مفهوم الليل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مفهوم الليل

  نشر في 02 يونيو 2024  وآخر تعديل بتاريخ 02 يونيو 2024 .

بالنسبة لعالم الفلك ، هي لحظة ظهور النجوم في السماء بعد غروب الشمس. أما بالنسبة لعالم الفيزياء الفلكية، فالليل هو بالأحرى ظلام.

الليل بمثابة استعارة لوصف بداية كل الأشياء بالإضافة إلى نهايتها. ويعتبر الليل أحيانا بالنسبة لعلم نشأة الكون على أنه أصل العالم: إنه نموذج من رحم وظلام بطن الأم. ويرمز الليل أيضا في علم نشأة الكون إلى الموت و ظلام القبر.

تجد من الناس من يركز على المساحات المضيئة في السماء وقليل منهم من يركز في تأملاته على اللون الأسود بين النجوم: مم صنع هذا الأسود؟ هل هو العدم؟ هل هو الفراغ؟ أم أن الليل له جسد حقيقي؟ بماذا ملأ الفضاء؟ 

ظلام الليل لغز حشد أجيالاً من العلماء والشعراء والفلاسفة والمفكرين. لماذا تسود السماء بعد غروب الشمس؟ في الواقع هذا سؤال عميق للغاية حول النظام العام للكون.

لقد استغرق حل "مفارقة الليل المظلم" وقتاً طويلاً. كان كيبلر- عالم الفلك الألماني - هو من أثار، في بداية القرن السابع عشر، الطبيعة المتناقضة للظلام الليلي. يقول كيبلر متسائلا: إذا كان الفضاء غير محدود و إذا كانت النجوم أبدية، يجب أن تنتهي نظرتنا على امتداد البصر بحائط من النجوم المضيئة، فتكون بذلك سماء الليل مبهرة، مثل الشمس الهائلة المكونة من كل لمعان النجوم.

أول من امتلك حلا "لمفارقة الليل المظلم" هو الشاعر الأمريكي إدغار بو في كتابه "يوريكا" وذلك في عام 1848. لم يكن كتاب علم ولكنه يصنف من كتب الشعر والميتافيزيقا الذي حدد فيه إدغار بو تصوراته عن الكون. يقول هذا الأخير "إن الضوء لا ينتشر على الفور، وبالتالي فإن ضوء النجوم يصل إلينا بفارق زمني. وعليه فإن السماء ليست مشرقة كما ينبغي لأن الضوء القادم من أبعد النجوم لم يصل إلينا بعد. وهذا دليل على أن النجوم غير موجودة إلى الأبد وأن عددها ليس لانهائيًا."

في القرن العشرين وبالتحديد عام 1915، تمت ثورة علمية قادها ألبرت أينشتاين عبر نظريته "النسبية العامة" والتي مكنت عالم الفيزياء الأمريكي إدوين هابل في 1929 من اكتشاف أن الكون في توسع مستمر. هذا التوسع يجعل النجوم تتباعد فيما بينها فينتج عن ذلك ما يسمى تأثير دوبلير أي أن ضوء النجوم التي تبتعد عن مجرتنا يتحول نحو الطيف الأحمر الغير المرئي بأعيننا المجردة. وضوء النجوم التي تقترب من مجرتنا يتحول نحو الطيف الأزرق.

لقد تمكن العلماء في القرن العشرين من إعطاء تفسير لظلمة الليل بثلاثة عوامل مهمة ومتداخلة فيما بينها وهي:

* عُمر النجوم محدود ووجودها غير أبدي شأنها في ذلك شأن الكون برمته؛

* سرعة الضوء ليست لا نهائية وإنما تضمحل في الزمكان؛

* توسع الكون الذي يسبب تباعد النجوم.

الواقع أن السماء في الليل ليست مظلمة تماما. بل على العكس من ذلك يملؤها الضوء المنتشر والمنبعث منذ عشرات المليارات من السنين: ففي سنة 1964 تم اكتشاف "الإشعاع الأحفوري" وهو بقايا المصدر العظيم للضوء الذي انبثق فجأة من الكون الصغير جدًا. فبعد أربعمائة ألف سنة من "الانفجار العظيم"، انطلق الضوء فجأة من المادة التي أصبحت أقل كثافة. لا يزال هذا "الإشعاع الأحفوري" يتخلل كل الفضاء ولا ينطفئ أبدا: يحتوي كل سنتيمتر مكعب من الفضاء على حوالي 300 فوتون من الضوء المنبعث من الانفجار العظيم.

إذا كانت السماء تبدو لنا مظلمة غير مضيئة، فلأن أعيننا غير قادرة على استقبال "الإشعاع الأحفوري" الذي لا يدخل ضمن الطيف الكهرومغناطيسي المرئي بالنسبة للإنسان. فأعيننا تزيل إذن لمعان سواد الليل، وبذلك يكون الإنسان هو الذي أليل ليله لأن أعينه مظلمة. 



  • 2

   نشر في 02 يونيو 2024  وآخر تعديل بتاريخ 02 يونيو 2024 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا