حديثُنا نحن .. جنود الملتقى
بين اليرموك و يلدز .. رأيٌ يغرّد خارج السرب !
نشر في 23 فبراير 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أعترف أنّ تأثري بقراءة الرواية الشهيرة للدكتور أيمن العتوم " حديث الجنود " و التي وثّقت الحِراك الطلابي لطلبة جامعة اليرموك الأردنية و خلّدت شجاعتهم في وجه عَمادةٍ سلطويّةٍ مستبدة ظنّت أنّ الطلّاب عاجزون , و أنّ افتراقهم مدعاةٌ للركوب فوق ظهورهم , هو ما حثّني على انتقاد حالنا اليوم في الملتقى العلمي لجامعة يلدز . حالٌ يستدعي رأياً ناقداً مخالفاً علّه يُقوِّم اتجاه المركب .
تأسس الملتقى في جامعة يلدز التقنية بعزمٍ شديد و جهودٍ جبّارة لا يمكن إنكارها بغية وضع جهود الطلاب العلمية و الخدمية في كيانٍ واحد يُعلي شأنهم و يرفع رايتهم و يضع بصمةً مميّزةً للطلبة العرب في مجتمعٍ قوميٍّ مُحافظ لا يرى في غيره قدرةً على النجاح أو ذرةً من تفوّق . مبادرةٌ عظيمة وحّدت القلوب و الأفئدة , و نشاطٌ عالٍ ألهم العقول و الأرواح بحقّ .
المؤسسون كثرة و لا أنكر فضل أحدٍ كما أنّني لا أقبل إسناد التأسيس و البناء لشخصٍ بعينه . لا منطِق يقبـل فرضيةً تقول : إنّ صاحب الفكرة هو بالضرورة مُنجزها أو مُحقّقها ! . بناءً على هذا فالمقولة السائدةُ التي تقول أنّ عقلاً واحداً هو المؤسس و المُنجز و صاحب الفضل كلّه مقولة لا أستطيع تقبُّلها مع أنّني أعلم أنّ كثيراً مما وصل إليه الملتقى اليوم ما كان ليكون لولا جهوده و عمله و صبره - كشخصيّةٍ لديها قدرة القيادة و المنافسة - و أعلم أنّه كان - و لا زال - العامل و المجتهد الأكبر علاوة على كونه المتنفّذ الأكبر ! . أصدقائي , أنا هنا لا أهاجم الشخوص بذاتها بل موضع النقد و الهجوم هنا هو التصرفات و القرارات المركزيّة التي صدرت و لا زالت تهلُّ علينا و التي تصلُنا كجمهورٍ متلقٍ لا أكثر !
" الطاغية لا يصنع نفسه , بل نحن الذّين نصنعه " قالها الدكتور أيمن في إحدى صفحات روايته حين أحسّ أن صنماً قد بدأ يظهر و يتربّع على عرش الجامعة , و أقولها أنا اليوم في الوقت الذي صار الصنم لدينا حقيقةً لا تقبل الجدال .
لا زلت أذكر أيام الملتقى الأولى حين كان الجميع على أهبة الاستعداد لأيّ شكلٍ من أشكال المشاركة - ماديّةً كانت أو معنوية - , و لا زلت أذكر تهافُتنا لترتيب رحلة ترفيهيّةٍ لا أدري إن غاب عنها أحد . ما تزال صورتنا مقسّمين فِرقاً فِرق , كُلٌّ يعمل على قدر طاقته . كانت الابتسامة التي هيمنت على وجوهنا عنوان اليوم الذي لا أظنّه قد يُمحى من ذاكرة أحد .
ما الذي يحدث اليوم ؟
ما الذي تبدّل و تغيّر حتى يتراجع نشاطُنا ألف خطوةٍ إلى الخلف !؟
ما الذي قلب المشروع التطوّعي الأكبر إلى مشروعٍ يُكنّى باسم شخصٍ بعينه ؟
ما هو توصيف الحالة التي وصلها الملتقى حتى لا يترشّح لرئاسته إلّا شخصٌ واحد ؟!
حدثت لمراتٍ عديدة - معي شخصياً أو مع غيري - و بعد أن نفصح أنّنا طلابٌ في جامعة يلدز أن يُبادر المتحدث بقوله : انتوا من ملتقى فلان .. يا زلمة تخنتوها عاد , ما عندكو غيرو ! . في حالتي كان المتحدّث مهندساً فلسطينياً يحمل درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية من جامعة دمشق و في حالةٍ أخرى كان القائل أستاذاً سوريّاً في مدرسة المميزون يحمل شهادةً في العلوم - قسم الكيمياء .
أما عن رأيي أنا , فأظنُّ أنّنا في الملتقى متأثرون بالتجربتين الجزائريّة و الروسيّة . جنرالات الجزائر - البلد العظيم الذي قدّم مليون شهيد - لا يملكون شخصاً أكفأ من بوتفليقة المقعد المريض حتى يُنصّبوه رئيساً . في حالتنا و تطبيقاً للتجربتين السابقتين و خاصة الجزائريّة منهما يترأس الملتقى العلمي لدينا شخصٌ واحد حتى بوجود مدير للملتقى بحجة كونه من المؤسسين الخمسة دائمي العضوية حاملي الفيتو - مع العلم أنّ أحد المؤسسين غادر تركيا , و الثاني انسحب انسحاباً نهائياً لعدة أسباب ليست بعيدةً عن موضوعنا - , أما في الفعاليات العلنية و الندوات الثقافية التي يقيمها الملتقى فلا بد من وجود أشخاص ثابتين دائمين ما دامت السموات و الأرض و ذلك من أصل أكثر من 200 طالب و طالبة ! . و قد رأينا ذات الشخصية في :
1 - ندوة امتحان القبول الجامعي YÖS
2 - السيمنار العلمي لطلبة جامعة يلدز
3 - مقابلة على قناة القناة
4 - مقابلة على قناة دار الإيمان
5 - مؤتمر عصر التميز - أحد الضيوف الخمسة على المسرح
بالإضافة لمقابلة سريعة تجهيزاً لريبورتاج عن المؤتمر على قناة دار الإيمان و
بث مباشر بعد المؤتمر على صفحة الملتقى على الفيس بوك
6 - مقابلة على قناة TRT
7 - ندوة امتحان القبول الجامعي YÖS
و ما أثارني هنا هو سؤال البعض : أليس تقديم الندوة من قبل شخصٍ كثير الظهور تكراراً لأفكار و توزيع ساعات و نظام دراسة محمد ؟ أليس تكراراً لذات الندوة مع تغيير الوجه ؟! ألا يوجد من أحرز علامات عالية في الملتقى تؤهله ليكون محاضراً في الندوة ؟! أليس ظهورها محاضرةً هو تكريس للتجربة الروسية التي تقتضي التناوب على الرئاسة و الظهور بين القطبين الأشهر و العلمين الألمع ( بوتين / مدفيدف ) ! .
حالةٌ من الملل و الإحباط الشديدين تُصيبُني في كل مرّةٍ أسمع عن نشاطٍ جديدٍ يقيمه الملتقى , لعلمي بأنّ الافتتاحيّاتُ التي سينطلق النشاط بها هي ذاتها لم تتغير , و المواضيع التي ستُناقش سيتمُّ نقاشها بالأسلوب ذاته و المنطق ذاته و لا غريب في ذلك ما دامت الوجوه التي ستظهر هي ذاتها لم تتغير . كل التغيير ينحصر في المشرفين و المتطوعين تطبيقاً للقاعدة التي تقول ( إذا حدثت أزمة في صفوف الشعب فعليك بتغيير الوزارة ! ) .
قبل أن أكتب حرفاً و أثناء الكتابة تحدّثت إلى أكثر من عشر طلاب من الملتقى من الفاعلين و من المستجدين . أعلم أنّ هناك جسماً جديداً و هيكلاً حديثاً و تعديلات على النظام الداخلي للملتقى و أعلم أنّ وجوهاً جديدة في طريقها للظهور و ما كتبت ما كتبت إلّا حبّاً في الفكرة العظيمة التي أوجدت الملتقى و دعماً لكل خطوةٍ تجعله أكبر و أقوى , لكلّ خطوةٍ تهيئُه لتمثيلنا كطلبةٍ عرب , لكل شخصٍ قادرٍ على التقديم و الانصراف حين تنتهي مهمته . كتبتُ و كلّي إيمانٌ أنّ الانتقاد و المعارضة فعلٌ صحيٌّ يجب ممارسته على الدوام و أنّ قول الحقّ لا يُخجل بل يعطي الإنسان قوةً إلى قوّته و أنّ السكوت أو الخنوع و مقولة " ما باليد حيلة " لا تمثلني و لا تعنيني . ليس النقد هجوماً على شخص بذاته بل هو وسيلة تقويمٍ و تصحيح لا بدّ منها ما دام في الرأس عقلٌ يعمل و في الجسد روحٌ تستطيع تمييز الصحيح فتدعمُه و الخطأ فتقف في طريقه فتمنعُه .
-
محمد صبحي خطاب - Suphi Hatipoğluشابٌ مُهتمٌ بأوضاعِ العالمين العربيّ و الإسلاميّ .