" تقاليع العشاق "، معضلة الحب الفطري و " الدلع الفارغ "! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

" تقاليع العشاق "، معضلة الحب الفطري و " الدلع الفارغ "!

الحب .. ماذا إن طالت أنياب البشر عُذريته ؟!

  نشر في 29 ديسمبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

- " على عِش الحب، طير يا حمام " 

الحب..

الطاقة التي تخرج بالبشرية من الظلام إلى النور، من الجحيم إلى النعيم المؤكد، ومن العدم إلى الحياة كما يجب أن تكون، له قدرته الخاصة في سحق الحدود بين الخلق، وله قوة السحر في تهشيم معاني اليأس التي تقتنص البشري من حينٍ إلى آخر، أنت به تُلامس وجودك وبحق، ولكن، هل تغيرت طرق التعبير عنه حتى أصبحت مجرد " حركات طفولية " صرف أم أنها طرق مشروعة للخروج بمشاعر الود واطلاق سراحها؟ .. قد نجد الإجابة اليوم، بقليل من التعمق، والكثير من المحبة.

- " كلام أغاني "، هل اقتصر مفهوم الحب على أشعار يتغنى بها؟

مصر، 1959، خرجت فيها أعذب الألحان بأصدق الكلمات، ولروعة معناها أصبحت نشيد لكل العشاق، على أرض المحروسة، بل وفي الوطن العربي بأسره، أطلقها "العندليب الأسمر"  بقلبه الذي يفيض منه الإحساس، وتتلون معه الحياة بلونها "الوردي"، لم يجد من كلمات اللغة بأكملها ما يُعبر عن مدى هيامه لحبيبته سوى كلمة واحدة، قد تُخرج ما في صدره من "ولع" و "غرام". 

"أهواك"، وإن كانت مجرد كلمات تتغنى وفقًا لسيناريو لإخراج سياق المشهد في أبهى صورة له، وإن كانت "شغل أفلام"، فقد يجدها البعض خداع و"ضحك على الدقون"، ولكن أثرها دام وحفر في قلبك نبض المحبة وإن لم تجد محبوبك حتى الآن!، حالة خاصة من التعبير عن حرارة الحب التي اشتعلت ولم يُسمح لها بالانطفاء، لتصبح أيقونة العام، أيقونة زمن "الأبيض والاسود".

مرت الأيام والليالي، فغربت شمس "أهواك"، وسطعت شمس "دباديبو"، ومن حجم الاختلاف بين اسم كل أغنية تظهر الفجوة بين زمن احترم الحب، وزمن "بهت" عليه!، وبعد حقبة الخمسينات والستينات التي تمايلت معها القلوب في هدوء ورزانة، رقصت للمرة الأولى على ألحان وتوزيع جديد أشعل فتيل الهوى، حتى أصبحت الأغنية الرسمية للأفراح و"الليالي الملاح"، وبها انتفضت المحبة ولم تهدأ، أنغام شبابية بشكل يواكب العصر والجيل كانت هي كلمة السر، جيل التسعينات بأكمله لم يشهد لحظة أكثر سعادة من لحظة سماعهم لــ "يا ناس أنا دوبت في دباديبو"، ليكملوا بعدها بنفس الشغف "دباديبو دباديبووو"، بل ويشتد بهم الحماس ودون الإهتمام بشياكتهم وأناقتهم، الكبير والصغير، صاحب القصور والمُتخذ أرصفة الشوارع وطنًا له،  من بلغ من العمر أقصاه ومن خرج للحياة بتوهج الصبا، الجميع يخلع ثياب حقيقته وينطلق على النغمة.

ومنها أصبح التغزل بـ "العيون" و"الرموش" هي أصدق تعبيرات الحب، ولكن ماذا عما يستتر وراء هذه الملامح؟، التي حتمًا وستنتهي، ما الفكرة أن تقتصر المحبة في وصف ملامح بشرية زائلة؟، هل نعي معنى كل حرف يُقال أم أنها سلعة العصر؟، أهو دليل على هيام المحب في تفاصيل حبيبته لهذا الحد أم أنها محاولات لإنعاش العلاقات من غيبوبة الجمود والملل؟

أحد أشهر ثنائيات الجيل الذهبي " فاتن حمامة " و" عمر الشريف "

وحتى الأفلام طالت نصيبها من التعبير عن العشق والهيام، والتغيير في التعبير أيضًا ظهر وبقوة، فلن تجد حوار لفيلم يعود إلى الخمسينات مثلما تجده في أفلام تُعرض في يومنا هذا، كلمات الإطراء و الدلال اختلفت كثيرًا حتى أصبح ذكرها بمثابة "نكتة" تُقال من أجل الضحك والسخرية، فهل تجد "نور الفؤاد" أو "عشق الروح" من طبيعة عصرنا الحالي؟، هل تجد كلمات الإعتذار بين العشاق مستساغة في زمننا هذا؟، اليوم، تبدلت الكلمات وتترجمت بشكلٍ آخر، فأصبحت "قلبي يا ناس" هي بوابة الدخول لقلب الحبيبة، وحينما يشتد الإحساس ويصل لأقصى درجاته تصبح "يا بت إنتي مراتي"، اليوم، أصبحت لغة الحب بحروف جديدة، تتشكل كما يريد الجيل، ويخرج منها مصطلحات أخرى قد يجدها البعض غير ملائمة ولكنه واقع لا مفر منه.

- " الألفينات "، مذاق جديد للحب أم موضة لا تناسب القلوب؟

دخلت الألفينات "برجلها اليمين"، فلم تترك قلبًا إلا بوضع بصماتها عليه، فبدأت من أشكال الهدايا التي تُمنح للمحبوب كنوع من أنواع "التلميح" بالحب، كانت أبسط الهدايا التي تُقدم لإتمام هذه المهمة بنجاح عبارة عن "وردة"، التي تحمل الكثير من الود والنقاء والبراءة، بل قد يجدها الكثير إقرار رسمي بالإرتباط وعليه تبدأ ملحمة الحب المُشتعلة، وتُكتب قصة جديدة بكتاب العشاق، ولكن، اليوم أعطيتك إياها، فنظرت لي نظرة استنكار يُخالطه احتقار!

هل قيمتي عندك تُعادل ورقات تذبل؟! 

هل قصة حبنا تنتظر وردة لتُخلد عبر الأزمان؟! 

أين هدايا "الشئ الفلاني"؟! 

أين ماركة الهدية؟! 

أين الخاتم الألماس الذي أردته بالأمس؟! 

أين قيمة حبي في قلبك؟! 

إذن، أنت لم تعد تحبني، قصتنا كُتب عليها الفشل، إلى اللقاء!

حرب "السوشيال ميديا"، كيف تواجهها المشاعر؟.

هي أبسط الأمثلة التي توضح "أزمة" العصر، فلم يعد الحب يُقاس بمعناه الحقيقي، الأمان، الثقة، الإحترام والمشاركة، بل أصبح يُقاس بمدى غلو هدية "الفالانتين"،  بعزومة في أحد أكبر مطاعم العالم، وإن كان "الجيب مفلس"، على أضواء الشموع، وإن كان القلب "مُظلم"، ولكن "اللقطة" تستحق أن يضع الإنسان قناع لا يُمثله على الإطلاق، بصور في أفخم الأماكن ونشرها على وسائل التواصل الإجتماعي، التي بدورها لعبت دور في تغيير مفهوم الحب، فاليوم أصبحت هذه الوسائل منصة لعرض الحياة الخاصة بــ "حذافيرها"، دون الإلتفات لخصوصية العلاقة وقدسيتها، التي كانت قديمًا تُحاسب على إخراج تفاصيلها للأسرة، واعتبار ذلك كشف لأسرار البيوت وأصحابها، فما هو الهدف الذي ينتظره العشاق من خلال هذه التصرف؟، ما القيمة المرجوة منه؟، هل هو تسجيل للحظاتهم السعيدة التي يقضونها معًا أم أنه مُجاراة للعصر فحسب؟، ولكن نتائج هذا التصرف لم تكن في صالح الكثير والكثير ممن تابعوا رحلة حبهم العنيفة المقاتلة لتيار الأيام، حيث نتج عنه السخط على الحال والتمرد على الوضع، فقد أصبح كل ثنائي ينشر أبسط التفاصيل التي قد تكون عند البعض خارج مقدرتهم المادية، ومن هُنا تبدأ الطلبات التي لم يُحسب له حساب من قبل.

" شوف الفستان اللي لابساه فلانه ده بكام "

" حلو أوي الخاتم ده هاتهولي "

" هنعمل فرحنا في المكان ده "

" بص واقفين إزاي يلا نتصور زيهم "

" ليه مانروحش المالديف في شهر العسل زي فلان؟! "

حتى تتحول العلاقة إلى محاولات للتقليد الأعمى، إلى طمس هوية حب كل ثنائي، وفي نهاية المطاف تصطدم الأحلام بحائط الواقع الذي يُفتت مشاعرهم البريئة، كما كانت قبل هذا التحول العقيم الذي أطاح بشفافية نبضهم، حتى تفقد العلاقة وجودها وتُدفن على قيد الحياة!

- " عسل وطحينة "، آخر " بدع " عشاق 2021

خطوة جديدة للتعبير عن المحبة ولكن بــ " تدخل تكنولوجي " 

ضجت منصات التواصل الإجتماعي بأحدث طرق التعبير عن الحب، حيث لم يُدرك معناها في بداية الأمر حتى حسبه الكثير صورة لــ "عسل وطحينة"، كما رأيت الآن، ولكن إن أمعنت النظر قليلًا ستجده لأحد ثنائيات الحب!، ولكن كيف؟، ولِمَ ؟، وما الجدوى من ذلك؟

الفكرة تدور حول "الذوبان" بين العشاق، كدلالة على العشق الذي لا نهاية له، حيث تلتحم فيه قلوبهم فلا فراق يُدمي هواهم، وهو مرادهم في أن يظهر مدى قوة علاقتهم وصدقها، ولإثبات مقولة "أنا منك وانت مني"، حيث اكتشفوا ذلك في أحد المؤثرات التي تنفذها تطبيقات الصور الحديثة، التي سهلت الكثير والكثير، والفضل يعود لكبسة زر واحدة، يمكن بها ان تعبر عن حبك المشتعل وإن كنت لا تهتم بشانه، ويمكن محو الحب بأحد المؤثرات الأخرى!، فهل تجد الحب "أبلة" لهذا الحد الذي يُمكننا الاحتيال عليه؟، وهل هي الطريقة الأمثل في التعامل مع أطهر شعور يمر على الإنسان في دُنياه القاسية؟


  • 3

   نشر في 29 ديسمبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا