خلال الثلاثة أشهر الأولى التي تسبق شهر الصيام والقيام تجد الشوارع تَعُّم بالفوضى والإرتباك وإعلان لحالة الطواريء .

تتسائل ما السبب ؟ فتكون الإجابة رمضان سَيُقبِل علينا بعد أيام قليلة !

الجميع يتسابق وكأننا سيطل علينا وحش شرس سيفترسنا ، أو سنخوض حرب ضروس ستقضي على الأخضر واليابس فنقوم بإعداد العدة والعتاد للقضاء على هذا الوحش الكاسر ولخوض هذه الحرب الفتاكة .

تجد العائلات تتجه نحو المحلات لتجهيز البيوت بكل صنوف الأطعمة من لحوم وخضراوات وفواكه وعصائر وغيرها ، ويقومون بتخزينها إستعداداً لهذه المواجهة المرتقبة ، كأننا طيلة العام لا نأكل ولا نشرب وننتظر شهر رمضان بفارغ الصبر لنأكل كل ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ..

تجد وسائل الإعلام تعلن عن مواعيد برامج الطبخ طول الليل والنهار ، وكأننا سنعيش 30 يوماً لا شغلة لنا ولا شاغل فيها سوى الأكل والشرب ، غيرنا مقولة { رمضان شهر الصيام } إلى { رمضان شهر الطعام } .

أصبح شهر رمضان عنواناً للإسراف والكسل والنوم والخمول والعصبية وتعطيل المصالح والأعمال طيلة النهار ورمزاً للفوضى وزحام الشوارع طيلة الليل ..

ﻳﺆﺫﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ، ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺍﻷﻛﻞ ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻴﻜﻢ ﺍﻟﻨﺒﺄ ، ﺍﻟﺴﻔﺮﺓ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻭﺿﻌﺖ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ القليل ﻣﻤﺎ أﻛﻠﺖ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ وكسرت به صيامها ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻲ إلى أين ؟ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﻴﻦ ﺳﻼﺕ ﺍﻟﻤﻬﻤﻼت .

ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ لابد من الطوابير ، ﻃﺎﺑﻮﺭ ﻋلى اﻟﻘﻄﺎﻳﻒ ﻭﺍﻟﻜﻨﺎﻓﺔ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻰ ﺫﻟﻚ ، كذلك ﻃﺎﺑﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﻼﺕ ﺍلتي يكثر عليها الطلب في هذا الشهر .

الكثير من العائلات ﺗﺼﺮﻑ ﺑﺒﺬﺥ ، ﻭﺗﺤﻀﺮ أﺻﻨﺎﻑ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺄﻛﻮﻻﺕ ، ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ ﺳﻠﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﻼﺕ . ﻭﻳﻨﺴﻮﺍ أﻭ ﻳﺘﻨﺎﺳﻮﺍ ﺍلآﻑ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ، ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﺠﺪﻭﻥ ﻗﻮﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻔﻀﻴﻞ .

لماذا ثقافتنا تربط بين رمضان والطعام ؟

أعتقد أن هذا الأمر ليس من الدين في شيء فهو من قبيل العادات والتقاليد الموروثة ، فتوارثنا ثقافة إرتباط رمضان بالطعام .

وككل عام سيهل علينا رمضان محدثاً فوبيا تحتاج لوقفة منا لمعالجتها وأعتقد أن هذا الأمر صعب جداً ، لأن نداء البطن أقوى من نداء الحرب !