ليس سراً أن الكثير من المواد الإباحية عنيفة، لكن الكثير من الناس لا يفهمون إلى أي مدى تؤثر مفاهيم الإباحية الأساسية على السلوك. الإباحية مليئة بأناس، وخاصة النساء، الذين يتعرضون لعدم الاحترام والإكراه والإيذاء الجسدي واللفظي، وهذا يشكل ويغير كيف يفكر المجتمع ويتصرف.

تحدثنا في المقال السابق عن كيف تغير الإباحية المواقف والآراء بشأن العنف والإيذاء اللفظي وحتى الجسدي. في هذا المقال نتحدث عن تشكيل الإباحية للسلوكيات.

أظهرت دراسة تلو الأخرى أن مستهلكي الإباحية العنيفة وغير العنيفة هم أكثر عرضة لاستخدام الإكراه اللفظي والمخدرات والكحول لإكراه الأفراد على ممارسة الجنس [7]. وقد وجدت دراسات متعددة أن التعرض لكل من الإباحية العنيفة وغير العنيفة يزيد من السلوك العدواني، بما في ذلك التخيلات العنيفة وارتكاب الاعتداءات العنيفة [8].

في عام 2016، قام فريق من كبار الباحثين بتجميع جميع الأبحاث التي يمكن أن يجدوها حول هذا الموضوع [9]. بعد فحص اثنتين وعشرين دراسة خلصوا إلى أن البحث أكد على أن الأفراد الذين يستهلكون المواد الإباحية بشكل متكرر أكثر ميلًا إلى تبني مواقف تؤدي للعدوان الجنسي والانخراط في أفعال يمكن أن تفضي للاعتداء الجنسي

إذا كنت تتساءل كيف بمجرد الجلوس على كرسي ومشاهدة فيلم إباحي أو صورة مثيرة أن يغير ما يفكر فيه الشخص ويفعله، فإن الإجابة تعود إلى كيفية تأثير الإباحية على الدماغ. تمتلك أدمغتنا ما يسميه العلماء "الخلايا العصبية المرآتية" - وهي خلايا دماغية تعمل وتتفاعل ليس فقط عندما نجرب الأشياء بأنفسنا، ولكن أيضًا عندما نشاهد أشخاصًا آخرين يفعلون أشياء [10]. هذا هو السبب في أن الأفلام الجزينة تجعلنا نبكي والأفلام المرعبة تشعرنا بالخوف. 

في الأساس، تسمح لنا الخلايا العصبية المرآتية بمشاركة مشاعر تجارب الآخرين أثناء مشاهدتها. لذلك عندما ينظر شخص ما إلى المواد الإباحية، يبدأ بشكل طبيعي في الاستجابة لمشاعر الممثلين الذين يظهرون على الشاشة. عندما يصبح المستهلك مثارًا، يعمل دماغه على توصيل مشاعر الإثارة معًا لما يشاهده يحدث على الشاشة، تقريبًا كما لو كان لديه التجربة بالفعل [11]. لذلك إذا شعر الشخص بالإثارة عند مشاهدة رجل أو امرأة يتم ضربها أو إيذائها لفظياً، يتعلم دماغ هذا الشخص ربط هذا النوع من العنف بالإثارة الجنسية [12].

مع الأسف هناك الأسوء، عندما تظهر المواد الإباحية ضحايا العنف الذين يبدو أنهم يقبلون أو يستمتعون بالأذى، يتم تغذية المشاهد برسالة مفادها أن الناس يحبون أن يعاملوا بهذه الطريقة، مما يمنح مستهلكي المواد الإباحية إحساسًا بأنه من المقبول التصرف بعدوانية [13].

وأخيراً

إذا كنت، أو تعرف شخصًا ما، داخل سجن الإباحية، فلم يفت الأوان بعد! من الممكن الإقلاع عن الإباحية واستبدالها بالعادات الصحية. يمكن أن يبدأ الدماغ في التعافي ، ويمكن لمستهلكي الإباحية استعادة القدرة على الشعور والاستمتاع بحياتهم مرة أخرى. والآلاف نجحوا بالفعل في العالم وعلى مستوى الوطن العربي مثل فريق واعي الذي يقدم الدعم والإرشاد مع برامج متعددة للعلاج وندوات ومسابقات ومحاضرات متعددة للشباب والشابات في بيئة مناسبة وسرية تامة وكذلك إرشاد الآباء والأمهات وكيف يوجهوا أبناءهم وينصحوهم. جزاهم الله خيراً كثيرا.

تذكر يا صديقي، أنت لست وحدك، هنالك كثيرون من حولك ينتظرون أن يمدوا لك يد العون متى ما أردت! لا تستسلم وتذكر #أنت_لست_شخص_سئ

تصفح بقية المقالات عن الإباحية

المصادر:

[7] Boeringer, S. B. (1994). Pornography and Sexual Aggression: Associations of Violent and Nonviolent Depictions with Rape and Rape Proclivity. Deviant Behavior 15(3), 289–304; doi:10.1080/01639625.1994.9967974; Check, J. & Guloien, T. (1989). The Effects of Repeated Exposure to Sexually Violent Pornography, Nonviolent Dehumanizing Pornography, and Erotica. In D. Zillmann & J. Bryant (Eds.) Pornography: Research Advances and Policy Considerations (pp. 159–84). Hillsdale, N.J.: Lawrence Erlbaum Associates; Marshall, W. L. (1988). The Use of Sexually Explicit Stimuli by Rapists, Child Molesters, and Non-Offenders. Journal of Sex Research, 25(2): 267–88. doi:10.1080/00224498809551459

[8] Wright, P.J., Tokunaga, R. S., & Kraus, A. (2016). A Meta-Analysis of Pornography Consumption and Actual Acts of Sexual Aggression in General Population Studies. Journal of Communication, 66(1), 183-205. doi:10.1111/jcom.12201; DeKeseredy, W. (2015). Critical Criminological Understandings of Adult Pornography and Women Abuse: New Progressive Directions in Research and Theory. International Journal for Crime, Justice, and Social Democracy, 4(4) 4-21. doi:10.5204/ijcjsd.v4i4.184; Allen, M., Emmers, T., Gebhardt, L., & Giery, M. A. (1995). Exposure to Pornography and Acceptance of the Rape Myth. Journal of Communication, 45(1), 5–26. doi:10.1111/j.1460-2466.1995.tb00711.x

[9] Wright, P.J., Tokunaga, R. S., & Kraus, A. (2016). A Meta-Analysis of Pornography Consumption and Actual Acts of Sexual Aggression in General Population Studies. Journal of Communication, 66(1), 183-205. doi:10.1111/jcom.12201

[10] Rizzolatti, G. and Craighero, L. (2004). The Mirror-Neuron System. Annual Review of Neuroscience 27, 169–192. doi:10.1146/annurev.neuro.27.070203.144230

[11] Hilton, D. L. (2013). Pornography Addiction—A Supranormal Stimulus Considered in the Context of Neuroplasticity. Socioaffective Neuroscience & Psychology 3:20767. doi:10.3402/snp.v3i0.20767; Doidge, N. (2007). The Brain That Changes Itself. New York: Penguin Books.

[12] Layden, M. A. (2010). Pornography and Violence: A New look at the Research. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 57–68). Princeton, NJ: Witherspoon Institute; Doidge, N. (2007). The Brain That Changes Itself. New York: Penguin Books; Malamuth, N. M. (1981). Rape Fantasies as a Function of Exposure to Violent Sexual Stimuli. Archives of Sexual Behavior 10(1), 33–47. doi:10.1007/BF01542673

[13] Bridges, A. J. (2010). Pornography’s Effect on Interpersonal Relationships. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 89-110). Princeton, NJ: Witherspoon Institute; Layden, M. A. (2010). Pornography and Violence: A New look at the Research. In J. Stoner and D. Hughes (Eds.) The Social Costs of Pornography: A Collection of Papers (pp. 57–68). Princeton, NJ: Witherspoon Institute; Marshall, W. L. (2000). Revisiting the Use of Pornography by Sexual Offenders: Implications for Theory and Practice. Journal of Sexual Aggression 6(1-2), 67. doi:10.1080/13552600008413310

[14] S. Aneloski, "How Consuming Porn Can Lead To Violence", Fight the New Drug, 2020