابة دائما كما وعد ربنا، ولمَا تخلّفتْ، ولكنها استجابة بإحدى ثلاث، إما بإعطاء السائل عينَ الشيء الذي سأله، أو يصرف الله عنه من البلاء مثله، أو يدخر الله له ثواب ذلك في الآخرة وورد في هذا حديث صحيح مشتهر.

وأنت مأجور في جميع حالاتك لأن الدعاء نفسَه عبادة

وقد يكون دعاؤك استجيب لكونك دعوت في السجود أو لكونك دعوت قبل السلام وهذان وقتان دل الدليل على أن الدعاء فيهما قريب من الاستجابة أكثر من غيرهما

طيب قد يقال نحن ندعو في السجود وقبل السلام في سائر الصلوات ولم نر استجابة !

يقال نعم قد يستجيب الله لك في مقام ويؤخر الاستجابة في مقام مثلِه لحكمة منه سبحانه لكون ذلك الشيء الذي سألتَه يصلح لك في مقام وفي وقت دون غيره، فلا يصح حينئذ أن نجعل ذلك الوقت بخصوصه مستجابا بلا بينة ولا دليل من الوحي

وقد تدعو الله بأن يحقق لك شيئا، ثم يحصل لك ذلك الشيء، لا بسبب دعائك مع أنك دعوتَ الله، لكن لم يكن في دعائك حضور قلب، وفي الحديث الصحيح (واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه) رواه الترمذي، فدعاؤك لم يكن سببا صالحا لتحقيق مطلوبك لتخلف بعض شرائطه

ولكن هبة من الله وتفضل منه ولحكمة حصل لك عينُ مطلوبك، وأنت تظن أن الله قد استجاب لك في تلك الحال

وقد يكون الدعاء الذي استجيب لك هو ما دعوت به خارج صلاتك قبلها أو بعدها

وقد يستجيب الله لدعاء غيرك لك بظهر الغيب سواء سأل لك عين الشيء الذي تريده أو سأل الله بعموم أن ييسر أمرك ويحقق مرادك

والدعاء بظهر الغيب مستجاب

وقد يحصل أن يحقق الله لك ما تتمناه هكذا من غير دعاء منك ولا حصول استجابة أصلا فإن الله يرزق الناس بسبب دعائهم إياه، ويرزقهم أيضا بغير دعاء منهم ولا مسألة بل يفيض عليهم بحكمته من النعم ابتداءً مما لا يخطر على بال أحد منهم أصلا بلا سؤال منهم ولا طلب

كل هذا وغيرُه جائز ومحتمل حدوثه في هذا الباب


فالحاصل أن القطع بكون الدعاء في  خصوص صلاة الضحى مستجابٌ مطلقا غير صحيح لعدم الدليل الشرعي عن المعصوم صلى الله عليه وسلم كما تقدم أعلاه.

فلا وجه لاعتقاد ولا لتخصيص صلاة الضحى بدعوات معينة

واستجابة الدعاء في ذلك الوقت بعينه  أحيانا هو في حقيقته راجع إلى الأسباب المذكورة آنفا.

ويقال ما دعا اللهَ تعالى عبدٌ بدعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم ولا اعتداء، ودعا بحضور قلب وحسن ظن بربه ويقينٍ بموعود الله من الإجابة إلا استجاب الله له وعد الله لا يخلف الله الميعاد، وأعطاه بدعائه إحدى ثلاث: إما أن يؤتيه ما سأل، أو يدفع عنه من السوء والبلاء مثلها، أو يدخر له ذلك ليوم القيامة .. وذلك في أية ساعة من ليل أو نهار، ومن تحرّى مع ذلك أوقات الإجابة التي دلت عليها النصوص فهو خير على خير.

والله أعلم وصلى الله على نبينا وسلم



   نشر في 14 أكتوبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا