الزواج..داخل القطر العربي!! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الزواج..داخل القطر العربي!!

فكرة الزواج في عقول الجزء الأعظم من الشعوب الناطقة بالعربية.

  نشر في 13 يوليوز 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

لفظة "الزواج" عندما تقع على مسامع أي آدمي صنعه البارئ على أي بقعة من كوكبنا الأزرق، يستهل خياله بصور الحياة مع طرف آخر، حياة مليئة بالهدوء، المودة، الصبابة، التشاطر في الاهتمامات والمشاغل ومصاعب الدنيا وبداية مرحلة جديدة من حياته مع شريك يبادله العشق.

أمر طبيعي جداً بالمناسبة؛ فذاك الهدف من الزواج أصلاً. تعريف لفظة "الزواج" –طبقا للسوسيولوجيا (علم الإجتماع)- هو: إتحاد مدعوم إجتماعياً، يتكون من فردين، القصد منه تحقيق الإستقرار الدائم، وعادةً، فهو مبني جزئياً على ترابط جنسي بينهم.

والعقائد والشرائع ذكرت المودة والرحمة والاتحاد عندما تطرقت للزواج، فنجد مثلاً، قول الرحمن الرحيم في الآية رقم 21 من سورة الروم: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً". ونعثر أيضاً داخل الكتاب المقدس عن وصف للزواج بين طيات صفحات إنجيل متى: "إِذاً لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ".

فإختصاراً، ذاك هو الزواج، ذاك هدفه؛ ولهذا، يطمح عددٌ وافرٌ من شباب الأرض الذين يفقهون هذا المعني وهذا الهدف السامي من الزواج في الإقبال عليه.

أليس كذلك؟! حسناً، لا أخفيكم أمراً، قد أكون مخطئاً في جزءٍ من تلك الفقرة الأخيرة؛ فالعدد الوافر هنا هم الشباب الذين يسكنون خارج حدود منطقتي شمال إفريقيا وغرب آسيا.

هل تريد أن تعرف بِمَ يقترن الزواج داخل عقول الشعوب الناطقة بالعربية؟ حسناً، الإجابة يسيرة؛ إسأل نفسك هذا السؤال، ثم رُدّ، رُدّ على أطروحتك تلك.

على الأغلب، ستكون ردودك تسبح في حيز "المُزّعِجَات"، كالأعباء المادية في المستقبل القريب والمتعلقة بالطعام والملبس والمسكن أو في المستقبل البعيد بعد الرزق بالصغار، التخوف من عدم تناسب الشريك بسبب تضاد العقليات أو الهلع من خوض المعارك والمشاجرات مع الشريك التي قد تؤدي (لا، بل حتماً ستؤدي) إلى الانفصال في نهاية المطاف، وبداية عهد "المَحاكِم" بعد انقضاء عهد الزواج، وبالطبع تلك الأفكار عن الزواج تتواتر - بل وتزداد - بمرور العصور.

تلك القناعات الكائنة داخل عقول الشباب العربي المُقبِل على خطوة الزواج، والتي تتناقض بشدة مع مرمى الزواج الأساسي، زرعت بذور الكره نحو الزواج داخل قلوبهم والتي نبتت حتى أضحت غابات! فبالتالي نَفَذوا داخل مدى الارتباط الشرعي بصحبة البغض نحوه، فأصبح التزاوج بالنسبة لهم ليس إلا مرضاةً لشهوات جسمانية أو مادية، وهذا في النهاية نتيجته الحتمية هو الانفصال والتباعد بين الشركاء، ولذلك ارتفعت نسب الطلاق داخل معظم الأراضي العربية على هيئة مبالغ فيها!

فمثلاً، داخل الحدود المصرية، وحسب تقرير أعده الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء خلال عام 2018، يوجد 8 مليون إمرأة مُطَلَّقة! وحسب تقرير صدر من قِبَل وزارة التضامن أُعِدَ مؤخراً، أن 38% من حالات الانفصال حدثت بعد 3 سنوات من الزواج، و15% من الحالات وقعت بعد العام الأول! أي أن عدد لا بأس به من حالات الطلاق حدث عاجلاً، مثلما تم زواجهم عاجلاً دون دراسة على الأغلب رغبةً في تخفيف نار الرغبات المذكورة سلفاً.

ونبحث معاًَ داخل المملكة العربية السعودية عن تقديرات لنسب الطلاق، فنكتشف إحصائيات رسمية أُعِدَت خلال الثلث الأول من العام 2020 نُشِرَت في صحف مثل عكاظ وأخبار الخليج، والتي تُبّلِجَ علواً ملحوظاً في نسب الطلاق وصل حتى 30%!

ووِفقاً لتقرير صُنِعَ عام 2020 ونُشِرَ في جريدة عُمان أوائِل 2021، أن ما يقارب نصف الحالات التي استقبلتها المحاكم الرسمية داخل عُمان خلال العام 2020 هي حالات طلاق، مقارنةً بـ2% فقط تشمل حالات زواج!

وننهي جولة الأمثلة بالجزائر، حيث صَرحَ رئيس اللجنة الجزائرية للإتحاد الدولي أوائل العام 2020 ما معناه أن إحصائيات الطلاق في السنوات الأخيرة مُرعبة؛ حيث يتم تسجيل ما بين 57 ألف إلى 68 ألف حالة طلاق سنوياً بمعدل حالة طلاق كل 8 دقائق تقريباً!

إستناداً إلى تلك الأمثلة، نستنتج علو مخيف في نسب الطلاق على سطح أراضي الدول العربية، وأسباب تلك الحالات هي..كل أسباب الطلاق التى يمكن أن تفكر فيها تقريباً! قلة إنفاق من الرجل، عِناد وتمرد ونشوز من المرأة، قلة أو عدم تفاهم، تشاجر معظم الوقت..الخ

أصبح شباب القطر العربي، عندما يتعلق الأمر بالزواج، ينقسمون إلى معسكرين لا ثالث لهما؛ معسكر يريد الزواج، ولكن ليس إلا إرضاءاً وخفضاً لرغباته، متجاهلاً الأهداف والمساعي الأخرى التي يريدها الزواج مع بالطبع حمل قليلاً من البغض بسبب الأفكار المسمومة الموضوعة داخل عقله والتي تتناقض مع هدف الزواج كما ذُكِرَ سلفاً، أما المعسكر الآخر، فلا يريد حتى التفكير فيه، والسبب هو تلك المعتقدات الخاطئة نحوه، وتلك المعتقدات سيطرت عليه لدرجة أنه أصبح لا يبالي حتى بشهواته!

وإن سألتني عن سبب تلك الأفكار داخل عقول المعظم منّا، سأقول لك أن السبب ربما يكون هو سوء الأحوال الاقتصادية في بلادنا نظراً لمشكلات مثل التضخم وقلة الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية مقارنةً بباقي دول العالم مما يؤدي لارتفاع تكاليف الزواج وتكاليف ما بعد الزواج، وأيضاً التباين الثقافي بين شعب الدولة الواحدة مما قد يؤدي لقلة التقارب العقلي في بعض حالات الزواج.

إذا تغيرت وجهة النظر تلك نحو الزواج عند الجزء الأعظم منا، ويتجه النظر نحو التعريف والمَسّعَى الصحيح له، حينها تقل نسب الطلاق، ونحيا داخل مجتمعات صحية، ليس بها نساء دون عائل أو مصدر دخل، أو أطفال ضحايا وعرضة للاكتئاب أو التنمر بسبب تفرقة أبوين أخطئا التفكير - أو زُرِعَ بداخلهم مفاهيم خاطئة -. أتمنى كما يتمنى الجميع، أن تتصحح المفاهيم داخل أدمغتنا، ونفهم المغزى الصحيح من الأمور.




   نشر في 13 يوليوز 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا