تشكل تطبيقات الرسائل القصيرة و الدردشة على المحمول الواجهة الرئيسية للاستعمال اليومي لملايين المستعملين عبر العالم لما توفره من قوة في التواصل الفعال، و أصبحت مركز خدمات المحمول .. قبل عام لم نكن نعلم بالأهمية الإستراتيجية لهاته التطبيقات، حتى قامت فايسبوك بالاستحواذ على واتساب في صفقة خيالية قدرت ب 19 مليار دولار.. في البداية، الكل أعتبر زكربرج مجنونا لأن التطبيق لم يكن بذلك الزخم و التأثير، لكن بعد سنة،  أثبثت فيسبوك  أن الخطوة كانت ذكية، فلو قام منافس ك غوغل بهاته الخطوة لكانت الأمور كارثية.. الان و بعد سنة فايسبوك تمتلك التطبيق الأكثر شعبية في العالم، وأزاحت أكبر منافس لها عن طريقها للسيطرة على الشبكات الإجتماعية.

الدردشة هي واجهة المحمول

التطبيقات الأكثر استعمالا على المحمول هي تطبيقات الرسائل، وتستعمل دائما بشكل موازي مع التطبيقات الأخرى كالمتصفح، تويتير، بينترست.. كلنا يعود إلى تطبيقات الدردشة بين الحين و الاخر، مايجعلها أكثر قيمة و تأثيرا..

لكن كيف يتم جني الأرباح منها ؟

الحل الأول هو بإمكانك أن تبيع أشياء، مثلا ال Stickers بمقابل بسيط، لكن القليل من يهتم بشراء هاته الأشياء.. الحل الثاني هو الإعلانات لكن كثرة المنافسة في هذا المجال تجعل جميع الشركات تبتعد عن الإعلانات و الاهتمام أكثر بالتوسع و زيادة عدد المستخدمين،، لكن مثل هاته التطبيقات التي تصبح منصات كتطبيق Wechat في سنغافورة الذي يتيح لك إمكانيات عديدة كالإتصال بسائق، الدفع لصديق، شراء التذاكر،،. هذا رائع لماذا ستحتاج مجموعة تطبيقات مختلفة إذا كان بإمكانك القيام بذلك عن طريق الدردشة.. ؟!

اليوم بدأت هذه التطبيقات في التنافس في إضافة خدمات أخرى تكميلية إلى جانب الدردشة.. فنجد تطبيقا ك سناب شات snapchat في تطور و توسع إلى ماهو أبعد من الرسائل، حيث مؤخرا أضاف إمكانية تحويل الأموال بين الأصدقاء عبر واجهة Snapcach، كما يتيح واجهة للحصول على محتوى مجاني أو مدفوع عن طريق بعض القنوات الإعلامية ..

قبل سنة، طرح حدث استحواذ الفايسبوك على واتساب في صفقة تاريخية قدرت ب 19 مليار دولار تساؤلات عن كيفية تحقيق الدخل المادي من تطبيقات الرسائل القصيرة، بدون التأثير على الخدمة. علما أن فايسبوك تعهدت بعدم إظهار إعلانات على التطبيق، إذا ما إستثنينا بعض الرسوم بقيمة 1 دولار للإشتراك التي يتم فرضها في بعض الأماكن.. الجواب هو أن الشركة ليست في حاجة إلى استخدام الإعلانات في تطبيق الواتساب، لأن الحل الأمثل هو إضافة خدمات أخرى ، لا تشوش على جودة خدمة الرسائل الرئيسية، كالمحتوى المدفوع..

سناب شات التطبيق المتمرد

هذا التطبيق الذي تحاول الشركات الكبرى الحصول عليه، سبق لفايسبوك أن حاولت مرارا شرائه على غرار الواتساب بدون جدوى، رفض مؤسسي التطبيق Bobby Murphy يمينا و Evan Spiegel  يسارا  عرضا مغريا في الأيام الأولى التي إشتهر فيها، قدر ب 3 مليار دولار، كما أن كل محاولات فايسبوك باستنساخه باءت بالفشل

سناب شات الان تحقق نجاحا منقطع النظير، حيث يطمح مؤسسه إلى رفع قيمة الإستثمار فيه إلى 500 مليون دولار وهو رقم قياسي، كما أن قيمة التطبيق في السوق تقدر الان بأكثر من 20 مليار دولار .. مميزات التطبيق هي واجهته التي أصبحت منافسة للشركات التي تقدم تحديثات محتوى الأصدقاء News Feed، جعلته الوجهة الرئيسية لنسبة كبيرة من المراهقين الذين يريدون تفادي الرقابة الأسرية التي قد يفرضها الأباء على مواقع التواصل الأخرى كفايسبوك. مما جعل من التطبيق المنافس الأول لفايسبوك التي لو علمت بذلك في البداية كانت لتدفع نفس القيمة الكبيرة التي دفعتها في الواتساب..

أكثر درس ممكن أن تتعلمه أية شركة أو رائد أعمال شاب من قصة نجاح تطبيقات الدردشة أن التوسع أهم بكثير من إعطاء الأولوية للربح على المدى القصير، وأفضل مثال هو تطبيق سنابشات الان

استحواذات الشركات الكبرى ومواصلة عمل الخدمة بشكل مستقل

عندما تقوم شركة عملاقة بالاستحواذ على شركة ناشئة يبدي المستخدمون تلقائيا قلقا حول مستقبل الخدمة.. لكن التجربة توضح أنه حينما يتم منح الشركة الناشئة الإستقلالية في العمل والتسيير بشكل حر يمكن لخدمة أن تستمر في التطور كما أن المستعملين يصبحون أكثر إخلاصا لها ..

- إنستاجرام على سبيل المثال تطورت الشركة من 30 مليون مستعمل عند الاستحواذ عليها من طرف الفايسبوك بمبلغ 1 مليار دولار، إلى 300 مليون مستخدم، كما أن قيمة الخدمة تتراوح ب 35 مليار دولار..

- انتقد العديد استحواذ فايسبوك على خدمة الواقع الإفتراضي Oculus، لكن على العكس هذا أكسب Oculus شعبية و ثقة كبيرة لذا المطورين خصوصا..

- منصة Parse لإنشاء تطبيقات الفيسبوك تطورت من 6000 مطور عند الاستحواذ إلى نصف مليون، أليس هذا رائعا !

- كما أن الاستحواذ على واتساب ساعد على رفع المستعملين من 450 مليون إلى 700 مليون

البديل المخيف للشركات الكبرى عن الاستحواذ

ماذا كان سيحدث لو لم تقم فايسبوك بشراء الواتساب؟ أكيد أن المعادلة ستكون صعبة لأن منافسا ك غوغل كان سيقوم بالعملية لتطوير خدمة المحادثة hangout على المحمول، و يبدو أن غوغل خسرت السباق في معركة تطبيقات الدردشة على الهاتف.. استراحت نوعا ما فيسبوك، خصوصا وأن تطبيق الواتساب ظل يعمل بشكل مستقل، وتفرغت الشركة لتطبيق ميسنجر Messenger الذي حاليا إلى 500 مليون مستخدم..

الأكيد أن تطبيقا مثل الواتساب لو بقي مستقلا أو تم الاستحواذ عليه من طرف ثالث، كان سيضيق الخناق على فايسبوك بشكل كبير، لأن ميزة التحديث newsfeed جعلت منه أكبر من مجرد رسائل دردشة، كما كان في طريقه ليصبح شبكة إجتماعية كاملة..

خلاصة

بعد أن كانت شركات مثل غوغل و ياهو هي وجهات الويب الرئيسية عبر الأجهزة المكتبية، أصبحت تطبيقات الدردشة الواجهة الرئيسية للمحمول، ولا شك أنها تستحق قيمتها المالية الكبيرة و أن فيسبوك الان تمتلك حصة الأسد منها