قرأت كتاب لاتهتم لصغائر الأمور، لا أعرف إن كان لنا أن نقسم الأمور إلى صغيرة وكبيرة وهل لشؤون الحياة مقاساً واحداً عند كل الناس . فإن العم أبومحمد الذي بلغ الستين من عمره وبلغ من العمر عتيا الذي يرى الحياة لم تعد تجدي نفعا، فما يراه صغيراً، هل سيشاركه في هذه الرؤية الشاب محمد الذي أرخى لحيته وشفرها من الجانبين على هيئة أولاد السلطان، وبيض بشرته وثنى سرواله الجينز الضيق، وأغلق منافذ أذنيه بسماعة بحجم خوذة رواد الفضاء ليسمع فيها رواد الفن. أتوقع أننا سنرى تبيانا كبيرا بين هذه الأجيال في النظرة للحياة.
ليس فقط الأجيال هي المسؤولة عن هذه الفرق في رؤية الأشياء، ولكن الظروف المعيشية والحياتية والثقافية والعادات والتقاليد والدينية. كلها أمور قد يصغر عندها الكبير وقد يكبر فيها الصغير، كيف لا، وستجد من يسعى لرزقه كدا وكفاحا، وكل يوم يمر آلاف المرات على كل أنواع الذل والقهر والمهانة، وفي نفس الوقت يرى المتنعمين في نفس المجتمع يزدادون جمعا للمال وجشعا وتغولا، على حساب هؤلاء الفقراء والمعدومين. فهل ياترى سيرى هذا الفقير وكذلك الغني الأمور بنفس المنظار من الصغر والكبر. ما أسهل أن نكتب وننظر في المثاليات التي لا تقدم ولاتأخر في ظل واقع وحياة مأزومة قاسية، أن يجد لقمة العيش التي ماعادت سهلة هو هذا الأمر الكبير ولن يراه الفقير إلا كبير ولن تفيد معه كل كتب الصغائر والكبائر. حتى الكبائر سيقترفها ليرى أولاده يأكلون ولايمسهم الجوع والخوف.
ويقول لك في الكتاب، انظر إلى هؤلاء الذين يقدمون لك الشر على طبق من جحيم، انظر لهم ببراءة واجعل لهم اعذارا، وتخيلهم أطفال أبرياء فهم يقدمون على فعل هذه الأمور بدافع طفولي وأناني. فكرت في أن أحمل في يدي ”مصاصة أطفال“ كلما رأيت واحدا من هؤلاء وضعت هذه المصاصة في فمة تصبيرة حتى أعد له ”رضاعة الحليب“ . هل يمكن أن يكون لهؤلاء هذا الوجه الملائكي البريء، أنا أشك في ذلك!!!!،
سيقفز أحد الذين مروا على آيات القرآن قائلا، ألا يتوافق هذا مع الآية الكريمة ”والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس“ ، الجواب نعم، أن أكظم الغيظ لايعني أبدا أنهم أبرياء ، فهم أخطأوا وفجروا في خصامهم، والعفو من عندي لايعني أنني لم أتألم وكاد قلبي يقف ”بجلطة قلبية“ عدة مرات. فالعفو: يعني أنني لن أمضي قدما في مخاصمة هذا الإنسان، وتنازلت عن حقي في الإنتقام، وسأتركة للحي القيوم الذي لاينام.
لن أهتم بصغائر الأمور، أنصح بقراءته بشكل انتقائي، فعليك أن تختار مايناسبك من الأمور التي تراها صغيره واتبع الإرشادات واللمحات التي قد تساعد على بناء فكرة صالحة للحياة.
القراءة متعة تغذي العقل والروح ، ولكنها لاتعمل بدون غذاء الجسد والحياة.
وسام مصلح
08/01/2016
-
وسام مصلحماجستير إدارة المكتبات والمعلومات - قارئ بشغف- أحب الكتابة