ولأنني لاطالما كنت مختلف عنهم قررت الفراق، أنصرف بفكري وروحي رغم تواجد جسدي داخل القطيع. في البداية كانت مجرد نظرات الغرابة تعتلي ملامحهم من الحين إلى الآخر ثم إزدادت مع الوقت لتصاحبها همسات، تلميحات ثم إيذاء مباشر..إحتويت نفسي رغم صغري فهربت من واقعي إلى الفن، أبتسم لمذهبهم في الحياة مدعيا الرضى والتقبل.. لم اتأقلم، كنت أنصرف ليلا إلى مضجعي لأنزع عني قناع البراءة والخضوع فأكون أنا..لم تكن طاقتي كافية للمواجهة بعد، الذئب كان لايزال جروا يخطط في صمت، يتعلم من كل شيء حوله حتى ظلم القريب..أعترف وأقول أن إحساس الإنتقام كبر معي عوض الحب، لم يسمح لي كبريائي يوما أن أنسى دموعا إنهمرت في ليالي طويلة، كان يعانقني فيها هدوء غرفتي التي لازالت تشهد جدرانها كم من حلم مات وكم من مشروع ألغي وكم من شخص تخليت عنه مرغما..كانت طيبة قلبي تغلب عن طباعي المكتسبة، شاركت الآخرين أحزانهم فغابوا عن أحزاني..فرحت لفرحهم فحقدوا وكرهوني في أفراحي..لم أفهم يوما كيف يفكر الآخر، لأنني لاطلما كنت ونيس نفسي، لم أرتح حتى للأهل..عشت في خوف حتى أصبحت دفاعيا في كل تصرفاتي ومعاملاتي وإن كانت سلمية، أستهلكت طاقتي في التفكير في المشكلة عوض الحل فإستطدمت بواقع أجبرني على الإقتناع بأنني لا أصلح للبقاء وسط هذا القطيع..قطيع يسوده النفاق، حب الذات والتفنن في تحطيم الآخرين، قطيع يرى الكل نفسهم فيه قادة، زعماء على رؤوس الضعفاء، قطيع تكون فيه الغلبة للقوي بخبثه والبأس لمن يسعى للأفضل له وللجميع، قطيع لاتهم فيه صلة القرابة ولا الأخوة، الأخ يبيع أخته و الأخت تبيع والدتها، الإبن البكر يتجبر ويطغى والأب يهرب ويتخلى..ببساطة لم أكن أنتمي إلى كل تلك الفوضى..سخطت على وضعي وعلى كل من وضعني فيه..يكمل