كيف نساهم في تدمير مصر ؟
نقوم بعلميات تدمير ذاتية و مستمرة لن تجرؤ أن تقوم بها أمريكا أو إسرائيل أو حتى داعش الجماعة الهمجية الإرهابية التي أفزعت العالم بأعمالها إذا دخلت مصر
نشر في 09 مارس 2016 .
للكاتب الأمريكي جون شتاينبك مقولة شهيرة " الشعب الذي يسير على طريق الموت يحتمل الحاضر، وينبذ المستقبل ، و يتمتع بالعظمة الماضية و المجد الذي لايذكره جيدا " .
هكذا قرر الشعب المصري أن يسير في نفس الطريق ليلقى نفس المصير ..
عن العظمة عن المجد عن الحضارة البعيدة و البعيدة جدا فقط دائما ما نتحدث ، بينما يضرب حولنا الحاضر بحصار خانق ...
فتحاصرنا العشوائيات و يقتلنا التلوث و يفتك بنا الفساد من ناحية و الظلم و القهر و غياب القانون و العدالة الإجتماعية من ناحية أخرى .. إذا فإن حاضر مصر حاليا لا يمكن بأي حال أن يشبه من قريب أو من بعيد ماضي و تاريخ هذا البلد .
ففي ذلك الماضي الذي يعظم من قدراتنا بنى المصريون القدماء حضارة تذهل العالم حتى الان فاخترعوا الكتابة و بنوا الأهرامات و أنشأوا الأسطول النهري لنقل منتجاتهم و ازدهرت الزراعة و الفنون الآداب و أنشأوا أول جيش قوي لحماية الحدود و صد غارات الأعداء و لتصبح مصر أول قوة عظمى .
مصر في عهد البطالمة لم تقل روعة .. فتم إنشاء أول ميناء الذي وجد به منارة الإسكندرية القديمة إحدى عجائب الدنيا السبع و مكتبة الإسكندرية عملاقة العلم و المعرفة في عصرها لأنها ضمت ما يزيد عن 700 ألف من المؤلفات و الكتب العلمية .
و حتى في عصور الإحتلال الروماني كانت سلة غذاء الدولة الرومانية و كان قمحها لا ينقطع عن تغذية إمبراطورية الرومان .
الدين المسيحي يدخل في مصر .. فكان المصريون يجدون فيه المحبة و السلام فسمحوا لها بالإنتشار وواجهوا بطش الرومان بقوة و صلابة و كفاح ، و تأسست أول كنيسة في مصر و في أفريقيا بأكملها على يد القديس مرقس في الإسكندرية.
الإسلام يفتح مصر .. عمرو بن العاص القائد الفاتح يدخل و معه مفتاح الخلاص من ظلم و قهر الرومان ليفتح أمام مصر عصر جديد لتكون بوابة الإسلام لأفريقيا .
صلاح الدين يرد من قلب مصر هجمات الصلبيين الهمجية .. قطز ينهي أسطورة التتار إلى الأبد و يعيدهم إلى حيث ما أتوا من أواسط آسيا .
مصر تدخل عصر جديد عصر الدولة الحديثة ...فبلغت قوة و سطوة الدولة المصرية مداها حتى أن الدولة العثمانية بالإتفاق مع إنجلترا و فرنسا لم يهدأ بالهم حتى تنازل محمد علي باشا عن الحكم و ينتهي معه خطر الدولة المصرية في ذلك الوقت ... و رغم ذلك حاول من بعده إكمال خطوات النهضة .. فهذا الخديوي إسماعيل الذي أنشأ قناة السويس بعرق و دماء المصريين و حول القاهرة لقطعة من مدن أوروبا و التى مازالت آثارها في المباني العريقة حتى الآن ...
إحتلال إنجليزي غاشم اغتصب من عمر مصر سنوات تخللها كفاح و نضال ضد الإستعمار ليأتي بعده تأييد شعبي للجيش في حركته للإمساك بزمام الأمور و التحول نحو الجمهورية و التطلع نحو مستقبل تكون فيه الكلمة العليا للشعب و حقه في تقرير مصيره .
ندخل نفق مظلم بسبب عدوان إسرائيلي غاشم في 1967 .. بطولات و تضحيات في ملحمة كبرى تنتهي بنصر أكتوبر 1973 .
ندخل في نفق أشد ظلمة .. يواجهنا فيه الفساد و البطش و الظلم .. سنوات أخرى لينتفض الشعب في 25 يناير و يطيح بأشخاص تصوروا أنفسهم للحظات أنهم آلهة لا قبل لأحد بمواجهتهم .
بالفعل .. تاريخ حافل الذي تحسده علينا الكثير من الدول الأخرى و تتمنى لو كانت تملكه .. لأنها تعلم أنها أنذاك ستقود العالم ..
و لكننا نسعى بكل قوة لتدمير ذلك التاريخ .. بكل قسوة و كل حزم .. و بكل إصرار
من عنف و حرب شوارع لإنعدام للأمن لفساد ليس له نهاية لصراعات دموية على مقاعد الحكم ..نقوم بعلميات تدمير ذاتية و مستمرة لن تجرؤ أن تقوم بها أمريكا أو إسرائيل أو حتى داعش الجماعة الهمجية الإرهابية التي أفزعت العالم بأعمالها إذا دخلت مصر... ذلك لأننا تقريبا نقوم بنفس الشئ كل يوم .. فهذا طفل يقتل و هذا رجل يتحرش و هذا يخون و هذه تسب و تلعن .. هذا إعلامي يزيف الحقائق و هذا مسئول لا يهمه شئ قط إلا كرسيه الذي يجلس عليه فليحترق من يحترق و ليتحطم كل شئ في سبيل منصبي .
فإن وصولنا لهذه المرحلة الحرجة تؤكد أن لا أحد سينجو .. فالكل مسئول هنا و لن يجدي نفعا أن نعلق آمالنا و أحلامنا على شخص أو نظام فيجب أن نعمل و نتحرك في صالح مجتمعنا وحده و مستقبلنا .
-
Nadia Fawzyمحرر إقتصادي -- أكتب في مجال التنمية الإقتصادية و الثقافة المالية
التعليقات
ألستم من تعلمتم بأن العود محميٌ بحزمته ضعيفٌ حين ينفردُ
لماذا الفرقة ُ الحمقاءُ تحكمنا ) ,,, هذا احد ابيات قصيدة التاْشيرة للشاعر المصري ( هشام الجخ ) , و القصيدة كلها تتحدث عن حالنا ,,, افادكي الله سيدتي الكريمة , و اصلح الله حال امتنا و ما وصلت اليه بسبب البحث عن الديمقراطية و التوسل و طلب العزة من غير الله ,,,
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان