الإغراء القاتل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الإغراء القاتل

عن قصة حقيقية

  نشر في 19 أكتوبر 2018 .

كل امرأة في هذا العالم لها غاية وهدف وحلم تتمني تحقيقه في حياتها، هناك من تنشد بناء عائلة صغيرة سعيدة وهناك نقيضتها تتمناها عائلة كبيرة جدا وكأنها ستلعب مباراة لكرة القدم ،وهذه تطمح لمنصب مرموق، وتلك تعشق المغامرة وتخطط للسفر حول العالم ،وأخريات واحلام عدة ، لكن انا فغايتي هي المال، اعشقه لدرجة انه جعلني افعل اي شئ من اجل امتلاكه ، نعم اقصدها حرفيا ، فعلت كل شئ لامتلاكه ، انا نانسى وهذه هي حكايتي .

منذ ان ولدت في احدي محافظات القناة وانا لم اجد ابي بجانبي فقد فقدته بعد ولادتي بشهور في حادث سير ،ليتركنا انا وامي نواجه الدنيا بدون سند، كان والدي عامل باليومية وكانت امي تعمل في تنظيف البيوت حتي نقدر علي العيش ، وكانت تأخذني معها اثناء عملها وكنت اري اطفالا في عمري ينعمون في ، لن نقول الحرير ، ولكن سنقول انهم علي وشك اللحاق بالطبقة الفوق متوسطة، وكنت دائما اتساءل لماذا هم هكذا وانا لا ؟؟ وحتي وان كنت لم افقد ابي فليس هناك جزم بانه كان سيوصلني لما اراه الان امام عيني.

مرت ايام انام الليالي فيها معدتي ممتلئة وتأتي عليا ليالي اخري انام منكمشة من الجوع، وكل لحظة كانت تمر تجعلني ازداد اقتناعا بأن المال هو مصدر السعادة الوحيد علي هذا الكوكب ،هو من يشتري ويبيع ويتحكم ويسيطر ،ولكن لم يكن لدي استعداد ان افقد شبابي في مرحلة البدء من الصفر وتكوين مستقبل مزدهر، فانا اريد الوصول سريعا، اريد قطار سريع يقلني للثراء حيث محطة النعيم الدائم.

عملت امي كل يوم ، وفي عدة منازل في اليوم الواحد ،حتي استطيع ان التحق بالمدرسة وبالفعل انهيت بكالوريس التجارة بفضلها ،ولا انكر ذلك، وكان ذلك ايضا بفضل بعض المساعدات المالية لمن تعمل لديهم كنوع من العطف والشفقة علي اليتيمة المسكينة والتي هي أنا، وفي تلك اللحظة شعرت بانه حان وقت العمل في خطتي نحو كسب المال ، والتي بدأتها مع رجل اعمال في عمر الخمسين يمتلك مكتب للمقاولات ، ويريد سكرتيرة للعمل لديه ، وتجهزت لاولي خطواتي، فاستعرت بعض الملابس من صديقاتي ،وبأتحاد الاناقة مع كلا من الجمال واللباقة اللاتي امتلكهن وبقوة ، كنت اول الفائزات بالوظيفة وعن جدارة ، وبقي لدي خطوة الفوز بصاحب العمل وبماله بالتأكيد، ولم يمر سوا ستة اشهر حتي طلبني للزواج سرا، واصبحت زوجته العرفية الغنية نعم فقد اغدق عليا بالكثير والكثير ، ولكن جاءت الرياح بما تشتهي الانفس، وعلمت زوجته ولم يتردد حينها في طردي من العمل حفاظا علي سعادته المزيفة مع عائلته ، وطبعا لم يحق لي شيئا بعد الطلاق، ولكني في فترة زواجي القصيرة كنت قد استوليت علي القليل من المال ببعض حركات الخفة من تلاعب بالارقام هنا وهنا ، فلم اجني الكثير فانا لازلت في بداية اللعبة.

وانتهت فرصتي الاولي سريعا ، ولكن توالت غيرها واحدة تلو الاخري، وبنفس الخطوات سرت ، ابحث في الجرائد عن وظائف بمكاتب مرموقة، فاتقدم للوظيفة، فافوز ، ثم احصد ما اقدر عليه، وبعدها اترك العمل بدون ابداء اسباب وقبل ان يلاحظ أحد الفجوة الرقمية التي أحدثتها، ولكن مع مرور الوقت بدأت اشعر ان فرصتي في تلك المدينة محدودة فقررت الذهاب للقاهرة للحصول علي الفرصة الذهبية وبالفعل ومع اول ايامي رأيت اعلان بالصحيفة عن محامي شهير يطلب مديرة لادارة مكتبه الجديد وبالفعل تقدمت وكالعادة فزت ومن هنا تبدأ الحكاية .

كان خالد محامي مشهور في الاربعين من عمره ، متزوج ولديه ولد وبنت ،وكانت زوجته امرأة راقية جدا ،ولذلك كنت اعلم من البداية ان معركتي ستكون صعبة لاسيما مع رجل اختار زوجته عن حب، ولكني لم اتعلم يوما معني التراجع ، فبدأت بالعمل بهمة وبتفاني لأثبت له جدارتي وانه اختار الافضل لتلك الوظيفة، ومن ثم بدأت ابدي اهتمامي بشخصيته وبكل تفاصيل حياته، فكنت احضر الفطار والقهوة المفضلة لديه،واعلق علي ملابسه وما المناسب وغير المناسب حسب لقاءاته مع العملاء ،وسريعا انزلقت قداماه ووقع في فخي، حتي انه اصبح لا يخطو خطوة قبل ان يناقشني فيها ،نعم فلقد اعميته وجعلته يترك لي مقعد السائق للقيادة في كافة الامور ، وبالفعل ابتعد كثيرا عن عائلته ،بفضلي، واصبح يقضي معظم الوقت معي وهذا ما ازعج زوجته ولكنه انتصر لي في النهاية وقام بتطليقها ليتزوج بي رسميا وامام الجميع، ولكن رغم كل ذلك فمعركتي لم تنتهي بعد، فهو ما زال علي اتصال باولاده ، فكان علي ان افكر في خطة بديلة وهي ان اشغل وقته وتفكيره بهواية جديدة، وبالفعل اثرت اهتمامه بالخيول العربية واصبح يمتلك مزرعة بها اسطبل كبير ، وسرعان ما اثبتت خطتي نجاحها فأصبح يقضي معظم الوقت بالمزرعة ، ورغم كرمه معي المتزايد الا انني لم اتوقف عن جمع مالي الخاص بطرق ملتوية ، وساعدني في ذلك ثقته العمياء بي، ولكن ايضا كان علي ان اجد الوقت لانعم بحياتي الخاصة وانعم بما امتلكه ففكرت في احضار سكرتيرة بديلة لي ، وتقدمت للوظيفة فتيات كثر ولكني اخترت سارة تلك الفتاة العشرينية المفعمة بالحياة ،اسستها وعلمتها ان ولائها الاول والاخير لي،وانها اذا ارادت ان تبقي في تلك الوظيفة لابد ان تتحرك بناء علي قراراتي انا فقط، وبالفعل اصبحت لا تفارقني ،حتي في ذهابنا انا وخالد للمزرعة في العطلات ،كنت اخذها معي ، وهذا ما لم يكن يرضيه ، وخاصة انني اخترتها رغما عنه.

ولكن العام ليس صيفا فقط ولا شتاء فقط ، بل كلاهما سويا، ففي يوم اتصل بيه احد الاصدقاء ليخبره انه هناك خطأ في بعض المعاملات المالية فبدأ الشك يتسلل بداخله، ومع استمرار تحذيرات اولاده وزوجته الاولي بانني لست كما ابدو الكائن الرقيق المسالم ،انهار مع الوقت جدار الثقة بيننا وبني مكانه سدا منيع ومما زاد تأكيدى انه في احد الليالي استمعت لحديثه علي الهاتف مع زوجته السابقة يعلمها بانه يريد الانفصال عني ولكنه منتظر الوقت المناسب لذلك ، ولكن في تلك الحياة، من يريد الفوز لابد ان يسبق الاخرين بخطوة، فانا اعلم انني لن احصل علي شئ اذا تركني ، وفي تلك اللحظة لم يكن لدي نية التراجع فيما كنت سأقدم عليه ،وبالفعل خططت لسهرة عشاء لاصدقائنا المهتمين بالخيول في المزرعة وذهبنا سويا ومعنا سارة، بحجة مساعدتي في التنظيم ، واقنعتها بما سأفعله والمعت عينها بالمال ، ومع اول كوب عصير احتساه في الحفل كان يتناول معه احد انواع المهدئات المستخدمة للخيول الهائجة والذي قمت بوضعه له، وفي نهاية حفل العشاء لاحظ الجميع عليه التعب والوهن وانه ليس في حالته الطبيعية ، فأقترحت عليه الذهاب للنوم لينال قسطا من الراحة وانا سأنهي الحفل عوضا عنه ، وفي المساء وبعد ان خلد الجميع للنوم ، ذهبنا انا وسارة لغرفته وقمنا بخنقه بأحدي الوسائد ،ولم يستطع المقاومة واستسلم سريعا بفعل تأثير الدواء، وكان علي ان اضعه في الثلاجة حتي يأتي الوقت المناسب لأستطيع اخراجه من المزرعة دون ان يلاحظ أحد وفي اليوم التالي ، اعلنا للجميع انه حدث امر طارئ في العمل وكان عليه السفر في الصباح الباكر ، وبعد شهر لم نستطع خلاله انا او سارة ان نترك فيهم المزرعة ،حتي لا يكتشف احدا امر الجثة الموضوعة في الثلاجة في حال مغادرتنا ، قررنا اخيرا في ليلة ما ان ندفنه في الصحراء ، ورجعنا للقاهرة ، ومارسنا حياتنا ، وكأن شئ لم يحدث وخلال شهر اخر اعلمنا فيها كل من يتصل به انه خارج البلاد ،وخاصة عائلته ،فكان دائما ردي حاسما بانه لا يريد ان يتلقي اي مكالمات منهم وانه اراد مني ان اخبرهم بذلك ، ولكن هذا الكلام لم يقنعهم، وشعروا بان هناك شي مريب حدث لابيهم وبالفعل ابلغوا الشرطة بانهم يعتقدون ان والدهم قد يكون اصيب بمكروه، وان هذا الاختفاء غير مبرر ،في حين انه قبيل شهرين كان يخطط للذهاب معهم للاستجمام والان لا يستيطعون الوصول اليه، كذلك اوضحوا للشرطة شكوكهم تجاهي وبالفعل بدأت المباحث في الكشف عني كمشتبه اساسي في القضية ليجدوا سجل حافل من الاختلاسات والسمعة السيئة، فأنتابتهم الريبة حولي ، ولكن لم يستطعوا ان يثبتوا تورطي بامر الاختفاء ،حتي اوقعتني شريكتي سارة بأعترافها بكافة التفاصيل اثناء الاستجواب ليتم القبض عليا بتهمة القتل ، وها انا اليوم ، انتظر تنفيذ حكم الاعدام ، اشعر بغبائي لثقتي فيها ، فكان من الممكن ان تؤول الامور لمنعطف اخر اذا لم اشركها معي ،فلقد خسرت المال والحياة معا، وانا مازلت شابة، تركت المال خلفي وسأذهب وحيدة كما كنت دائما في السابق، ولكني محملة الان بذنب ،لا استطيع ارجاع الزمن لتفاديه، الان تدمرت قناعتي بان المال يصنع السعادة ، لانه صنع لي جحيما علي الارض والسماء، انظر الان من داخل الغطاء الاسود علي منصة الاعدام وانطق الشهادة فلعلها تكون حسنتي الوحيدة في هذا العالم قبل ان اغادره، ولأول مرة منذ بداية الطريق اريد ان ابكي .


  • 2

  • Mai
    باختصار مازال حلم الصحافة يجذبني
   نشر في 19 أكتوبر 2018 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
فعلا المال لا يحقق السعادة ،قصة جميلة جدا مي ،أرجو لك كل التوفيق ،تحياتي.
0
Mai
شكرا جداااا لتعليقك الجميل

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا