أ غرباء نحن؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أ غرباء نحن؟

  نشر في 28 أكتوبر 2020 .

خلوت بظلمتي وسألت ليلي عن غربتي  فسقى عطشي بنهر مقلته ثم أجاب " سيدتي لقد شط بها النوى و تناهبها الوجد فاستعارت أشلاء الصمت و نامت فوق الثرى" ... قذفني سريري للسهاد و كأنني مجبرة على وغول المتاهة لتحرير مهجتي بل و سدمني بذلك ... أ  حقا دفنت ذاتي في حبر سؤالي؟ 

..... غريبة عن نفسي  .....

ينتابني أحيانا شعور غريب , شعور بالغربة بحد ذاتها كأني ارتويت من كأس جشمته المرارة حتى غدوت في تنغص من قاعه, غصة تلو أخرى في حلقي أتجرعها و أشواك مرورها تذبح جسمي الضئيل وليس لي من معين  .  حنو كؤود وصفه أقل ما يقال عنه أنه تكبل بقيود عضلة محكمة زال معها عبيري و ماتت معها كلماتي فابتلعت داخل حفرة من أغلال آكلها الصدأ و في المقابل آكلني فؤادي و انكوى. ...  لا شيء ناضج فكل  الجذور ميتة حتى دموعي لم تفلح في احيائها فلقد اكتفت بندى جفوني فقط , ندى جلب الطيور عندي فانشرح صدري ثم سد حين سمعها تغرد ألحان الحزن. 

رغم تقييدي وسط البؤرة , نقبت يمينا و شمالا في الخرائب  فذهابي و ايابي مجهولين ... إذن ليس لي غير المخاطرة سبيلا فتحليت بالآد و دأبت إلى أن وجدت نفسي أمام محطة.

محطة أخبرتني عن لواعج الهوى و انسابت بي إلى أن طمستني  جوف الوله ... شتاءها القاسي غطى عن باقي فصولها إذ استنزفت أفرشتي بيد أني لم أكس بعد فهتاف ارتعاشي ما زال متأهبا  حيث أنه كلما اشتدت الزوابع أختبئ وراء أنقاض الجدران  كي أطهر جروحي بثوبي المنصول فآخر دوائي كي و هكذا إلى أن يزورني السنا من جديد ثم تستأنف الحلقة و تتوالى ... مسكينة هي كينونتي اصطلمها الدهر و هي تنبش عن منورها مترقبة  صاغي صراخها المجم و  ناطرة كسائها الحديث . 

كلما أظن أنها نهاية سقوط متاعي  يهمس لي أن الطريق ما زال منسابا و ناقوس مآل محطتي لم يدق بعد, نفذت أنا و لم يختم هو.  حتى ذاتي منقذتي عند غرقي توارت و بت كالمجنونة منطيقي يردد أين طوق نجاتي ؟ أهرول و أنظر إلى المرآة و إذا بي أجد بدني و لا أجد نفسي . لم أكن أحرز قط أن غربتي ستخلق مني جسدا بلا جوهر و روحا بلا مأوى. و لم أكن أخمن قط أن جنوني  سيكون له القدم الأولى فتلك  الخبلة المجنونة لم تكن قط في الحسبان. نعم أجل و ها أنا بت بوهة غريبة تجوس أرصفة طريقها المهجور الخالي من العنوان... فعلا يا سادة طريق لا يعود لا إلى مكان و لا إلى زمان.

طريق سرياح و لكن في التأني السلامة فالحلاوة بعد المرارة لها طعم خاص. بحثت و كافحت  وأنا كلي إيمان بأن لغربتي أجنحة حين يحين وقتها ستعلي و أن لليوم حتما غد... ليس أي غد بل غدا له  ناظر قريب  ... تيسير أمام عينتاي المضمحلتين كلما أطأطأ رأسي يرفعه من جديد وهكذا دواليك... 

كانت ليلة عصيبة لكن لذة تحرير مهجتي كانت أقوى ... و ها أنا أعود بعد غربتي في حجرتي و كأن شيئا قد تحرر مني, لمعان حريتي سطع بين نجوم سمائي المبعثرة و رتبها من جديد فشق لي آفاقا جديدة بعد افاقتي من سباتي العميق. عدت و  آثار قيودي منحوثة في معصمي و لكن في المقابل حقيبتي غنية بالثمار ... أنا الغريبة سابقا و العائدة الآن, وجدت كينونتي المضمرة و أعدت بناءها حيث  أخطت لها ثوبا لامعا و رسمت لها سبلا مكتسبة . فما أجمل ثم ما أجمل  الوقوف أمام ندوب و كدمات ليلة غائمة لنسج اشراقها بيدين حديثتي الشفاء.



   نشر في 28 أكتوبر 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا