انتماءات مسيحيو الشرق الاوسط - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

انتماءات مسيحيو الشرق الاوسط

  نشر في 23 يوليوز 2023 .

يعيش فى وطننا العربي عدد لا بأس به من المسيحيين العرب تقدر اعدادهم ببضعة ملايين ويتركزون تحديدا في بلدان المشرق العربي والشام يمثل الاقباط في مصر والموارنة في لبنان الكتلة الاكبر منهم هذا بالاضافة لاقليات اخرى اصغر في وسوريا والاردن وفلسطين والعراق والكويت. ولكننا سنسلط الضوء فى هذا المقال على الاقباط في مصر.

تنحدر الجذور العرقية للاقباط الى المصريين القدماء اصحاب اقدم واعظم حضارة في تاريخ الانسانية وفي ذاك الزمن لم يكن يعبد الله سوى شعب بني اسرائيل اما بقية الشعوب كانت وثنية ومنهم المصريين القدماء، ورغم كونهم وثنيين الا ان فطرتهم ارشدتهم وجعلتهم سباقين في الدعوة لعقيدة التوحيد حيث آمنوا انه لا يوجد الا اله واحد فقط هو اله اتون ويرمزون له بقرص الشمس.

ولما ارسل الله السيد المسيح لينشر المسيحية بين الناس جاء المسيح طفلا الى مصر ومكث فيها ثلاث سنين وفى العصر الاول للمسيحية جاء القديس مارمرقس الرسول الى مصر ليدعو اهلها للمسيحية وبالفعل دخل المصريين فى المسيحية افواجا وتحملوا اهوال وفظائع لا يستعوبها العقل فى عصر الاضطهاد الروماني تمسكا بدينهم وكان لهم دورا رئيسيا فى حماية العقيدة المسيحية السليمة من التحريف والبدع.

ولما اتي العرب الى مصر فى الفتح الاسلامي دخل بعضهم فى الاسلام والبعض الاخر ظل متمسكا بالمسيحية وعاش الجميع في سلم وود.

ومن الجدير بالذكر هنا أن مصر ظلت ذات اغلبية سكانية مسيحية حتى بعد الفتح الاسلامي بمئتي عام ولكن بمرور الزمن ومع انتشار الاسلام تحول المسيحيين الى اقلية دينية. ومن هنا نستطيع القول ان وضع الاقباط في مصر يشابه الى حد بعيد وضع السكان الاصليين فى الامريكتين.

ومن كل ما سبق نستطيع استنتاج الاتي :

1- المسيحيين عنصر اساسي فى التكوين الاجتماعي لمصر وتمتد جذورهم فى هذا الوطن لالاف السنين.

2- أن المسلمين والمسيحيين فى مصر لا يختلفون فى أى شئ سوى الدين.

وفيما يلي بعض من السمات المشتركة بين المسلمين والاقباط :

1- الصفات الجسدية كطول القامة وملامح الوجه ولون البشرة والعينين الخ.

2- الغة العربية.

3- الانتشار المتساوى فى ربوع الجمهورية فلا يوجد توزيع جغرافي على اساس الدين.

4- الصفات الشخصية كالتدين والعادات والتقاليد المحافظة.

5- (أهم نقطة) الشعور المشترك بالالم والظلم، وهذه النقطة بالذات تنمي الشعور بالتعاطف مع الاخر كما انها تقرب الرؤى فى تحديد من هو الصديق ومن هو العدو.

الان دعونا نحلل انتماءات المسيحيين فى ضوء كل ما ذكرناه فى الاعلى، فسنجد الاقباط ينقسمون فى انتماءاتهم الى قسمين :

- القسم الاكبر يشعر بالانتماء للوطن ويشعر باستحالة مفارقته او الخروج منه ويسعي هذا الفصيل الى الانخراط والانغماس الكامل فى المجتمع ويشجعه على ذلك الفئة المعتدلة من المسلمين الذين يتصفون بالعدل والتسامح. 

- القسم الاصغر يشعر بالعزلة وناقم على المجتمع ويسعي للهجرة لما يعانيه من اقصاء وتهميش ويدفعه فى هذا الاتجاه الفئة المتشددة من المسلمين التي تتجاهل كل السمات المشتركة التي ذكرناها هنا وتصر على الخكم بأن الاقباط يتبعون الغرب الكافر المتآمر على الاسلام والمسلمين ختى لو اظهروا العكس، هذا على حد وصفهم. وهؤلاء المتشددين كلما رأوا ردة فعل تتسم بالسخط على المجتمع ومحاولة الخروج منه من بعض المسيحيين تجاه هذا السلوك الاقصائي غير المبرر يظن المتشددون حين يروا ردود الافعال هذه انهم على صواب وحكمهم فى محله ويزداد اقتناعهم بأن المسيحيين ليس بهم اى صلاح تجاه المسلمين وبذلك يرفعوا من وتيرة التصعيد ضد المسيحيين وللاسف الشديد ندور فى دائرة مفرغة من التخوين المتبادل.

الان لنحلل معا فرضية انتماء الاقباط للغرب لنثبت عدم صحتها بل واستحالتها :

1- بداية من المعاملات الرسمية للحصول على الفيزا والاقامة وعقود العمل الخ لا يجد الاقباط اى مرونة من حكومات الغرب فى التعامل معهم وطريقة الهجرة عن طريق اللجوء الديني التي كانت متاحة فى السابق اصبحت الان حلما بعيد المنال ويتطلب شروط تعجيزية.

2- الشعوب الغربية من ذوى البشرة البيضاء على وجه الخصوص يظهرون عنصرية شديدة ضد المهاجرين دون النظر للدين او العرق.

3- يصعب على القبطي الاندماج فى المجتمعات الغربية البعيدة كل البعد عن قيم مجتمعنا الشرقي وينتشر بها الخلاعة والفجور.

4- الشعوب الغربية لم تعد مسيحية كما فى السابق وتشير الدراسات الاخيرة الى تزايد مذهل لعدد اللادينيين او الملحدين مع تراجع كبير لتعداد من يعرفون انفسهم على انهم مسيحيين وحتى هؤلاء ورغم اعترافهم بالمسيحية لكنهم لا يطبقون منها شئ فى حياتهم لان التوجه العام لمجتمعاتهم هو محاربة الدين بعنف كي يستطيعوا العيش وفقا لاهوائهم دون رقيب. هذا التحول الدراماتيكي يكسر الرابط الوحيد بين مسيحيو الشرق وبين المجتمعات الغربية.

5- حين يسافر المسلمين العرب الى دول مسلمة ولكن غير عربية مثل تركيا في كثير من الاحيان يجدون انفسهم غير مرحب بهم بل ويتعرضون للعنصرية وللسلوك  العدواني احيانا ولكن ما يساعد على تحسين الصورة وجود شريحة كبيرة من الاتراك لديهم حس ديني عالي يتصدرون المشهد ويدافعون عن اخوتهم العرب ويتصدون للعنصريين من ابناء شعبهم لانهم يقيمون وزنا لرابط الدين على الجانب الاخر لا نجد مثيلا لهذه الشريحة التركية فى المجتمعات الغربية فيكون المهاجرين المسيحيين فريسة لشتى انواع العنصرية والتضييق. 

الخلاصة :

أخي المسلم شريكك المسيحي هو بمثابة اخاك الذي لم تلده امك وهو فى اعماقه يشعر بالانتماء اليك ولكن انت من بيدك تحويل دفة انتماءه وتدفعه فى احضان عدوك فاحترس يا اخي ان الفتنة اشد من القتل. اخاطبك لانك انت العنصر القوى والفعال فى المعادلة والاخر يستجيب بردة فعل مبنية على موقفك.

ندعو الله ان نظل سويا يد واحدة الى يوم القيامة



   نشر في 23 يوليوز 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا