- 92 هجرية 785 م -
تغمر نسمات الفجر فتسكن الموضع آويآ في ظلال اروقة المسجد - جامع قرطبة - بعض الفنانين التابعين للمدرسة الفنية الاموية في قرطبة و هم يضعون لامساتهم الفنية في كوشات العقود و تيجان الأعمدة الكورنيثية ..
غطت رؤوسهم العمامات و تأنقت اجسادهم في حلتهم الأندلسية من القفاطين الكتانية الاطلسية و تلئلئت ايديهم بمرسمهم الفني يحفرون و ينقشون العناصر الزخرفية بابداع منقطع النظير...
15 يونيو 2019
علي اطراف مدينة - قرطبة اصطفت البيوت القديمة المتأنقة في زهو و ابداع كالبنيان المرصوص.. تحف بهم الحدائق الأندلسية المعلقة التي تأنقت منها زهور الياسمين و القرنفل.. بين باحات قرطبة تتأنق بها زهورها الخلابة.. عند تلك الشرفة التي خرجت من الكوة وقف الناسك - حفصون - و قد تعلقت انظاره بشجرة السرو المتدلية اغصانها في الباحة.. تكسيه قفطانه الازرق من نسيج الديباج المطرز.. تعلقت النظرات بين عينيه واغصان الشجرة..
بلبل صغير مغرد اغلي شجرة السرو - اناشيد الحب الالهي - يتدلي من جناحيه - كشكول - نحاسي حوي بداخله بضعة عملات نقدية- صدقات - نلمح من خلفها - قفطان الديباج الازرق -......
مارس 2019
في ظلال اروقة قاعة الجامعة خطي دكتور - خلدون - بخطاه السريعة و هو يحمل علي كفيه بضعة كتب و اوراق متناثرة.. كان قد انهي للتو حضور محاضرته اليومية المتراكمة.. اليوم كان مرهقآ للغاية و اشعة الشمس - السخيفة -مصرة علي ان تسطو بعنف علي ضواحي قرطبة و قد جاوزت الحرارة الثلاثين درجة مئوية..
حظي دكتور - خلدون - الاسباني ذو الاصول المغربية العربية بمكانة عميقة في ارجاء جامعة - قرطبة - بات الوحيد المتحدث باللغة العربية وسط مجتمع علمي ينطقون - الاسبانية - مما عدوه حلقة الوصل بينهم و بين - العرب..
استوقفته - اشيلي - الباحثة و الزميلة الاسبانية و قد طلبت منه اللقاء العلمي في الندوة التي تعقدها الجامعة كل عام.. بات التعب قد استثقله و عد بحاجة الي اخذ قسطآ من الراحة.. قرأ بعينيه تعبيرات وجهها الغاضبة من وجومه... و كأن ليس له الحق في ان ينال بعضآ من الراحة... ارتسمت ابتسامة صفراء باهتة علي وجهه و اشار اليها برأسه بهدوء ان تتبعه الي قاعة - الندوات -..
بات يقلب بين اوراقه و دفاتره القديمة عن ذلك - الناسك حفصون - الذي يحوي معه معلومات هامة عن - نساك و زهاد - الاندلس في الاربطة و التكايا..
دار بذاكرته الي الوراء حيث الصورة لاذلت محفورة منذ،الطفولة حينما كان يلهو في الحديقة المعلقة الا انه ضل طريقه بين الباحات.. فشرع يبكي بذعر حينما اتي ذلك - الناسك - المجهول - الذي حمل قنديلآ زجاجيآ في كفيه.. ثم صحبه معه للتو حاملآ اياه علي ظهره يطير به في السماء و - خلدون - لا تصدق عيناه ما يحدث له حتي هوي به عند بيته القديم و اختفي فوق شجرة السرو!!
صرخ الطفل - خلدون - الي امه التي لم تآبه بقصته - الاسطورية - و حظي بالتكذيب و السخرية من الرفقاء...!
افاق من غفوته علي صوت - اشيلي - التي لاحظت شروده و نبهته بوكزة خفيفة الي بداية المحاضرة همست له - اشيلي - بهدوء
ما بك يا - خلدون - تبدوا مضطربآ اليوم..
حتمآ ساصل الي الناسك - حفصون - هذا لديه مفتاح اللغز..
عن ماذا تهذي يا - خلدون - تبدوا مريضآ اليوم..
لا تهتمي يا - اشيلي - ساخبرك قريبآ بالامر عن ماذا تعقد الندوة الا يذال بروفوسير - بيدرو - يهذي ببحثه الممل منذ عدة اسابيع..
ضحكت - اشيلي - هامسة و هي تقرب وجها الصغير الي اذنه :
صمتآ يا - خلدون - لو سمعنا لقضينا اليوم خارج القاعة!! ستشير اليه - فنتورا - الان حتي يتوقف قليلا لاخذ فاصل...
اخيرآ سانعم بقليلا من الراحة.. اليوم كان مزعجآ للغاية...
ما رأيك ان نقضي الامسية في شرب - الهورتاشا - في الكافية الخاص بالجامعة..
شكرا يا - اشيلي - هذا لطفآ منكي عزيزتي.. فلنحاول تحمل ذلك اليوم السخيف...
داخل مكتبة هائلة قديمة شاسعة الاروقة تتقاطع قبابها المعقودة بين الأعمدة.. اصطفت المخطوطات و المصادر القديمة التي غطتها الاتربة.. آوي - بيدرو - بين احدي اركان المكتبة الجانبية و قد حظي بقراءة ذلك المخطوط العربي الاندلسي القديم.. و قد حفظ في حالة جيدة الي حد ما.. فلا ذات يحتفظ بجلوده القديمة و خطه القرطبي الاندلسي الذي لاذال يحتفظ برونقه كما هو كان يتابع المخطوط بنهم و هو يتحدث عن الطرق الصوفية الأندلسية.. بدي عليه الانبهار و الاعجاب وقع بقلبه في تلك اللحظة - خلدون - هل ما رأه كان حلمآ..!!!!
يتبع.....
-
Menna Mohamedكن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب