إلهي .. متى غِبت ! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

إلهي .. متى غِبت !

  نشر في 22 نونبر 2015 .

" إلهي.. متى غِبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ! "

منذ نعومة الأظافر , يتساءل الإنسان عمّن أتى به إلى هذا الكون , لا تروينا معظم الإجابات التي نسمعها من أهلنا و التي تأتي في غالبها جافة لا تروي عطشنا , هامدة لا روح فيها , نظن أننا وحدنا من يسأل عن هذا الأمر , نكبر و يكبر التساؤل معنا , و نُفاجأ بأننا لسنا وحدنا من نبحث عنه , بل هناك الملايين حولنا يبحثون عنه .

ندخل المدرسة , ندرس التاريخ , نجد الأمم السابقة أيضا تبحث عنه , فرعونية , سامرية , فينيقية , يونانية , رومانية , الكل يبحث عنه , منهم من نظر إلى السماء فاتّخذ من الشمس رمزا له , و منهم من نظر إلى الأرض فاتّخذ من البحر رمزا له .

نذهب إلى أماكن العبادة , نسمع الكل يتحدّث عنه , رجل يرتدي عمامة , رجل يرتدي صليب , الكل يتحدث عنه , نسمع عن قصة إبراهيم – عليه السلام – و هو ينظر إلى النجوم و القمر و الشمس بحثا عنه , ثم نجده مفارقا قومه بحثا عنه , يطلب منه دليلا كي يطمئن قلبه , يقطع الطيور و يضع على كل جبل جزءا ثم يدعهنّ فيأتين إليه , مَن فعل هذا ! مَن جمعهنَّ بعد تمزيق و أحياهنَّ بعد مَوَات !

ندخل عصر التكنولوجيا و وسائل الإتصال الحديثة , نكتب إسمه على محرّك البحث , نجد مئات الصفحات بداخلها آلاف الأشخاص يشاركوننا نفس التساؤل , نشترك في مواقع التواصل الإجتماعي , نجد فيها المكان الذي نُخرِج به كل ما إختزنَّاه في صدورنا من مشاعر و تساؤلات على مدار سنين , نبحث عنه أيضا على هذه المواقع , نبتهل إليه عليها عساه يرى كلامنا هذا فيٌرسِل إلينا إعجابا أو تعليقا , لكن لا شيء يحدث سوى إعجابات من أشخاص يشاركوننا نفس التساؤل , أشعر بنفسي ضائعا , أزفر بضيق , أشيح بوجهي عن الشاشة , فتسقط عيني عليه , على ذلك الكتاب .

ذلك الكتاب الذي أراه دائما على الطاولة , علمني أبي أن أًقبّله دائما عندما أمرّ بجانبه , و ألا أضعه على الأرض أبدا , يعلوه تراب يدل على أن يدا لما تمسه منذ فترة , أتعجّب من نفسي , أليس هذا كتابه الذي أنزله ! كيف لم أبحث عنه فيه ! بحثت عنه في كل مكان إلا كتابه , يالغبائي ! , أمسكه برفق , أمسح عنه التراب , أُقبّله , لكن هذه ليست ككل قبلة , بل قُبلة , من أضناه البحث و يرجو الوصول , أفتحه و أبدأ القراءة , " ذلك الكتاب لا ريب فيه " , يرتجف قلبي , تشدّني الكلمات , فأستمر بالقراءة , تنساب الكلمات , " أفلا يعقلون " , " أفلا ينظرون " .

﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِه﴾ِ

﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ*وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ*وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وإلى الأرضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾

﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾

أتفكّر , أتأمّل ما لم أتأمّله من قبل , أرى ما لم أره من قبل , إنه هو , هو الذي خلقني و أرجو أن يهدينِ , و هو الذي يُطعمني و يسقينِ , و إذا مرضت فهو يشفينِ , هو الذي أنزل المطر على الأرض فاهتزّت و رَبَت و أحيا أشجار حديقتنا بعد مَوَات كما أحيا طير إبراهيم من قبل .

لقد كان معي طوال الوقت و لم أكن أُدرِك , فهو أقرب إليّ من حبل الوريد , وجدته في كتابه و كلماته , في خَلقه , في عِباداته , في قلبي , و سأظل أبحث عنه حتى يأتيني اليقين منه . 


  • 13

  • عمرو يسري
    مهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
   نشر في 22 نونبر 2015 .

التعليقات

Heba Hamdy منذ 8 سنة
يعلوه تراب يدل على أن يدا لما تمسه منذ فترة..
هذه هي الكارثة الحقيقة مذ هجرنا كتابه ضعنا في خضم تساؤلات وتلاقفتنا وجهات النظر والآراء وبين أيادينا كتاب فيه ما يشفي العقول والنفوس
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا