بسم الله الرحمان الرحيم 

وصلاتا وسلاما على أشرف المرسلين

قارئي العزيز كيف الحال? 

كعادتي تدور بذهني آلاف الفكرات الصغيرة وأرغب أن أحكي آلاف الحكايات ويب أن أدلقه كله بطنجرة واحدة 

فلا تضحك إن وجدتني أحكي على كله وأنا أصف لك ما يعتبره الفرنسيون أجمل مناطق لقضاء العطلة بفرنسا ..

الآن بمنطقة ما ينزل الثلج.. وباريس عادوا للبس السترات .. 

أتعلم 

كنت أفكر كم أني محظوظة فقد ولدت بمنطقة سياحية بتونس .. يأتيها   الكل لسياحة. قضيت هناك عمرا أنتظر أن تأتي الفرصة وأعيش 

لكني وعيت أن ما كنت أنتظره ليس ما أحتاجه 

كانت لدي فرصة يتمناها الغير ..التواجد بالمكان .. وكنت أنتظر ما كان يجب علي أن أقرره ..ولكني بدل ذلك قبعت بأكثر مربع آمن وكاذب 

مربع الإنتظار 

تخيل أن غيرك يحلم بالتواجد في المكان.. هذا ما يحتاجه الأمر 

أنا?

أتواجد بالمكان ولكن 

أنتظر .. الوقت المناسب .. الجو المناسب .. المود المناسب .. الحالة الذهنية المناسبة.. الماديات المناسبة .. 

كان كله يختزل بمكالمة واتس لصديقتي ومجرد 5د أجرة تاكسي ومحاولة مني لأساعدها لتتخلص مما فاض بخزانتها من كتب

وبعض الأنانية من جانبي لأخرج وبعض الشجاعة والكثير من مقاومة الملل والكسل والإكتئاب 

لكن بدل ذلك بقيت أنتظر!

وطال الإنتظار عبثا لأنه ببساطة لا يعتمد الامر على أي إنتظار بل على شيء من التلقائية والتحرر و و و

مضى العمر عزيزي وأنا أعلم ذلك ولا زلت أكرر نفس الخطئ

المطلوب الحركة .الفعل? الإنتظار 

وهكذا وأنا في أكثر نقطة يحلم بها الناس ومات لأجلها الاف الناس.. ويحلم بها الفرنسيون أنفسهم 

لازلت أنتظر 

أنتظر الفرص ولن تأتي لأنها أصلا موجودة .. لكن المطلوب تبنيها وفتح الباب لها 

خرجنا بالسيارة من frejus مرورا ب san rafael ..

san aigulf 

....

san maxime 

شريط ساحلي.. وحوله تلتف الجبال ولكنك سترى أن الجبال تلمع بالنجوم 

بيوت بيوت مشيدة ... من بعيد ترى الجبال والهضاب تشع ليلا ... 

san rafael .عجقة سير رهيب .. المئات بكل مكان منتشرون .. على كورنيش البحر في المطاعم .. 

الليلة هي ليلة الإثنين وهنا تقوم البلدية بتسلية المواطنين .. حفلة ألعاب نارية 

يمتد معرض artisanal على طول الساحل .. نصبات متجاورة بالعشرات تعرض كله. وكله صنع يدوي منزلي .. تفوح روائح صابون منزلي وعطور وروح الزهور على معطرات البيت 

ألعاب أطفال .. إكسسوارات لنساء.. إكسسوارات بيوت 

حلوى منزلية مشهدها كالجواهر والعقيق 

الكثير من الألوان والناس والكثير من حب الحياة .. 

نتقدم قليلا .. وفي كل ساحة فارغة تجد مجموعات من الشباب والكهول وكبار السن متحلقين حول كرات حديدية يرمونها باستمتاع 

لعبة مفضلة لدى الفرنسيين .. وتلعبها كل الفئات وفي كل وقت 

وحبذا لو كانت قيلولة ساخنة في 37درجة.. تجدهم أسرابا متجهين للملاعب 

زودت بعض الساحات بمدارج كتلك التي تراها في ملاعب التنس إستعدادا لحفل ما 

في مطعم على الطريق بخليج صغير دائري أنيق وحده ..يطل عليه من شرفة متوسطة الطول خشبية كبيرة وساحة معلقة بأضواء كالشموع فوق الكل وحولهم 

وخليج تهدهد أمواجه الشاطئ الصغير الجميل تعلو نغمات حفلة 

قليلا للأمام نجد كامبينغ .مكان تأتي اليه السيارات العملاقة لتتجمع لمدة معينة في ما يعرف بمخيم .. يسهر المشرفون عليه على تنظيم كله .. مطعم حمامات الخ 

وسط الغابة ما بين بحر وجبل تجده نابضا بصخب المدن .. مطعم وحفلة وناس ومكان لعب للأطفال .. 

للأمام قليلا نجد خنزيرا بريا يتمشى 

هنا هو يعرف قوته وحدوده والناس تحترمه ولهذا وببساطة لا تقع حوادث 

في بلدي يموت في العام العشرات بسبب الجهل .. قتله خنزير!! حسنا يضربون الخنازير لإخافتها يروعونها يلوحون لها بالعصي وما تجود به الأرض يهددون أمانها ثم يتباكون ..قتله خرتيت 

هنا تمر بلطف مع صغارها تأكل ما يلقونه لها من الشرفات 

تنبهك إن إقتربت جدا منها وتؤدب صغارها وتظبطهم و سلوكهم لو حادوا على الطريق 

هنا كله يعلم حدوده ويتعايش ويحترم الكائن  

في كل مدينة بساحة كبيرة تجد مدينة ملاه صغيرة متجولة .. أو ألعاب وضعتها البلدية خدمة للمواطنين 

والكل حولها متحلق 

طرق ملتوية أشجار عالية شاهقة قصور على البحر. بدأنا نقترب لمنطقة الأثرياء 

السيارة هنا ب500مليون يورو 

أضحك صندوق وأربع عجلات سيحل أزمة بلدي 

آه أيها العالم 

في مطعم ما بشرفة مطلة على البحر فرقة تعزف 

فرقة أخرى تعزف على الطريق وأخرى بساحة 

عشرات المغازات والمطاعم ومئات الناس .. ألوان أضواء و آبتسامات وكؤوس وأكل 

دكاكين  صغيرة مرمية هنا وهناك حلوى كريب شيبس مشروبات .. والصفوف طويلة .. الكل يشبع  جوعا خفيفا ولا يريد العودة .. إنها العطلة 

الهدوء يخيم على تلك النقطة من الأرض 

حديقة كبيرة كلها ناس أتوا ليرتاحوا 

الأطفال تلعب بلطف وصمت 

الناس تتحدث بهمس 

طاولات بينغ بونغ 

ألعاب جمنازيوم! من أغلى ما تجد بصالة رياضية 

نتقدم كلاب تمرح ... صغار تركض وناس مجموعة حول طاولات تتحدث 

عند عودتنا كانت أكبر مدينة ملاهي في فرنسا بعد مدينة باريس تقف شامخة أمامنا 

كم من مرة مات فيها شخص? لكن الناس مقبلون هنا على الحياة والموت جزء منها 

المارينا وقنطرتها وفوقها العشرات .. والمراكب بأنواعها واليخوت 

الأوتيلات بشرفاتها والمطاعم بروائحها 

والناس جائعة للعيش 

أعود لركني .. وككل عربية أصيلة لا تخون مبادئها  أضع دهان فيكس وأبو فاس ألف رأسي بشال أشرب دواء آلام رأس .. وأبقى أئن بركن من شدة الوجع ونوبات الغثيان 

أعترف أن النزهات لمن تعود عليها أما من تنام نومة أهل كهف وتخرج للعالم. فلن ينوبها إلا وجع راس  من الصخب والإكتظاظ والهواء وألم عيون من الأضواء  ونوبات غثيان من تعرجات الطريق 

وها أنا متربعة أمسك أم رأسي الذي سينفجر  وأفهم الآن ما كنت أستغربه 

لما العرب أمام العمارة يسهرون بهاته الحديقة ولايبتعدون?

نعود لبعض الكآبة 

الطائرة يا قارئي حين تود أن تحط يجب أن يكون لها مكان مهيئ 

إن لم يوجد فأقله ساحة فارغة 

الفرص هكذا كالطائرات إن حطت يجب أن نهيئ لها المكان .وإلا لن نشعر بجمال التجربة 

هي متواجدة بكل مكان وكل وقت .. الخلل أننا ننتظرها تحط عندنا وهي لا تطلب منا إلا أن نفرغ مكانا لها .. وإلا تحطمت وأصبنا بارتجاج مخ 😂

قارئي العزيز .. إياك أن تفعل مثلي وتنتظر 

هيئ المكان.. قلل نسبة الضغط والأحزان وأفرغ الساحات 

وستعي كم الطائرات الذي سيحط وستعي كم الفرح الآتي 

إنه  تماما المبدأ الياباني للكايزن .. أفرغ القديم ليحل الجديد 

الفرحلا يحل بقلب تبنى الحزن .. وإن حل يطغى السالب على الموجب 

وعيت هذا متأخرة 

كن بخير