الزمن الجميل والزمن البديل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الزمن الجميل والزمن البديل

كتابة: ياسين بن يرماق

  نشر في 28 أكتوبر 2016 .

بالرغم من أنني مازلت شابا. الا أني عاصرت مرحلة انتقالية مابين

مانسميه الزمن الجميل، وزمان العولمة. عشت في زمان كانت فيه

الحشمة والاحترام هما عاملان اساسيان في تعامل افراد المجتمع

المغربي. الاحترام بين الرجل والمرأة . احترام الصغير للكبير وعطف

الكبير على الصغير. احترام المرأة لذاتها قبل احترامها للآخرين، فيتجسد

ذلك الاحترام في اخلاقها ولباسها خارج البيت والتزامها حدودا لاتتخطاها

ليس خوفا من احد، بل اقتناعا منها وايمانا ان تلك الحدود هي حدود الله.

وهي في حياتها ترجو رضى الله ووالديها أولا واخرا ثم زوجها ان قدر

لها الزواج. وكذلك كان الرجل ملتزما حدود الله ومحترما لذاته وللناس

ومحتشما في لباسه. بالمناسبة، مخطئ من يظن ان الاحتشام في اللباس

في المجتمعات المحافظة هو فريضة على المراة وحدها. ربما يكون هذا  

هو المنطق المعتمد في العادات والتقاليد المتطرفة في بعض من هذه

المجتمعات، لكن المشرع في المجتمعات العربية التي كانت محافظة هو

الإسلام. ولم يرد في القران والسنة مايبيح للرجل عدم الاحتشام في

اللباس.

 قد يعتقد الشبان اليافعون ان القيم السابقة ذكرها هي تقييد لحرية

الانسان وحرمانه من التمتع بالحياة. ويرجع السبب في هذا التفكير

أساسا الى انهم وجدوا في عصر تسيطر فيه التكنولوجيا ووسائل

الاعلام على الادمغة. وهم مقتنعون ان الحياة الطبيعية للإنسان

هي كما يرونها في الأفلام والمسلسلات. غير مدركين ان هذه المنتجات

السمعية البصرية هي في الأصل من صنع خيال الانسان وليست تجسيدا

لواقعه. ومع ذلك، فقد نجحت هذه المنتجات في تغيير نمط التفكير في

المجتمعات التي يفترض انها ذات طبيعة وثقافة وديانة خاصة بها. وذلك هوهدف العولمة بالأساس ان تجعل من العالم قرية صغيرة فينسى الجميع

هوياتهم وانتماءاتهم ونكون جميعا مثل الببغاوات، نقلد مانراه ونسمعه

ولا نفهم ولا نفكر. لذلك ترى الجيل الجديد من المراهقين متمردا وغاضبا

على مايفترض به ان يصونه ويجعل منه انسانا محترما ومسؤولا. ولكن

هذا معقول؟

حسنا، لنفترض ان للفتاة حق التعري والتبرج وإبراز مفاتنها في

الشارع ونشر صورها في الحمام وغرفة النوم على مواقع التواصل

الاجتماعي. ما النتيجة الطبيعية لذلك؟ النتيجة الطبيعية لذلك هي انها

ستثير شهوة أي رجل يراها. وسيرى بعض الرجال في تعريها رسالة

ودعوة للممارسة. هذه هي الفطرة الطبيعية لكل المخلوقات. ولكل

انثى مخلوق طريقتها في دعوة الرجل. ولكن بما اننا مميزون

بالعقل، فاننا يجب الا نترك الأمور للعشوائية. فالتبرج والتعري

وغيرها من فنون المرأة لها مكانها وزمانها وظروفها. وحددت

في اطار علاقة مقدسة تصون للمرأة كرامتها قبل الرجل، لتحصنها

وتصونها من عواقب التصرف بطيش. بطبيعة الحال، غض البصر عن

النساء هو فريضة على الرجل، وعلى المراة، ولكن ذلك في مجتمع تكون

فيه النساء محتشمات، فيغض الرجال البصر عنهن. اما في شوارع

معظم النساء فيها عرايا، فكيف سيغض المرء بصره؟ ومع ذلك، فانه يظل

فرضا في كل الأحوال. المهم، كما قلت سابقا، في تعري المرأة وتبرجها

رسالة ودعوة للرجل. تلك فطرة طبيعية، هناك من يسيطر عليها

ويروضها، وهناك من تغلبه شهوته حين يرى متبرجة في

الشارع. وسواءا كانت نيتها اغواء من يراها ام كانت نيتها فقط ان

تبدو جميلة، فان النتيجة واحدة. من لايستطيع التحكم في شهوته

سيتصرف تصرفا غير مسؤول. وحتى من روض مشاعره قد يفقد

السيطرة عليها في بعض المواقف. وبالتالي، التعري والتبرج وإبراز

المفاتن ليس حرية، بل هو تفكير رجعي يعود بنا الى العصور

البدائية حين كان الانسان لايستر من جسده الا عورته. والانسان

المتحضر هو من يلبس لباسا محترما يعكس اخلاقه وتربيته.

 ولنفترض أيضا ان للمرأة والرجل حق ممارسة الجنس خارج

اطار الزواج. هل تتخيلون معي مدى فظاعة ذلك؟ هذا معناه ببساطة

انه لن يعود هناك فرق بيننا وبين الحيوانات. فبينما يفترض

بالعلاقة بين المراة والرجل ان تكون سامية ومقدسة ومحمية، ويكون

هدفها هو تكوين اسرة تكون نواة للمجتمع، تصبح هذه العلاقة محصورة

في تفريغ الشهوة المؤقتة.  وفي حالة وقوع الحمل، تكون غالبا

الضحيتان هما الام وطفلها. فإما أن تتحمل مسؤوليته وحدها، او تلجا

إلى انهاء حياة روح بريئة لاذنب لها. إضافة الى ذلك، فقد اثبتت عدة دراسات ان ممارسة المرأة للجنس مع عدة رجال يجعلها لامحالة عرضة

للأمراض والفيروسات. والرجل أيضا. فضلا عن الازمات النفسية

كالاكتئاب مثلا. فاذن هذه الحرية لاتفقد الانسان انسانيته فقط، بل

تجعله كالحيوان لايرى من الجنس الاخر سوى مخزن لافراغ الشهوة.

بل ان الحيوان لأرقى تفكيرا، فالحيوان لاينكر أولاده ولايقتلهم.

 رأينا إذن كيف ان الحياة بمنطق الأفلام والمسلسلات نتيجته دمار

للحياة الإنسانية الطبيعية. فلو انه قدر لنا ان نعيش دون تشغيل

عقولنا، فما الفائدة من وجودها اذن؟ لقد عشت في اخر سنين

لمجتمع محافظ كان يحتضر. وشهدت ولادة مجتمع يقلد

ولايبتكر، يتخلى عن قيمه ومبادئه واخلاقه ويستبدلها باخرى مستوردة.

واحسرتاه، لم يعد الرجل رجلا ولا المرأة امرأة. اختلطت المفاهيم

وتبددت القيم. فوداعا يا إنسان، وعيث فسادا ياحيوان.



  • 2

   نشر في 28 أكتوبر 2016 .

التعليقات

بسمة منذ 7 سنة
ابدعت يا ياسين .. إلى الامام
1
Yassin Ben Yarmak
شكرا لك

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا