للمجتمع : هل حياة بلا دراسة رسمية محكوم عليها بالفشل؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

للمجتمع : هل حياة بلا دراسة رسمية محكوم عليها بالفشل؟

  نشر في 31 أكتوبر 2015 .

في بادئ الامر أريد أن أقول أن هذا المقال ليس عن تجارب أو قصص نتسامر بها عن المدرسة بل هو عن شخص منبوذ في آخر الزاوية شخص لم يدخل المدرسة يوماً. وهي الفتاة نفسها التي تكتب لكم وتقرؤون لها الآن. بدايةً، سأجيبكم عن السؤال الذي يقفز في أفواهكم جميعاً، لم أدخل المدرسة بسبب ظروفٍ أحالتني لهذا الوضع وليس من المهم الآن أن أقول ماهية هذه الظروف وماذا حصل إلى آخره.

لكن برغم من ذلك تمكنت من القراءة في سن مبكرة بفضل أبي وصديقة كانت تعطيني كتباً مدرسية فتعلمت منها وهذا ساعدني كثيراً ولكن بطبع لم يكن الدرب مفرشاً بالورود فلقد بلغ بي الحزن إلى أن ظننت أنه لا حياة لي في دنيا العلم والمتعلمين وكنت أستشيط غضباً عندما أرى فتاة بثوب المدرسة ولكم كنت أغضب من نظرات الاقرباء المليئة بالاستغراب والظن بأني أمية لا تقرأ ولا تكتب حرفاً ولا أنكر أن هذه الامور قد أصابتني بالإحباط وشعرتُ أن عزيمتي لا فائدة منها لبعض الوقت فقط، ففي عمر الحادية عشر دخلت عالم التدوين بالبدء في شبكة كيونوتك للتقنية كنت مبتدئة جداً في عالم التدوين لذلك كنت أكتب مقالات قصيرة ولكني تلقيت ردوداً جيدة على ما أدونه وخصوصاً في هذا العمر ولكن لم أكن لأتجرأ 

بالقول بأني لم أتلقى تعليماً ولم أدخل المدرسة فهذا يعني معركة أخرى مع المجتمع ونظراتٍ أخرى من الاستغراب والاستهزاء كما كنت أظن، ولم أدرك قط أن عدم دخولي المدرسة نقطة في صالحي فقط أن استغللتها بشكل صحيح وفي الوقت المناسب، ولربما تتسألون عن ماذا حدث لي بعد أن تركت التدوين في شبكة كيونوتك بعد سنة من التدوين فيه، لقد قلت في قرارة نفسي : لابد من تغيير! فهل سأخجل من نفسي طوال العمر؟.

لكن إفصاح الحقيقة يحتاج ذكاءً والوقت المناسب لذلك فليس الغرض من هذا التباهي أمام من هب ودب بل الغرض منه أن يتم توعية الناس بهذه الفئة القليلة من الناس لأنه من الخطأ مثلاً أن تعامل شخصاً لم يتلقى تعليماً على أنه شخص أمّي وتتفاجأ منه إذا كان يعرف القراءة والكتابة! يجب على الناس أن يعلموا كيف يجب عليهم التعامل مع هذه الفئة، ولهذا السبب تركت كيونوتك فلم أجد أي تغيير ملموس سوى بعض التصفيق وانتهينا وهذا لا يعتبر تغييراً في رأيي. 

أريد أن أرى شذرة أمل في العالم العربي وأن أكون شيئاً يعيد العرب إلى رشدهم ويجعلهم يتعرفون على أنفسهم وليعرف المسلمون ماذا وصى لهم الاسلام ليعلموا كيف يتعاملون مع أي فئة مهما كانت ولا عيب في أن يأخذوا النصيحة من فتاة عمرها 14 ولم تتلقى تعليماً.

فتفرغت لتثقيف نفسي وتمكينها قدر المستطاع في عالم التدوين وصناعة المحتوى وبكل ما تستهويه نفسي من فنون وعلوم ولكن الكتابة كانت وما تزال في المقدمة وأزلت من رأسي الكلمات السلبية ومن أهمها كلمة "مدرسة" فلكم كانت تغضبني هذه الكلمة والجدير بالذكر أن من أهم عوامل وصولي لهذه المرحلة هي عدم وجود مكان للوسائل الاجتماعية في حياتي فهي تحمل من المشاكل والتشتيت ما يغنيني تماماً عنها فإذا كنت تريد بلوغ مرحلة ما والانجاز فيها فعليك الابتعاد عما يشتتك عن هدفك صوب نحو الهدف مباشرة وأمشي نحوه فالطريق مليئة بالأحجار فأن ألتفت يميناً ويساراً وأعني هنا "المشتتات" فيحزنني أن أقول لك أنك ستقع وسيصبح الهدف بعيداً عنك في النهاية، ليس هناك نجاح من دون فشل صحيح؟ فلكم وقعت في حفرة وحاولت الخروج منها حتى تقابلني حفرة أخرى وهذا ما نسميه "الفشل" فمن سخرية وازدراء إلى صعوبة الحصول على العلم والمعلومات الجيدة ويجب عليك أيضا احتمال الكثير من التعليقات السلبية التي قد تثبط عزيمتك وقد تحول بينك وبين النجاح فأذكر مرة رآني أحد أقربائي وأنا أكتب بعض الملاحظات حول موضوع أريد كتابته فسألني سؤالاً قد أقام الدنيا ولم يقعدها بالنسبة لي سألني : هل تعرفين الكتابة؟! فمن أهم قواعد الانجاز هي عدم الاكتراث بما يقوله الناس فهي – قصداً أو من دون قصد – ستحزنك وستحد من إنتاجيتك وعملك نحو الهدف وستجعلك مهملاً فليس من الضروري أن تكون ناجحاً بل منجزاً ودقيقاً في كل أعمالك فهذا كفيل بأن يجعلك ناجحاً يوماً ما.

 وماذا عن صعوبة الحصول على المعلومات؟ صديقتي كان لها فضل كبير في ذلك ولكنها توقفت عن إرسال الكتب في وقت مبكر لتسافر وتكمل دراستها فلجئت إلى الانترنت وبحكم صغر سني كنت أصدق الكثير من المعلومات المغلوطة هذا الامر تطلب الكثير من الصبر للإصلاح ما فات من معلومات خاطئة وهذه قاعدة أخرى من قواعد الانجاز إذا لم تكن صبوراً فلا تتوقع لمشروعك مثلاً أن ينجح أو أن تصل لهدفك بسهولة فهذه الامور تتطلب قدراً كبيراً من التخطيط والصبر، أبي كان يقول لي دائماً "الناجح فعلاً من يكون عقله دائماً أكبر من سنه" يمكنك أن تعتبرها قاعدة من قواعد الانجاز لكن بالنسبة لي هي مبدأ من مبادئي لا يمكنني الانطلاق في رحلة الحياة إلا من خلال هذا المبدأ وهو أن تثقف نفسك وتقرأ كثيراً وأن تقف على رجليك من خلال ما تعلمته وليس من خلال المناصب والاموال، الآن نسبة الأمية 27.1% من العالم العربي ومن المتوقع أن الأمية لن تمحى من العالم العربي إلا في عام 2050 أي عندما يكون عمري 48 سنة هل يجب أن ننتظر؟ أم علينا أن نغير الواقع؟، أخيراً أرفض تسمية هذه القصة قصة نجاح بل هي كما أفترض قصة إنجاز قبل كل شيء فأنا لم أنجح بعد بل أمامي الكثير لأتعلمه ومن يدري ربما تصبح أنت قصة النجاح القادمة.


  • 37

   نشر في 31 أكتوبر 2015 .

التعليقات

samia منذ 8 سنة
مقالك رائع فاطمة فانت رمز التحدي و التفوق. انا لم اتمم دراستي ايضا توقفت في 3 ثانوي بالنسبة لي ليس مستوى .لكن حبي للكتابة اقوى من دلك فانا في صدد تاليف كتاب لاول مرة و هوايتي المطالعة .
الامي هو من جهل قدراته ومقوماته للنجاح.
اتمنى لك المزيد من التقدم .
سامية
3
مریم كاظم منذ 8 سنة
لست الوحيدة يا فاطمة، فأنا لدي ستة من قريباتي لم يدخلن المدارس قط، ولهن مؤلفات وكتب يعجز عن أمثاله الكثير من الخريجات..

شكرا لمثابرتك الجميلة
5
عمر غازي منذ 8 سنة
فخورك بك ..
منحتينا درساً مجانيا في الإصرار والتحدي
2
Mariam Alali منذ 8 سنة
فاطمة، مقالك أيقظ مشاعر مخدرة في صدري، وللأمانة بكيت لكنني لست واعية بالسبب الحقيقي.
وطرأ سؤال على بالي، هل لديك الرغبة في دخول المدرسة؟ وتلقي دراسة رسمية الآن؟
3
فاطمة هاشم
لا داعي للبكاء، فالنجاح لا يأتي إلا من بعد عُسر ومشقة. وبالنسبة لسؤالك فقد فكرت فيه كثيرا فكانت الإجابة لا. فبعد كل هذا وجميع المشاريع التي في رأسي وأريد تنفيذها، تبدو المدرسة تضييقاً للوقت، لا بأس في أن يقول الناس ويظنون أني أميّة فأنا أريد أن أبني نجاحي بيدي وبالعلم الذي جنيته بجهد، فعندها ستتغير نظرتهم إليّ وإلى من هم مثلي من تلقاء نفسها. هل أنا غاضبة لأنني لم أتمكن من دخول المدرسة؟ لا بل أراها فرصة لا يجب أن تضيع.
Mariam Alali
ستتغير بالفعل نظرتهم هذا لم يعد بيدهم، ولعلمك جعلت لي نظرة جديدة في الأمر. أتعاطف معك كثيراً ولست أشعر بالشفقة مطلقاً ولكن حركت في قلبي التفاؤل والقوة لتحقيق ما أسعى إليه، شكراً لك وأحييك على رؤيتك.
خديجة منذ 8 سنة
ذكرني مقالك بكتاب قرأته من سنين لكاتب أمريكي كان أمّيا و أصبح من أشهر كتّاب أمريكا ولن تتخيّلي روعة الأسلوب ..و درجة النّضج..أنا متأكّدة بإذن الرحمان أنّ نجمك سيسطع،لأنّ الله عوّدنا دائما أنّ بين سطور البلاء تتدفّق الجواهر..و الدّليل أسلوبك الرّائع ونضجك الذي يسبق سنّك و أنت كالزهرة لا تزالي في بداية تفتّحك..
4
مدارسنا اصبحت كنائس والتعليم في بلداننا اصبح تجهيلا وعليك ايتها الاخت ان تفرقي بين الامية والجهل لانه بحث يحتاج الى تدبر عمييييييييييييييييييييييييق,
1
طبعا الدراسة مهمة لأنها ستمنحك الحصول على بعض الأنشطة، و العمل كفريق، و تحضير الدروس و الأعمال التطبيقية، و المنهجية في العمل،و الأصدقاء، لكنها ليست ضرورية لتبرهن على ذاتك و تكون ناجحا في حياتك، فحملة الشواهد العليا بعشرات الألاف في عالمنا العربي ممن يعانون كما يعاني غيرهم ممن لم يدرسو.. التعلم يجب أن يكون دائما و أبدا من المهد إلى اللحد، و الزمن الذي نعيش فيه يتطور بسرعة رهيبة تتطلب من الكل التعلم و التمدرس كل يوم ..
و شكرا لهمتك العالية و لمشاركتنا ما يجول في خاطرك فاطمة
واصلي بطاقة عالية :)
2
ضياء الحق الفلوس
صحيح أن الدراسة مهمة إن كانت تأخذ من هاته الزاوية
Ghadeer منذ 9 سنة
جميل إصرارك.. وعيك.. وتعليمك لذاتك
وأضيف أن كم من أمي " بتشديد الميم" قضى كثيراً من السنون على مقاعد المدرسة
ولكن ما افتقده هو وجدته أنت.. الرغبة الحقة التي تلتها عزم وإصرار
أحييك وأحيي الذي أشعل فيك هذه الرغبة على صغر سنك
بالمناسبة بإمكانك تخصيص سنة واحدة من عمرك لتعويض سنين كثيرة من المدرسة وتصبحي متعلمة رسمية
2
من خلال تجاربى استطيع ان اقول ان التعليم فى المدارس ليس كل شيىء وان الانسان يتعلم من الحياة اكثر مما يتعلم من المدارس ولكن لا ننكر ان المدارس لها فضل علينا. انت الان وصلتى الى درجة من التعليم وبامكانك ان ا تحصلى على شهادة لو دخلتى المدارس هذا بجانب حياتك وكتاباتك فهذا لن يؤثر عليك .فانت ما زلت سنك صغير
1
أنتي سنك 14 سنة فلماذا لا تدخلي المدرسة من جديد؟ أظن هذا متاح
1
ضياء الحق الفلوس
صحيح، المدرسة لا تعلم العلم بالضرورة لكنها فرصة لتكوين علاقات و صداقات و الإستمتاع خاصة إن كانت الغاية عندك ليس طلب عمل في نهاية الدرب، بالتوفيق
Mahassine منذ 9 سنة
متألقة .. مزيدا من العطاء ..
2
فاطمة هاشم
شكراً لك :-).
MohammadKhataan منذ 9 سنة
المقالة جميلة وكلها طموح ودائما إلي بيغيروا العالم بيكونوا شاذين عن القاعدة بالنسبة لي اشوف عدم دخولك للمنظومة التعليمية موقعتيش من الجنة يعني زي ما اكيد كثير من الناس لمحوا لك بهذا الامر، ثانيا عايزك تروحي لليوتيوب وتكتبي

Bob Proctor Conscience - Sub Conscience - Mind and Body

وفيه مفاجئه تخصك! وبالاخير هل لفاطمة معلومات تواصل مقترحة؟

تحياتي
محمد
1
فاطمة هاشم
شكراً لك :).
نعم ثم أنهم يلمحون لك بأنك لست منهم وهم ليسوا من مستواك، على أي حال لم أعد أكترث لما قد يقوله الناس عني وبالنسبة للمفاجئة فسأطلع عليها الآن وأما عن معلومات التواصل فأنا لست من محبي شبكات التواصل الإجتماعي بل مواقع النقاش الهادف والبناء فهذه التي ستجدني فيها، فإنا لا أتردد سوى على حسوب.

https://io.hsoub.com/
motaz abdel azeem منذ 9 سنة
أعجبتني المقالة، فطبعتها حتى يقرأها أبنائي لعلهم يستفيدون منها
2

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا