العشوائية إكسير الوجود - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

العشوائية إكسير الوجود

نبات وخلية وعضلة

  نشر في 04 مارس 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

"الحياة ليست سوي الكترون يبحث عن مكان للراحة" هذا ما قاله الفائز بجائزة نوبل العالم ألبرت ناجيرابولت. في حين أن هذه المقولة قد تبدو أنّها لا تحوي معني الحياة الذي يبحث عنه معظمنا، فإنْ أمعنت التفكير قليلاً ستجد في النهاية ما تبحث عنه. المراد هنا أنّ الكائنات الحية في نهاية المطاف تُسهل ميل الكون إلي زيادة الأنتروبي (العشوائية). قد يبدو هذا متناقض حيث أنّ الكائنات الحية علي درجة عالية من التنظيم بينما الأنتروبي هي مقياس عدم الانتظام (العشوائية). ولكن هناك شعرة تفصل بين التعقيد والنظام، التعقيد والنظام ليسا الأمر ذاته. كل كائن حيّ يعمل علي زيادة عشوائية الكون فقط من خلال العيش والتنفس. المثال الآتي سيقرب الصورة في ذهن القاريء.

فكّر في فوتون (جسيم أولي حامل للقوة الكهرومغناطيسية) قادم من الشمس معبيء بالطاقة المفيدة، فتلتقطه النباتات أو الكائنات الحيّة الدقيقة التي تستخدم التمثيل الضوئي لتخزين هذه الطاقة في شكل سكر. ولكن لا يحتوي السكر علي نفس كمية الطاقة المفيدة القادمة من الفوتون، بعض من طاقة الفوتون الأصلية تنتهي في تدفئة النبات وبيئته. ثمّ يأكل الإنسان هذا السكر ويستخدم طاقته لخلق جزيئات ATP (أدينوسين ثلاثي الفوسفات). ATP هو مُركّب أشبه بحزمة من الطاقة يمكن إرساله إلي أيّ جزء من الجسم يحتاجه، ولكن لا يحتوي مركب ATP علي نفس كمية الطاقة الموجودة في السكر الذي صُنع منه، بعض طاقة السكر المفيدة فُقدت في تشغيل الآليات التي تصنع مركب ATP. البروتينات الموجودة في عضلاتك تستخدم الطاقة الموجودة في مركب ATP لتتقلص لتتمكن أنت من ممارسة التمارين الرياضية أو تقطيع فطائر البيتزا. ولكن لا يتم إستخدام كل الطاقة المفيدة الموجودة في مركب ATP للتمرين وتقطيع البيتزا. كما في النباتات، فبعض الطاقة تذهب للتدفئة. ليس هذا فقط، فطاقة ATP المفيدة يمكن أن تُستخدم في إصلاح الخلايا أو الأعضاء المتضررة. ومرة أخري الطاقة تقل وتصبح أقل فائدة في العملية. إذن فوتون مليء بالطاقة قادم إلينا من مصدر الطاقة الرئيسي وهو الشمس، يلتقطه النبات ويحقق إستفادته منه ويخزن الباقي من الطاقة في شكل سكر، ثمّ يقوم الإنسان بأكل السكر  ويستخدم طاقته في خلق مركب ATP ومرة أخري تقل الطاقة، وهـكــــذا . . . .

النمط أصبح واضحاً، في كل خطوة علي طول الطريق تقل طاقة الفوتون الأصلية وتزداد العشوائية وفي النهاية كل ما يبقي هو نبات وخلية وعضلة منظمة ولكنها أدفيء بقليل، بالإضافة إلي أشعة الأنتروبي تحت الحمراء التي تُشع متشتتة في الكون. 

الحياة نفسها قد تكون نشأت بسبب الأنتروبي (العشوائية)، فالأرض في عهدها الأول كانت تحوي علي جيوب بها مستويات منخفضة من الأنتروبي المليئة بالطاقة المفيدة مثل الفتحات والشقوق الدافئة في قاع المحيطات. ولكن ربما لم يكن هناك أيّ تفاعل كيميائي بسيط يمكنه الإستفادة من هذه الطاقة في توظيف فائدتها والسماح للأنتروبي (العشوائية) بالزيادة.

تخيل معي، كل هذه الطاقة تتحول من مفيدة إلي عديمة فائدة في سبيل إبقاء كائنات مثلنا علي قيد الحياة. كم أتمني لو أنّي أري كائنات فضائية قادمة من كواكب أُخري لتغزو كوكبنا العزيز الذي بدأ يحتضر كما تقول بعض الدراسات، وتُبيد الجنس البشري عن بكرة أبيه فلا تُبقي منهم أحدا، بالتأكيد هو لن يكون يوم الاستقلال الهوليودي. الكون بأكمله يعمل في تناغم وانسجام من خلال سلسلة من التعقيدات كيّ يُبقيكَ حياً والإقامة علي خدمتك، وكل ما تفعله أنت يرمي إلي شيءٍ واحد فقط، هو كسر هذا التناغم والانسجام سواء قصدت أو لم تقصد! وقد باتت المقولة "إن لم تزد شيئاً علي الدنيا كنت زائداً علي الدنيا وإن لم تدعها أحسن مما وجدتها فقد وجدتها وما وجدتك" أسمعُ صداها في كل أرجائي. فإذا كان وجود العشوائية مرتبط بوجودنا وبقاءنا، فما الذي يمنع من رد العرفان؟! هو شيء أشبه بعملية التدوير، أنا أستفيد من الكوّن والكوّن يستفيد من بقائي. إفعل شيئاً أو لا تفعل شيئاً علي الإطلاق .. القرار لك! ! !


  • 1

   نشر في 04 مارس 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا