الحرية .. في عالم يحكمه صوت الرصاص! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الحرية .. في عالم يحكمه صوت الرصاص!

  نشر في 11 ماي 2022  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

شهداء برائحة الحرية

وكأن المشهد يأبى أن يُزاح خارج حدود الذاكرة، يُعاد كل لحظة وبتفاصيل أشد قسوة وضراوة! البطل فيه هو الفزع والخوف، وأما عن السيناريو فكتبه المحتل بدماء النخوة والشجاعة المغدور بها. الحق سقط قتيلًا على أرض المعركة التي لطالما شهدت على أرواح باسلة سلمت الراية لأجيال وأجيال، هي لم تسقط هباءً، بل لتُسطر صفحات الشرف والعزة والكرامة التي لم ولن يدركها أصحاب اليد الملطخة بالعار والخسة، وما أن تنتهي القصة، تبدأ قصة جديدة، لتضرب لنا أعظم آيات الثبات والدفاع، ثبات الإرادة أمام سيطرة الغريب، ودفاع شعب لن يقبل إلا بالنصر.

وفي عالم حكمه صوت الرصاص، أصبحت كلمة الحق فريسة المستعمر في كل الأرجاء، يتلذذ بالفتك بها مهما كلفه الأمر. طلقة واحدة تمكنه من هدفه، تقربه من حلمه في السيادة وتحصد أرواحًا لم تطمح إلا للحرية، والمؤسف أن تكون الحرية التي قاتل من أجلها أطهر شعوب العالم، هي قاتلهم الأول دون رحمة! وكأنها أبرمت اتفاقًا مع الخراب وعاهدت العدو على محاربة أصحاب الأرض والعرض، ليواجهوا طلقات الرصاص بأصوات لم تخف لومة لائم، ولكن الرصاص تمكن من إتمام مهمته على أكمل وجه!

لم يطمس الزمن صورة الشهيد محمد الدرة، بطل الطفولة وشعلة البداية في تكاتف الشعوب العربية بأكملها تجاه القضية الفلسطينية، مجرد ذكر اسمه يوقد نيران الغضب والثورة في قلوبنا النابضة بأمل الاستقلال. تفاصيل المشهد يرن صداه مع كل حرف من حروف اسمه الشامخ، لحظات الترقب والصدمة التي ملأت أرواحنا لم تدُفن بعد، ألم الحزن على طفولة كُتب عليها الفناء قبل أن تبدأ يُدمي الإنسانية، لتسقط هي الأخرى فريسة في يد الشر الملعون ليوم الدين.

ولم تتوقف العمليات الإرهابية بحق أطفال فلسطين عند هذا الحد، فجرائم العدو تزداد شراسة وتحصد المزيد والمزيد من قلوب لأجلها خُلفت السعادة.

ملامح الطفولة توارى الثرى وكلمة السر: وطن حر

أتساءل.. ما ذنب الطفولة؟ ما الدافع لقتل أبرياء أنقياء؟ هل ماتت الضمائر إلى هذا الحد؟! هل فقد الإنسان الخير فيه كي يفتك بأنامل تمسك بألعابها بدلًا من السلاح؟

القلب يحزن والعين تدمع، ولكن كلما تعالت صرخات الوجع، يزداد الإصرار على البقاء، وإن كان البقاء في سبيل الوصول إلى الحق في العيش بسلام، دون التأهب لهجوم أو قصف أو اختطاف بين الثانية والأخرى، في تنسم معنى الحياة بعد دهور من العدم، وفي إثبات الحق وإعلاء راية الفلاح، فلا تحسب أن أسلحة البشر قادرة على إخماد قوة شعب يدفع روحه ثمنًا لوجوده.

لم تنتهِ الملحمة ولم تخفت طبول الدفاع، فينضم الأبطال لقوافل الشهداء يومًا بعد يوم، دون ذرة تعب أو يأس واستسلام، ومع كل شهيد يسقط، تسمو درجات المقاومة أمام الصمت اللعين، صمت الشعوب العربية الذي فتح الأبواب لدخول كيان مخادع استحل حُرمة الأرض وشعبها الأبي، وصمت يظهر مدى جُبن الدخلاء، فلا حُجة لهم ليحاربوا بها، ولا منطق يسمح لهم بممارسة حقهم دون الدخول في حروب لا معنى لها، فتخرس ألسنتهم وتُثرثر أسلحتهم، وهم في ذلك أول الخاسرين ولو يعلموا، لينقلب عليهم التاريخ ويفسح الطريق لأرواح واجهت دون تردد، دون الاكتراث بغريزة الإنسان في البقاء، فلا بقاء بعد زوال الوطن، ولا حياة بعد موت الحقيقة.

11 مايو 2022 .. موت جسد وميلاد بطولة

بسترة واقية تحت شعار "الصحافة"، بنظرات ممزوجة بالذعر والرعب، وأثناء تأدية عملها وتغطية أحداث مخيم جنين بالضفة الغربية، استقبلت إحدى الصحافيات زميلتها التي سقطت عمدًا في غمضة عين، غارقة بدماء الأمل في غدٍ حر، ليتكرر مشهد "الدرة "وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بين أحضان الأب المسكين المناضل أمام أمطار الرصاص بقوة وألم على فقيده الصغير، ليكتب اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة صفحة جديدة في تاريخ البطولة الفلسطينية. ربع قرن قضته في نقل انتهاكات الاحتلال ومحاربته بكل ما تملك، وفي مشهد مهيب يؤكد جريمتهم مكتملة الأركان، وبه اخترق القتلة القوانين والأعراف الدولية، بتصويب "بندقية الموت" في رأس الصحافة التي لا يغفل لها جفن إلا بقول الحقيقة والواقع مهما اشتد سواده.

صحافية .. بدرجة الفرسان

"شهيدة الصحافة".. التي لم تبخل بصوتها في إنقاذ تراب الوطن من قبضة المستعمر، لم تخف وتتراجع عن كشف فسادهم وخططهم الشيطانية، فلم يجدوا إلا أن يتخلصوا منها بالقتل والفرار كالجرذان، ولكنه دليل على نجاحها في زحزحة أمنهم، أظهر الوجة الخبيث وأطاح بنظرتهم المتعالية بما يملكوه من أسلحة دمار شامل، ولكن مهلًا.. فإن تمكن بطشهم من محو أقوى جيوش الكون، فلن يقوى على سحق من تسلحوا بالإيمان في يوم العودة للديار.

الشعب الفلسطيني .. لا رهان

شعب تمسك بحقه ولن يفلته مهما جار عليه الزمن، وإن ماتت أجساد دافعت ولم تتهاون في كرامة أرضها، فلن يقتنص الموت كلمة الحق ولن تُفتح القبور إلا لمن حسب أنه الفائز على حساب أرواح قدمت أروع الأمثلة في التفاني والإخلاص. المستعمر نهايته مؤكدة لا محالة، الوطن مُحرر وإن تأخر خلاصه، والنهاية محسومة مهما حرفها المضللين، فلا تراهن على شجاعة لا تنضب وقلب وجد حياة نبضه في ثورته ضد المفسدين.

اليوم وبدموع الحزن والفخر.. نقدم بطولة أخرى لن يجرؤ الزمن على سحق أثرها، تضحية عظيمة وملامح باسمة مطمئنة، بداية لأبطال وأجيال لن يهدأ لها بالًا إلا بالثأر لدم شهيدة الواجب، ولأرض لن يشرق النهار إلا على ترابها.

رحلت شيرين، ولم ترحل الحقيقةـ 

يومًا ما.. ستجمعنا صافرات النصر، كما وحدنا ألم الفراق.


  • 5

   نشر في 11 ماي 2022  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

الله يرحمك شيرين ❤️❤️. الله يفرج الهموم يارب وحال العرب . مقال مؤثر .دام قلمك أخت نورا
0
نورا محمد
اللهم آمين يارب العالمين.. أشكرك أستاذتي على تعليقك الطيب

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا